يوسف العظمة وأهم إنجازات بطل ميسلون

حظيت سوريا على مر السنوات بتاريخٍ مليءٍ بالحروب والمعارك، إلا أن شجاعة أبنائها في المحن كانت مميزة في كل مرة. فقد ظهرت شخصياتٌ كثيرة تركت بصمتها في تاريخ هذا البلد العريق، كان أشهرها يوسف العظمة. هذا القائد العظيم الذي استبسل في معركة ميسلون وخسر حياته فيها بعد أن سطر بدمه مواقف بطوليةً عظيمة. لذلك لم تمت ذكراه حتى يومنا هذا وما زال اسمه مذكورًا في كتب الدراسة والشوارع والساحات أيضًا. مما يستوجب ضرورة تعريف الأجيال القادمة بما قدمه هذا القائد ليخلد اسمه بهذا الشكل على مر السنين. ونحن بدورنا سنطلعك في هذا المقال عن أهم المعلومات المتعلقة بشخصية يوسف العظمة وأهم إنجازاته.

من هو يوسف العظمة

هو يوسف بن إبراهيم بن عبد الرحمن العظمة، من مواليد عاصمة سوريا (دمشق) في عام 1884. وبرجه الحمل هذا البرج الناري الذي يتمتع صاحبه بالقوة، وهي إحدى صفات يوسف العظمة. كذلك اعتبر شخصية مولعةٌ بالقتال وقيادة الحروب، حتى أنه انضم إلى المجال العسكري منذ نشأته فقد درس في المدارس العسكرية آنذاك، مثل المدرسة الحربية في الآستانة والمدرسة العسكرية الرشيدية، ومدرسة أركان الحرب أيضا، إضافةً لمدرسة قله لي المتخصصة بالمجال العسكري.

استحق هذا القائد العظيم التميز منذ بداية عمله فهو أول شخصٍ تسلم وزارة الحرب في عهد سورية الحديثة. كما بدأ يوسف العظمة مشواره بعد تخرجه من إحدى مدارس اسطنبول الحربية بصفة ضابط عسكري. ومن ثم عمل مع السلطة العثمانية متنقلًا بين عددٍ من المدن التابعة لتركيا ولبنان وسورية. وبقي كذلك حتى وصل إلى سوريا ليشغل منصب أول وزيرٍ حربيٍّ بتعيينٍ من الأمير فيصل آنذاك. بعد استلامه لذلك المنصب شكل جيشًا مؤلفًا من 10 آلاف جنديٍّ مهمته خوض المعارك وحماية البلاد. لكنه لم يستطيع الصمود أمام الجيش الفرنسي الذي هاجم البلاد السورية بجيشٍ أكبر من الذي كان بقيادة يوسف العظمة. مما أدى إلى استشهاده في ساحة القتال على أرض ميسلون.

بدايات يوسف العظمة

"تمثال

كما ذكرنا في البداية أن يُوسف العظمة من مواليد دمشق في عام 1884 وتحديدًا في حي الشاغور، ويعود نسبه إلى عائلة ذات أصول تركية وهي عائلة جسن بيك التركماني، الذي جاء إلى دمشق ليؤسس عائلة آل العظمة بعد أن كان قائدًا للقوات البرية ضمن الجيش العثماني. أما عن والديه فهما إبراهيم بن عبد الرحمن العظمة وليلى شربجي.

خسر يوسف العظمة والده عندما كان في السادسة من عمره، فاحتضنه بعدها أخوه عبد العزيز الذي أشرف على تربيته. وبعد أن كبر قليلًا التحق بابتدائية الياغوشية، لينتقل بعدها إلى مدرسة الرشيدية المتخصصة بالدراسة العسكرية. وفي عام 1897 درس في الإعدادية ضمن دمشق، ومن ثم انتقل إلى إسطنبول وتابع دراسته في إعدادية (قله لي) وحصل منها على شهادة المرحلة الإعدادية. وبعد عامٍ من ذلك تابع دراسته في مدرسة الآستانة الحربية لينهي دراسته فيها ويتخرج برتبة ملازمٍ ثان.

الحياة الشخصية ليوسف العظمة

عن حياة يوسف العظمة الشخصية فقد تزوج من امرأةٍ تركية وأنجب منها ابنته ليلى، التي انتقلت إلى تركيا برفقة والدتها بعد وفاة والدها في معركة ميسلون.

