كما يشهد عالم الموضة مع بداية فصل الشتاء من كل عام رواج أنماط متنوعة من الملابس والأحذية والتسريحات وغيرها، فإن المجال الصحي يشهد رواجًا في بعض الأمراض أيضًا؛ والتي قد تُسببها أنواع جديدة أو معروفة من الفيروسات أو الجراثيم أو الطفيليات أو التي قد تنتج عن الظروف الجوية القاسية بشكل مباشر، فيمكن أن نلاحظ ولادة أمراض جديدة أو عودة أمراض تتكرر في كل شتاء، وسأحدثك في هذا المقال عن أكثر الأمراض رواجًا في فصل الشتاء.
التهاب المعدة والأمعاء
وهو من الأمراض الهضمية الحادة التي تتميز بحدوث الغثيان والإقياء والإسهال، ويعود سببها إلى التغيرات الجوية المفاجئة أو العدوى بجراثيم أو فيروسات أو طفيليات تنتقل عبر الأطعمة الملوثة أو بسبب عدم المحافظة على النظافة الشخصية، وهو شديد العدوى لذلك ينتشر بسرعة بين طلاب المدارس، ومن المهم إتباع الحمية قليلة الدسم والسكريات الصنعية والإكثار من السوائل الدافئة وتعويض الشوارد المفقودة مع القيء والإسهال، بالإضافة إلى الراحة في المنزل والحفاظ على النظافة الشخصية، ولا تقلق فغالبًا ما تختفي الأعراض خلال يومين.
الأمراض التنفسية
إن الجهاز التنفسي هو الأكثر تأثرًا بالتغيرات الجوية؛ فهو الطريق الأساسي للتبادلات الهوائية بين الجسم والوسط الخارجي، ويمكن أن تحمل التيارات الشتائية الباردة العديد من العوامل الممرضة التي يقوم الجهاز التنفسي باستقبالها مما يجعل الأمراض التنفسية هي الأكثر انتشارًا في هذا الفصل، ولتتعرف على أهم هذه الأمراض يمكنك قراءة الآتي:
الرشح أو الزكام أو نزلات البرد:
وهي الحالة المرضية الأكثر رواجًا في كل شتاء، وتتميز باحتقان الجيوب الأنفية مما يُسبب انسداد الأنف والسيلان بالإضافة إلى العطس وارتفاع الحرارة كما يُمكن أن تترافق أحيانًا مع الصداع والسعال ويمكن أن تتطور إلى التهاب الحلق وغيره من المشاكل التنفسية، ويتوجب على المصابين الراحة في المنزل والإكثار من السوائل وتقتصر المداواة على تخفيف الأعراض وتقوية الجهاز المناعي بإتباع نظام غذائي غني بفيتامين C وE وغيرهما، ولا تتطلب العلاج بالمضادات الحيوية لأن العامل المسبب فيروسي إلا إذا ترافقت مع أمراض جرثومية أخرى كالتهاب الحلق العقدي.
الإنفلونزا:
وهي مرض فيروسي يشبه بأعراضه نزلة البرد ولكنه أشد وأكثر خطورة منها، وتمتد آلامه على كامل الجسم ويحتاج المريض وقتًا أطول للتعافي، ويتطلب في العديد من الحالات تلقي علاج بمضاد فيروسي مناسب والراحة التامة في المنزل.
ذات الرئة أو الالتهاب الرئوي:
وهو من الأمراض التنفسية الخطيرة نسبيًا والرائجة في كل شتاء، وتُسببها جراثيم المكورات الرئوية (Streptococcus Pneumonia)، والتي تُسبب التهابًا في الرئة قد يتطور إلى التهاب الأذن والجيوب الأنفية أو التهاب السحايا أو تجرثم الدم في حال عدم تلقي العلاج المناسب، وتختلف الأعراض حسب مكان الإصابة ولكنها تشمل عمومًا: الحمى وضيق في التنفس وآلام في الصدر والسعال وتيبس الرقبة وآلام في المفاصل وقشعريرة، وتعتبر ذات الرئة مرضًا خطيرًا ويستوجب العلاج الفوري لأنه قد يؤدي إلى فقدان السمع أو تلف في الدماغ أو قد ينتهي بالموت.
