يواجه الإنسان في حياته الكثير من الأعراض والأمراض المزعجة والتي تتكرر من فترةٍ لأخرى حسب الظروف المحيطة بالشخص، ولعلّ الأمراض الهضمية من أكثر الحالات المرضية إزعاجًا وتكرارًا؛ حيثُ لا يمرُّ يومٌ إلا ويُدخِلُ الإنسان إلى معدته أشكالًا متنوعةً من الطعام والشراب التي تُشكِّل السبب الأساسي في حدوث بعض المشاكل الهضمية فضلًا عن التغيرات المناخية المحيطة بالإنسان والتقلبات المزاجية التي تؤثر على السبيل الهضمي من خلال التأثير على شلال الأعصاب الواصلة إليه، ولا يُمكن نسيان دور بعض الأمراض الهضمية وغير الهضمية والكثير من الأدوية التي يُمكن أن تسبب بعض التأثيرات الجانبية، وسأخبرك في هذا المقال عن الإسهال الذي يُعتبر من أهم المشاكل الهضمية وأكثرها شيوعًا، ولن أتوقف عند الحديث عنه فحسب بل سأُطلعك على علاجه وطرق الوقاية منه والحالات التي تُحدد ضرورة الحصول على الاستشارة الطبية.
الإسهال
يُعرَف الإسهال بأنه المشكلة الهضمية التي يتحول فيها البراز إلى كتلة لينة أو مائية بالإضافة إلى تكرار عملية التغوط بشكل غير طبيعي لأكثر من ثلاث مرات باليوم وما يُرافقه من حدوث تقلصاتٍ بطنيةٍ مؤلمةٍ ومزعجةٍ وانتفاخٍ للبطن، ولحسن الحظ فإن الإسهال العادي يستمر لفترةٍ قصيرةٍ لا تتجاوز بضعة أيامٍ.
متى يُصبح حصولك على الاستشارة الطبية ضرورةً لا بد منها؟
- إذا استمرّ الإسهال لأسبوعٍ أو أكثر فعندها يجب مراجعة طبيبك؛ لأن استمراره قد يُشير إلى وجود مشكلةٍ أكثر خطورةً كالالتهابات المعوية أو اضطراب الأمعاء العصبي أو الأخماج المتكررة أو كتأثير جانبي لدواءٍ تتناوله باستمرار.
- يستنزف الإسهال وجود الماء في جسدك وكما تعلم “لا حياة بلا ماء”؛ لذلك تتوجب الاستشارة الطبية السريعة إذا أُصبت بالتجفاف أو اقتربت منه.
- إذا شعرت بألمٍ شديدٍ في البطن أو المستقيم مصحوبٍ بالإسهال المستمر فيجب أن يُحدد طبيبك المشكلة الأساسية لهذه الأعراض.
- إن الإسهال العادي يتميز باللون الفاتح للبراز بسبب كثرة الماء فيه، ولكن إذا لاحظت تلونه بلونٍ غير طبيعيٍّ كالأخضر أو الأسود أو الأحمر أو الملطخ بالدم فعندها يجب أن تُجري الفحوص المناسبة التي يُحددها طبيبك.
- إذا ترافقت حالة الإسهال لديك مع ارتفاع درجة حرارة جسمك إلى 39ْ مئوية أو أكثر فيجب أن يفحصك طبيبٌ مختصٌ.
- إذا لم يتحسن الإسهال بعد 24 ساعة من حدوثه عند الأطفال الصغار فيجب استشارة طبيب مختص أيضًا.
أسباب حدوث الإسهال
- تناول بعض أنواع الأدوية؛ مثل بعض المضادات الحيوية واسعة الطيف بالإضافة إلى بعض مضادات السرطان ومضادات الحموضة الحاوية على المغنزيوم.
- العدوى الفيروسية؛ حيثُ يُسبب الفيروس المضخم للخلايا وفيروس نورووك وفيروس التهاب الكبد وفيروسات الروتا وفيروس كوفيد 2019 وغيرها إسهالًا؛ وتختلف طرق حدوث العدوى من فيروس لآخر.
- العدوى الجرثومية والطفيلية؛ حيثُ يحدث الإسهال عند تناول الطعام والشراب الملوثين ببعض أنواع المطثيات مثل المطثية الصعبة أو الإيشيرشيا القولونية أو المكورات العنقودية الرمية أو الكليبسيلا أو بعض أنواع الطفيليات مثل الجيارديا التي تُسبب ما يُسمى بإسهال المسافرين عند السفر إلى المناطق النامية خاصةً.
- عدم تحمل اللاكتوز؛ وهو مرضٌ يُرافق المريض منذ ولادته غالبًا ويتمثل بعدم قدرة الجسم على هضم سكر اللاكتوز الموجود في الحليب ومشتقاته، ويحدث الإسهال عندما يتناول المريض هذه الأغذية.
- عدم تحمل الفركتوز (سكر الفواكه) أو صعوبة هضمه عند بعض الأشخاص والحساسية الهضمية على بعض أنواع الأغذية.
- يُمكن أن تسبب المحليات الصنعية كالسوربيتول والمانيتول إسهالًا عند بعض الأشخاص.
- بعض العمليات الجراحية: كجراحات البطن واستئصال المرارة.
- اضطرابات معوية؛ مثل التهاب القولون التقرحي وداء كرون والتهاب القولون المجهري ومتلازمة الأمعاء الهيوجة أو متلازمة القولون العصبي التي تتميز بتناوب بين حالتي الإمساك والإسهال.
