إن الصيدلة من أروع المهن التي يمكن أن يمارسها المرء، ولو عاد بي الزمن مئات من المرات لن أدرس غيرها، فليس هنالك ألطف من ذلك الشعور الذي يأتيك مع دخول مريضٍ يُقدم إليك أفضل الشكر لأنه شُفي من عرض أو مرض بعد تناوله لدواءٍ من بين رفوف صيدليتك، ستشعر عندها بسحر المواد الكيميائية والنعمة الإعجازية التي مكنت الإنسان من اكتشافها واستخدامها لصالحه، ووسط هذا التفاعل الغريب للأدوية المتنوعة مع الكم الهائل من الحالات المرضية والأعراض المختلفة تبقى الكحة الجافة من أشيع الأعراض التي يمكن أن يصادفها أي صيدلي، وسأحدثك في هذا المقال عن أفضل علاج للكحة الجافة يمكن أن يتوفر في الصيدلية بالإضافة إلى التعريف الواضح بالكحة الجافة وأسبابها.
تعريف الكحة الجافة
هي عرض لبعض الأمراض التنفسية أو الهضمية أو التحسسية أو غيرها، وتتمثل بالسعال غير المرتبط بخروج إفرازات والذي يترافق مع الإحساس بوجود شيء مزعج أو مدغدغ في الحلق أو البلعوم أو بوجود تورم واحتقان في أحدهما، وتختلف شدته ومدة استمراره من حالة مرضية إلى أخرى حسب العامل المسبب، وقد تؤدي الكحة الجافة إلى حدوث أعراض أخرى كالصداع أو تخريش الحلق أو انزعاج وصعوبة في النوم أو الدوخة والدوار والتعب، كما قد يسبب آلام في الصدر وتهيج الرئتين أو قد يصل لدرجة التقيؤ أو السلس البولي أو حتى انكسار بعض الأضلاع.
أسباب الكحة الجافة
- قد تنتج الكحة الجافة كتأثير جانبي لبعض أنواع الأدوية، وأهمها الأدوية الخافضة لضغط الدم الشرياني التابعة لزمرة مثبطات الأنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين1، ومن أشهرها: كابتوبريل، إينالابريل، ليزينوبريل، بيريندوبريل وغيرها، ويكون العلاج بعد نفي الأسباب الأخرى للكحة الجافة بالإيقاف التدريجي لهذه الأدوية بعد استشارة طبيب واستخدام أدوية من زمر دوائية أخرى لخفض ضغط الدم مثل المدرات أو حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين٢ أو حاصرات بيتا…
- وجود حالة التهابية في الحلق بسبب الإصابة بفيروس الإنفلونزا أو فيروس كورونا أو جرثومة السعال الديكي أو غيرها.
- تخريش الحلق أو المجاري التنفسية نتيجة استنشاق مادة كيميائية مخرشة أو مادة محسسة تسبب تهيج الجهاز التنفسي.
- الإصابة بالربو الذي يسبب تضيق المجاري الهوائية وتهيجها والتهابها مع نوبات من الكحة الجافة الشديدة وأعراض أخرى.
- القلس المعدي المريئي (GERD).
- داء الانسداد الرئوي المزمن .(COPD)
- بعض الأمراض القلبية.
- التليف الرئوي مجهول السبب.
- حادثة الشفط للطعام أو الأجسام الغريبة.
- توسع القصبات.
أعلى النموذج
علاج الكحة الجافة باستخدام أدوية من الصيدلية
- إذا كان سبب الكحة الجافة هو الإصابة الجرثومية أو الفيروسية فيجب التوجه إلى الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة وتحديد نوع الجرثومة أو الفيروس المسبب، ثم توصف -بوصفة طبية حصرًا- المضادات الحيوية كالأموكسيسيلين أو البنسلين أو إحدى أدوية زمرة السيفالوسبورينات أو الكينولونات أو غيرها حسب نتيجة الفحص، كما يُمكن وصف المضادات الفيروسية كالأوسيلتاميفير إذا ثبت أن المسبب هو فيروس محدد.
- إذا كان العامل المسبب هو مادة مُحسسة كالغبار أو الدخان أو حبات الطلع مثلًا أو مادة مخرشة كالمواد الكيميائية أو العطور القوية، فعندها يُمكن إعطاء إحدى الأدوية المضادة للهيستامين مثل لوراتادين أو ديسلوراتادين أو كلورفينيرامين -الذي يُعطى بشكل حقن عضلية عند تفاقم الحالة التحسسية وتحوُّلها إلى صدمة تآقية-، كما يُمكن إعطاء الأشكال الصيدلانية الحاوية على أوكسوميمازين أو بوتاميرات سيترات الذي يتواجد بشكل شراب فقط، كما يوجد مضادات تحسس أخرى مثل ليفوسيتريزين وسيتريزين وفيكسوفينادين وديفنهيدرامين وبيزوتيفين وديكسكلورفينيرامين وكيتوتيفين وهيدروكسيزين وسيبروهيبتادين؛ وجميع هذه الأدوية تُعتبر OTC أي أدوية يُمكن أن تُصرف من قبل الصيدلي حتى من دون وجود وصفة طبية.
