السدود في المملكة العربية السعودية هي موضوع مقالنا لهذا اليوم. منذُ أن عرف الإنسان القديم الزراعة، بدأ بالبحث وابتكار وسائل جديدة لاستثمار المياه. حيث استعملها في الرّي بمواسم الجفاف، أو استخدامها في الشّرب أو الحياة اليومية.
عمدَ الإنسان إلى تخزين المياه بسدود بدائية أو كما يقال عنها بسيطة، تعتمد على تقنيات سهلة. وذلك عن طريق حجز المياه بأغصان الأشجار أو الأخشاب. إلّا أنّ هذهِ السّدود كانت ضعيفة، وذلك بسبب العوامل الجوية الصّعبة، بالإضافة إلى فيضان الأنهار في مواسم المطر. ومع مرور الزّمن وفي كلّ مرحلة، تطورت السّدود، واستعمل فيها تقنيات هندسية.
وفي العصر الحديث قامت المملكة السّعودية ببناء السّدود تبعًا لدراسات علميةٍ متطوّرة، وأبحاثٍ هندسيةٍ تعتمد على دراسة التّربة، وطبيعة الأرض. بالإضافة إلى حقنها بالإسمنت المقاوم، واستعمال مواد خاصّة تقاوم الرّطوبة والزلازل، ويراعى فيها عوامل الأمان والسّلامة.
تُشرف وزارة البيئة في المملكة على السّدود المائية، ونظرًا لقلّة مصادر المياه، أطلقت المملكة حملة بناء وتأسيس السّدود في مختلف إماراتها، لتجميع أكبر قدر ممكن من المياه في موسم الهطل، واستثمار الماء المحصود في الاستخدامات الشّخصية عندَ حلول موسم الجفاف، وتعتبر منطقتي المدينة المنورة ومكّة المكرمة من أكثر المناطق الّتي تحوي السّدود.
وفي المقال هذا سنتحدّث عن السدود في المملكة العربية السّعودية، والكثير من المعلومات حول ذلك.
السّدود (أعدادها، أسمائها) في مناطق ومحافظات السّعودية
وفقَ إحصائيات عام ألفين وسبعة عشر، كانَ عدد السّدود في المملكة بحدود خمسمائة وثمانية سدًّا، تخزّن حوالي ملياران وثلاث مائة مليون متر مكعب من الماء.
وإليكم أعداد السدود في المملكة العربية السعودية
- العاصمة الرّياض: عدد سدودها حوالي مئة وثلاث سدًّا، ومن أبرزها (وادي حنيفة، العلب، الحجري، السبعين، ثادق، وادي نمار، العلب، حريملاء).
- مكة المكرمة: تحوي سبعٌ وخمسون سدًّا، ومن أهم سدودها (وادي قنونا، وادي النّظر، داماء، وادي رابغ، سويس الأعلى، الدّرويش، السّديد، العاقد، بالإضافة إلى العقرب).
- المدينة المنورة: عدد سدودها واحد وأربعين، ومن أشهرهم قاع حظوظا.
- الحدود الشّمالية: فيها إحدى عشر سدًّا، ويعدّ وادي عرعر من سدودها الهامة.
- منطقة عسير: تحوي أكبر عدد من السّدود في المملكة، بكميّة وقدرها مئة وسبعة عشر، ومنها (أبها، عتود، وادي جرية وبيشة، وسد الملك فهد بن عبد العزيز).
- وفي نجران يوجد سبعة وعشرين سدّ، ومنها (المضيق، وادي نجران).
- بينما جازان تحوي ثلاثة عشر سدًّا، أبرزها (وادي بيش، وادي جازان).
- وكذلك يوجد في قصيم ثمانية عشر سدًّا، مثل (وادي الرّمة)، وفي حائل يوجد ستة وأربعين سدًّا، أهمّها العقدة.