التهاب القصبات والقصيبات المُسبب بواسطة فيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV):
وهو من الأمراض الشتوية الرائجة وكثيرة الحدوث عند الأطفال دون السنة ولدى المسنين ومُضعفي المناعة، وتتجلى أعراضه بارتفاع درجة الحرارة والصفير وضيق التنفس وسيلان الأنف وانخفاض الشهية ونقص النشاط عند الأطفال.
التهاب الحلق العقدي:
قد يحدث التهاب الحلق بسبب أحد أنواع الجراثيم أو الفيروسات أو عند التعرض للمواد المُحسسة أو المخرشة المسببة للتقطير الأنفي الخلفي، ولكن يُعتبر التهاب الحلق الذي تسببه المكورات العقدية من أسوأ حالات التهاب الحلق وأكثرها انتشارًا في الشتاء والذي يُمكن أن يتطور إلى التهاب اللوزتين أيضًا، ويتميز بالأعراض التالية: ألم وصعوبة عند البلع والحمى و سيحدث عند ترافقه مع التهاب اللوزتين احمرارهما وتورمهما مع ظهور الصديد عليهما وتضخم العقد اللمفاوية.
جائحة كورونا:
لقد هلَّ علينا شتاء عام 2019م حاملًا معه هذه الجائحة الخطيرة، وهي تتجلى بأمراض تنفسية، تنتج عن العدوى بفيروس Covid-19 المستجد والذي يلفه الكثير من الغموض الممزوج بالخوف والقلق، ويُسبب مجموعة من الأعراض التي تتراوح شدتها ما بين البسيطة والخطيرة التي قد تنتهي بالوفاة، وما تزال الدراسات حول أعراضه ومضاعفاته وطرق الوقاية والعلاج ومُستمرة حتى الآن.
الأمراض الوعائية الرائجة في الشتاء
عند انخفاض درجات الحرارة تتقبض الأوعية الدموية وتتضيق مما يُخفض التروية الدموية لأطراف الجسم كاليدين والقدمين وخاصة الأصابع بالإضافة إلى الرأس وخاصة الأذنين والأنف، وتُصبح هذه الأجزاء مُتيبسة ومتصلبة وشديدة البرودة وشاحبة ويسري بها إحساس بالتنميل والخدر وتُسمى هذه الحالة بالتثليج أو عضة البرد.
الأمراض المفصلية والعضلية في الشتاء
الروماتيزم:
وهو مرض مناعي ذاتي؛ حيث يحدث في الجسم فرط استجابة من قبل الجهاز المناعي فيقوم بمهاجمة أجزاء معينة من الجسم وخاصة المفاصل، وغالبًا ما يتم تشخيصه في فصل الشتاء لأن الجو البارد يحفز زيادة ظهور أعراضه ويزيدها سوءًا.
الألم الليفي العضلي:
وهو من أكثر الأمراض الشتوية رواجًا وشيوعًا عند النساء، وغالبًا ما يرافقه إرهاق ومشاكل في الذاكرة وتقلبات في المزاج.
آلام مفصل الركبة:
يحدث في الجو البارد زيادة كبيرة في حساسية أعصاب مفصل الركبة، بالإضافة إلى حدوث تغيرات فيزيائية في سائل المفصل حيث يصبح أكثر لزوجة مما يجعل المريض يعاني من تيبس المفصل وصعوبة نسبية في تحريكه، ولا يمكن أن ننسى حالة الخمول وقلة الحركة والنشاط التي ترافق أغلب الناس في فصل الشتاء والتي تؤثر سلبًا على مفصل الركبة، ويجدر التنويه إلى أن المرضى الذين يعانون من نقص فيتامين د وهشاشة العظام أو أمراض القلب أو الكبد أو السكري أو الكلى هم الأكثر عرضة للمعاناة من آلام مفصل الركبة في الشتاء.
وفي ظل ظهور عوامل مرضية جديدة تسبب أمراضًا غير معروفة من المهم تقوية الجهاز المناعي والحفاظ على النظافة الشخصية والعامة والابتعاد عن المصابين بالأمراض المعدية؛ فالوقاية هي السبيل الأمثل لاتقاء المرض في أي فصل كان.