- ومن الأدوية التي يعشقها كل صيدلي تقريبًا هي الأشكال الصيدلانية الحاوية على الخلاصات النباتية مثل الخلاصة الجافة لأوراق اللبلاب أو نبتة العشق كما تسميها الأساطير القديمة، وتُعتبر الأدوية الحاوية عليها من أكثر الأدوية أمانًا للمرأة الحامل أو المرضع أو الأطفال بكافة الأعمار وحتى أنها تعتبر آمنة لمرضى ارتفاع الضغط الشرياني ومرضى السكري في حال خلوها من بعض أنواع المحليات.
- ويوجد نبتة رائعة أخرى تدخل في تركيب الشرابات المضادة للكحة الجافة كما تُعطي فعالية جيدة في علاج الكحة الرطبة أيضًا، ألا وهي الخلاصة الجافة لأوراق الزعتر؛ ولكن يوجد بعض المحاذير التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند وصفها؛ فلا يجوز استخدامها من قبل المرأة الحامل أو مريض ارتفاع الضغط الشرياني.
- ويجدر التنويه إلى وجود بعض الأصناف الدوائية الحاوية على الخلاصتين السابقتين معًا.
- كما يُمكن استخدام الشرابات الحاوية على الغليسرين كمادة فعالة أساسية في تخفيف الكحة الجافة بالإضافة إلى تأثيره المرطب للحلق.
- من المفيد استخدام أقراص المص الحاوية على المنتول أي الزيت العطري للنعناع أو على خلاصة النعناع بالإضافة إلى خلاصة الزعتر البري والعكبر والعسل.
- وإذا كان سبب الكحة الجافة عائدًا إلى الإصابة بالربو أو الربو التحسسي؛ فمن الممكن إعطاء مونتليوكاست كمضاد انتقائي لمستقبلات اللوكوترينات المشاركة في الحالة الالتهابية الناتجة عن التحسس، ومن الجدير بالذكر أن الفعل الوقائي لهذا الدواء أكبر من الفعل العلاجي، كما يُمكن أن تتم مشاركته مع ليفوسيتريزين في شكل صيدلاني واحد للحصول على الفعلين الوقائي والعلاجي معًا.
- ولا يُمكن نسيان الموسعات القصبية التي تُعطى خاصًة في حالة الربو المزمن وفي الحالات المرضية التي تترافق مع تضيق القصبات من دون وجود إفرازات قصبية ملحوظة؛ ويعتبر سالبوتامول من أهم هذه الأدوية، وتتعدد أشكاله الصيدلانية حسب الحالة المرضية وتصنيف الحاجة إلى استخدامه، فيُمكن أن يُعطى بشكل حلالات هوائية مُعَدَّة للاستنشاق الفوري وهو الشكل الصيدلاني الذي يرافق مرضى الربو المزمن أينما كانوا، كما يوجد على شكل سائل ضمن أمبولات مخصصة لجهاز الإرذاذ ويُلجأ إليها في الحالات الشديدة من ضيق التنفس، ولا يُمكن نسيان الشرابات والمضغوطات الحاوية على سالبوتامول كمادة فعالة أساسية.
- وتوجد الكثير من الموسعات القصبية الأخرى مثل تيربوتالين.
- ويُمكن استخدام الكورتيكوستيروئيدات مثل ديكساميتازون أو بريدنيزولون على شكل مضغوطات أو شرابات أو حقن عضلية؛ ويُفضَّل استخدامها في الحالات الشديدة والمُعندة على الأدوية الأخرى.
- يُمكن علاج الارتجاع المعدي المريئي باستخدام الأدوية المضادة لحموضة المعدة والأدوية التي تُقلل إنتاج الحمض المعدي كحاصرات مستقبلات H2 مثل رانيتيدين أو فاموتيدين، أو الأدوية الحاصرة لمضخات البروتون مثل أوميبرازول أو بنتابرازول أو لانسوبراوزول.
وتجدر الإشارة إلى أن استقصاء حالة المريض قبل وصف أي علاج هو أمر لازم على الصيدلي والطبيب، ويجب الانتباه إلى الأدوية التي لا توصف تحت سنّ معين أو التي تملك مضادات استطباب، ومن المهم استشارة أهل العلم في المجال الطبي وليس مُدَّعي الخبرة.