ما أهميّة السدود في المملكة السّعودية؟
يوجد عدّة أهداف لإنشاء السّدود في السّعودية، ومنها:
- تأمين مياه الشّرب للمواطنين، بعدَ تنقيتها وتكريرها، وتوفير حاجة المزروعات والمواشي من الماء اللازم لها من خلال الضّخ المباشر لمناطق السّكن والزّراعة.
- توفير الحماية للمدن والقرى المُجاورة للوديان والجبال، حيث أنَّ السّدود تقلل من خطر الفيضانات، وتوقف زحف الماء السريع للمنحدرات.
- ضمان تغذية المياه الجوفيّة في المناطق الجافّة، وبالتالي توفير الماء العذب للمواطنين من خلال ضخ مياه السّدود للآبار المجاورة لها.
أنواع السّدود في المملكة تبعًا للناحية الإنشائية لها
بسبب اختلاف التضاريس في المملكة، وتنوّعها ما بين جبال وسهول ووديان وهضاب، قامت الدّولة بإنشاء السّدود بحسب طبيعة وجغرافية المنطقة، ونوع صخورها وتربتها، وذلك لضمان ثبات السّد، وتقليل مخاطر انهيارهِ، ورفع مستوى استيعابهِ للماء، وهذهِ هيَ أنماط السّدود في نواحي المملكة:
- سدود ركامية.
- سدود جوفية.
- سدود خرسانية.
- سدود ترابية.
لماذا بناء السدود أصبحَ حاجة ضرورية في المملكة السّعودية
كانَ لامتداد أراضي المملكة على مساحة واسعة من الأرضي الصّحراوية، وغلبة المناخ القاري والجاف عليها، سببًا في قلّة الماء العذب، بسبب انخفاض المعدّلات السّنوية لتساقط الأمطار.
وبهذا لا بدّ من وجود حلول جذرية، تُساعد في استثمار وحصد الأمطار القليلة الّتي تتساقط في المملكة، من خلال السّدود المائية، المُقامة في المناطق الوعرة والمنخفضة.
وطبعًا مع قلّة الأنهار دائمة الجريان في المملكة، تم تأسيس أغلب السّدود في مناطق أخرى، حيث يتم تجميع مياه الأنهار المؤقتة، وتخزينها لوقت الصّيف الحارّ.
معدّلات تساقط الأمطار وتجميعها في السّدود السّعودية
جمعت السّدود في المملكة كمية من الماء تقدّر بثلاثة وستون مليون متر مكعب، وذلك بسبب الهطولات الغزيرة نسبيًا في عام 2025.
وقد كانت أعلى نسبة هطولات في شهر أبريل من نفس العام، فمعدّل الهطل في الشّهر هذا، ساهمَ بشكل كبير في رفع مستوى الماء في السّدود.
وبالرّغم من هذا إلّا أنَّ معدّل صرف الماء في الشّهر نفسه كان كبير، حيث تم تصريف تقريب ثمان وثلاثين متر مكعب من الماء.
هل يوجد مصادر أخرى لتوفير الماء في المملكة السّعودية؟
قامت الجهات المسؤولة في المملكة بالعديد من الأعمال لتوفير الماء العذب، حيث عملت على إنشاء محطّات تحلية مياه البحر، من خلال عمليات التّقطير، وكذلك القيام بعملية تكرير مياه الصّرف الصّحي، وتنقيتها من الشّوائب، ثمَّ استخدامها بالأعمال الزّراعية.
وعملت أيضًا على القيام بعمليات الاستمطار الصّناعي، من خلال رشّ مواد كيميائية على الغيوم (مثل نترات الفضة)، فتمدد الغيوم وتسقط الأمطار على مناطق واسعة، وبدورها تتجمع الأمطار في السّدود التّجميعية.
وفي ختام مقالنا سنقول أنَّ الماء مصدرُ الحياة، وهيَ المقوّم الأساسي للعيش، لذا يجب علينا الحرص عليها، وعدم الإسراف في استعمالها، وخفض نسبة هدر الماء إلى أقصى الدّرجات.