علاج الإسهال
إن الغالبية العظمى من حالات الإسهال العادية تُشفى خلال يومين فقط مع إتباع الحمية المناسبة والعلاجات المنزلية الناجعة، وبشكل عام تختلف طريقة علاج الإسهال حسب العامل المُسبب، وعندها سيصف لك طبيبك أحد الأدوية التالية:
- إذا كان سبب الإسهال عائدًا إلى الأدوية التي تتناولها فسيُخفض طبيبك الجرعة أو قد يستبدل الزمرة الدوائية إلى أخرى تُعطي نفس المفعول مع تأثيراتٍ جانبيةٍ أقلّ.
- إذا كان الإسهال ناتجًا عن عدوى جرثومية فيصف الطبيب بعض المضادات الحيوية للإنتانات المعوية كمشتقات النتروفوران مثل نيفوروكسازيد وفورازوليدون، كما قد يصف ميترونيدازول في علاج الإسهال الناتج عن الأميبا والجيارديا والإصابات الخمجية بالجراثيم اللاهوائية.
- إذا كان سبب الإسهال عائدًا لحالات مرضية أخطر كالتي ذكرتها في آخر بندٍ من الفقرة السابقة فعندها يجب استشارة طبيب مختص ووضع خطة علاجية دقيقة لعلاج السبب الأساسي.
- يُمكن إعطاء لوبيراميد إذا كان الإسهال مائيًا وحادًا وغير نوعيٍّ ولا تزيد مدته عن 5 أيامٍ بدون تطور أي أعراض أخرى؛ ويعمل لوبيراميد من خلال إبطاء حركة الأمعاء وتقليل فقدان الشوارد والأملاح.
- يُمكن أن تفيد البكتينات وساليسيلات البيزموت في تخفيف الإسهال أيضًا.
- تعويض الشوارد والأملاح: إن أهم خطوة خلال علاج الإسهال هي تعويض ما يفقده الجسم من سوائل حاوية على شوارد وأملاح وتجنب الوصول لحالة التجفاف قدر الإمكان، ومن الممكن أن يصف الطبيب الأدوية الحاوية على كلور الصوديوم وكلور البوتاسيوم وسيترات ثلاثية الصوديوم ثنائية الماء والغلوكوز اللامائي، كما يوجد بعض الأدوية الحاوية على بروبيوتيك المفيدة للأمعاء، وقد يصل الأمر لاستخدام محاليل وريدية إذا لم يستطع المريض تعويض السوائل والشوارد بالطرق العادية.
العلاج المساعد في حالة الإسهال
إذا أردت تخفيف حالة الإسهال والشفاء العاجل منها فمن المهم جدًا أن تتبع مجموعةً من النصائح التي جمعتها لك في سياق البنود التالية:
- عليك أن تشرب الكثير من السوائل كالماء والحساء والعصائر.
- يجب تناول الكثير من الأطعمة قليلة الألياف مثل الخبز المحمص والأرز المسلوق بالإضافة إلى البطاطا المسلوقة مع تناول الثوم النيئ الحاوي على مضاد التهاب طبيعي، كما يمكن تناول صدر الدجاج المسلوق من دون أي إضافات دسمة، ولا يُمكن نسيان شرب كوب من الشاي الخالية من السكر الحاوية على مواد قابضة ومواد مطهرة للسبيل الهضمي.
- تجنب تناول بعض الأطعمة التي يُمكن أن تزيد الإسهال مثل مشتقات الحليب والتوابل والأغذية الدهنية والزيوت والأطعمة الغنية بالألياف.
- من المهم مراقبة تطور أي أعراض أخرى ومراقبة تغير لون ورائحة البراز.
الوقاية من الإسهال
دائمًا ما نردد مقولة “درهم وقاية خير من قنطار علاج”، ويُعتبر الإسهال من أكثر المشاكل الصحية التي تنطبق عليها هذه المقولة، ولتجنب حدوث الإسهال يُفضّل الأخذ بالنصائح الآتية:
- الحفاظ على النظافة الشخصية والعامة وغسل الأيدي جيدًا بالماء والصابون بعد الخروج من المرحاض وقبل تناول الطعام وخاصة بالنسبة للأطفال.
- تجنب تناول الأطعمة المكشوفة أو المُجهزة في أماكن مشكوك في نظافتها.
- غسل الخضار والفواكه جيدًا قبل تناولها.
- عدم مخالطة المرضى الذين يُعانون من أمراض مُعدية.
- الابتعاد عن السباحة في المسطحات المائية التي تُصب فيها مياه الصرف الصحي.
- من الممكن إعطاء لقاح ضد فيروس الروتا وهو المسبب الأكثر شيوعًا للإسهال عند الأطفال وذلك بعد استشارة الطبيب.
- على المسافرين الانتباه للطعام الذي يأكلونه ويُفضَّل أن يتناولوا فقط الطعام المطبوخ جيدًا والساخن ويتجنبوا الفواكه والخضروات النيئة إذا لم يتأكدوا من نظافتها، كما يُفضل أن يتجنبوا تناول اللحوم النيئة والحليب ومشتقاته، وشرب المياه والمشروبات المعبأة بزجاجات جاهزة ومختومة والابتعاد عن شرب المياه من الصنبور، ومن الجيد إبقاء الأفواه مغلقة خلال الاستحمام.
- يُمكن للمسافرين الاطلاع على مواقع رسمية خاصة بكل بلد يُدرَج فيها أهم التحذيرات المتعلقة بالصحة والبيئة والأمراض المعدية والمنتشرة في البلد المقصود.
إن الإسهال من المشاكل الصحية الشائعة جدًا وقصيرة الأمد في معظم الحالات والتي يوجد لها الكثير من الحلول لذا لا داعي للقلق وما عليك إلا أن تتوخى الحذر وتتبع أساليب الوقاية والعلاج التي ذكرتها.