ما هي أركان الصيام

الإسلام هو نهج أنزله اللّه تعالى على عباده حتى تصلح أحوالهم في الدنيا، وتستقيم أعمالهم، ويقومون ببناء حياتهم وأعمالهم بناءً على أحكامه. وقد اصطفى جلَّ جلاله النبي محمّد صلى الله عليه وسلم، ليحمل لنا رسالة الإسلام. لذلك تعلّمنا جميع مبادئه وفروضه وأركانه وأحكامه. ومن هذه الأركان الصيام.

تعريف الصيام

الصيام ركن من أركان الإسلام، وهو فرض عين يؤديه المسلمين في شهر رمضان من كل عام، حيث يتم الإمساك عن الطعام والشراب من شروق الشمس، وحتى مغيبها.

وفي المعنى الحرفي اللغوي الصيام هو: الإمساك المطلق، أي القدرة على ضبط النفس، وهذه القدرة لا تشمل الإمساك عن الطعام والشراب فقط، إنما قد تكون صيامًا عن الكلام، أو صوم النفس عن كل ما هو رديء محرَّم. وهذا بالتحديد هو جوهر معنى الصيام في الإسلام.

والجدير بالذكر أنَّ الصيام قد لا يكون في شهر رمضان المبارك فقط، فهناك من يكون عليه نذر أو كفارة، فيؤديها بالصيام في أي شهر من شهور العام، إلا أنّه من المحرّم قطعًا الصيام في عيد الأضحى المبارك، وكذلك في عيد الفطر المبارك.

أركان الصيام

جميع الفروض في الإسلام تخضع لمجموعة من الشروط والأركان، وعلى كل مسلم التقيد بها حتى يلقى الرضى والقبول لعمله أمام الله تعالى. وقد حدَّد علماء الدين هذه الأركان، وهناك بعض الاختلافات بين المذاهب الأربعة، وسوف نذكر أركان الصيام في المذهبين الشافعي والمالكي، لوجود تشابه كبير بينهما، وفيمَ يلي ما ورد في هذين المذهبين عن أركان الصيام:

النية: وهي تعني أن نصدِّق في القلب على القيام بهذه الفريضة، أي أن نكون مقتنعين داخليًّا بوجوب الصيام، وأنّه فريضة علينا تأديتها، مخلصين فيها لله تعالى وراجين العفو والرضا منه سبحانه، لا أن نصوم فقط ترائيًّا أمام الناس، فالنية هي الركن الأساسي للصيام، ولا يصحُّ من دونه صيام المسلم.

الابتعاد عن المفطرات: وهو ثاني ركن للصيام، وهذا الركن هو معنى الصيام العملي، فالصيام هو الابتعاد عن المفطرات سواء أكانت طعامًا أو شرابًا، وكذلك ضبط جميع الرغبات البشرية الغريزية، والابتعاد عنها طوال هذا الشهر الفضيل.

ويُعفى من الصيام شرعًا، المرأة عند الحيض، وكل مسلم لديه مرض خطير أو مزمن ومستديم ويحتاج لتناول الدواء، فيكون الصيام في هذه الحالة خطرًا على صحة المريض.

والمفطرات نوعان:

  • حسية: وهي ما ذكرناه سابقًا، أي الطعام والشراب وحدوث علاقة جنسية بين الزوجين خلال الصيام.
  • معنوية: مثل الغيبة، والكذب، والنميمة، الشهادة الزور وغيرها.

الصائم: وهو عند الشافعيين أحد أركان الصيام، ويعني المسلم الذي يملك قدرة على الصيام، وهذا الركن غير موجود عند باقي المذاهب ( المالكية، والحنبلية، والحنفية).

أحكام الصيام

  1. تناول الطعام أو الشراب سهوًا: اختلفت المذاهب على هذا الأمر، البعض اعتبر أن الصيام قد فسد في هذه الحالة، والبعض أفتى بإتمام الصيام، الحنبلية والحنفية والشافعية، أجمعوا أن الأكل أو الشرب سهوًا لا يفسد الصيام، وأفتوا بإكمالهِ، في حين أنَّ المذهب المالكي أفتى بخرابِ الصيام، ولا يجوز إتمام باقي النهار.
  2. الصوم عن مسلم متوفى: وكذلك اختلف الفقهاء على هذا الحكم، وبعضهم أفتى بأنَّه لا يجوز والبعض الٱخر أفتى بجوازه، ولكن إجماعًا أفتى العلماء بأنّه من المحبَّب إطعامُ مسكينٍ في كل يوم من الشهر الفضيل عن روح الميّت.
  3. تأخر التطهر من الجنابة أوالحيض: يستطيع المسلم أو المسلمة الاغتسال ومن ثمَّ إكمال الصيّام.

توقيتات الصيام

وقد حدّدها الشرع، وهي: وقت بدء الشهر الفضيل، ووقت انتهائه، ووقت بدء الصيام، ووقت الإفطار، ووقت السحور، ووقت بدء الإمساك، وبشكل عام الوقت الشرعي للصوم هو من بزوغ الفجر، وحتى مغرب الشمس، ودخول الشهر الفضيل له علاقة بالسنة القمرية، ولدخول شهر رمضان المبارك، ينبغي أن ينقضي الشهر الذي قبله كاملًا. ويتم معرفة ذلك بمشاهدة الهلال في منزل القمر الأول، وقد يدخل علم الفلك في تحديد ذلك، ولكن تحديد توقيت دخول الشهر وتوقيت خروجه في الإسلام، يتم فقط من خلال رؤية منازل القمر، أو إكمال الشهر الفائت أي شهر شعبان الثلاثين يومًا.

جاء في صحيح مسلم، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: “لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن أُغمي عليكم فاقدروا له”.

أجر الصيام

يثاب المسلم على عبادة الصوم، ويضاعف اللّه تعالى حسناته، كلّما كان أدائه لهذه الفريضة بخالص النية، وكامل الخشوع، بعيدًا عن جميع المفطرات الحسيّة والمعنويّة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” كل عمل ابن ٱدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف ما شاء اللّه يقول اللّه إلا الصوم فإنّه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربِّه ولخلوف فمِ الصائم أطيب عند الله من ريح المسك”.

الإسلام دين اليُسر، وصومُ رمضان فريضةٌ على كل مقتدرٍ، والله عليم بأحوال عباده فلا يُكلفُ نفسًا إلّا وِسعها.

Scroll to Top