إنجازات يوسف العظمة

في الواقع لدى البطل يوسف العظمة إنجازات كثيرة، لكنها منحصرة في مجالٍ واحدٍ بحكم عمله الدائم فيه منذ صغره. مما جعل تلك الإنجازات ضمن النطاق العسكري فقط، لذلك إليك أهم ما حققه يوسف العظمة Yusuf al Azma في تاريخه النضالي:

  • في عام 1905 تقلد أول رتبة عسكرية له وهي رتبة ملازم أول، وبعد ذلك بعامين أي خلال عام 1907 حصل على رتبة (يوزباشي أركان الحرب).
  • من ثم عيّن مدربًا مساعدًا ضمن مدرسة أركان حرب عام 1908.
  • أما خلال الفترة ما بين 1909 و 1911 فكان ليُوسف العظمة منصبٌ هامُ جدًا، الأول عندما عيّن معاونًا للمفوض السامي العثماني، والثاني عندما التحق بالمفوضية العثمانية الموجودة في القاهرة بصفة عسكري.
  • لن ننسى ذكر مشاركته في حرب البلقان عام 1913.
  • بعد هذه الخبرة العسكرية أصبح يُوسف العظمة رئيسًا لأركان الحرب لأكثر من فريقٍ عسكريٍّ تابعٍ للجيش العثماني. وذلك في مناطق عديدة مثل بلغاريا ورومانيا.
  • خلال فترة الحرب العالمية الأولى تقلد يوسف منصب رئيس أركان الحرب التابع للجيش التركي.
  • وفيما بعد أي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أصبح يوسف العظمة معتمدًا للعرب في بيروت، ومن ثم معتمدًا لأركان الحرب في سوريا حيث عمل بصفة قائم مقام.
  • وفي عام 1920  كانت أعظم إنجازاته عندما حصل على لقب الوزير الحربي لسوريا للمرة الأولى، وبعد ذلك أخذ على عاتقه مهمة تأسيس الجيش السوري بكل حرفية وخبرة.

مقتطفات من سيرة يوسف العظمة الذاتية في المجال العسكري

معركة ميسلون
معركة ميسلون

بما أننا تكلمنا عن قائدٍ عسكريٍّ فذ كَيوسف العظمة، لا بد من تخصيص فقرةٍ منفردةٍ عن ما قام به من نشاطات عسكرية، لتضاف إلى سجل بطولات يُوسف العظمة وسيرته الذاتية المشوقة. إليك أهم تلك النشاطات:

  • في عام 1908 بدأ يوسف العظمة بالعمل العسكري بصفة مدربٍ مساعدٍ في مدرسة الأركان حرب، ومن ثم انتقل إلى رومللي مع الجيش العثماني.
  • أرسل يوسف العظمة على ألمانيا في بعثةٍ تعليميةٍ ضمن المدرسة العليا لأركان حرب.
  • في خضم فترة نشوب الحرب العالمية الأولى كان ليوسف مكانٌ مرموقٌ في الجيش العثماني، فقد استلم حينها قيادة الفرقة الخامسة والعشرين التابعة للجيش، هذا ما جعله على علاقةٍ طيبةٍ بالمارشال الألماني ماكترون. لذلك عيّنه ممثلًا للجيش العثماني في هيئة أركان الحرب التابعة لألمانيا.
  • لم يعرف يوسف الاستقرار طيلة حياته فقد عاد إلى الآستانة ليصبح مرافقًا لوزير الحرب العثماني الذي كان فترتها هو أنور باشا.
  • في آخر محطات حياته العسكرية بعد أن تسلم منصب وزير الحرب في سوريا وقائد جيشها للمرة الأولى. خاض معركة ميسلون ضد الفرنسيين، تلك التي كانت غير متكافئةٍ من جميع النواحي كالعدة والعتاد. ومع أنه كان عالمًا بهذا الموضوع، إلّا أنه لم يستسلم وخالف رأي الأمير فيصل بقبول دخول الفرنسيين للبلاد واحتلالها. لذلك أخذ جيشه المبتدئ وواجه به جيش فرنسا المؤلف من 9 آلاف جندي، وخسر حينها وبقي وحيدًا في ساحة القتال حتى نال الشهادة.

وفاة يوسف العظمة بطل ميسلون

توفي القائد يوسف العظمة خلال مشاركته في معركة ميسلون التي جرت في تلك المنطقة خلال عام 1920. وهكذا قضى نحبه شهيدًا بعد تاريخٍ حافلٍ بالإنجازات ودفن مع الشهداء في مقبرتهم الخاصة بميسلون.

هكذا نكون قد وضحنا لك أهم ما يتعلق بشخصية يوسف العظمة وأهم إنجازاته. التي تثير تساؤلات كل مهتمٍ بمعرفة ما قدمه هذا القائد العظيم من بطولاتٍ وتضحياتٍ على الصعيد العسكري. حتى أصبح مثالًا يحتذى به لكل شجاعٍ ومحبٍ لتاريخ بلده. هذا يفسر توالي ظهور الأبطال على مر السنين فسوريا لم تنجب يوسفًا واحدًا بل ما زالت تأتي بالمزيد حتى يومنا هذا.

Scroll to Top