من أعظم روايات الأدب العالمي تلك التي تتبلور حول حياة الأديب ليو تولستوي وسيرته الذاتية، فمن هو ليو تولستوي؟ ذلك الفيلسوف الروسي الذي انتشر صيته منذ القرن التاسع عشر. واعتبر أحد أعظم الروائيين في تاريخ الأدب العالمي، لما لا! وهو صاحب رائعتين من كنوز الأدب العالمي، وهما: روايتي آنا كارينينا، والحرب والسلام. كما دعا للسلام وعدم الاستغلال ونبذ العنف والظلم في شتى صورهما. وظهر ذلك في روايته مملكة الرب داخلك. ولقد كان مثالًا في الأخلاق مدافعًا عن الفقراء وحقوقهم حتى لقب بالزعيم الديني والأخلاقي. فلم يكن واحدًا منذ أعظم الأدباء وحسب بل كان نبيلًا مصلحًا ورمزًا للبحث عن معنى الحياة.
من هو ليو تولستوي Leo Tolstoy
ليو تولستوي مؤلف وكاتب روسي من عمالقة الأدب الروسي. ولد في التاسع من سبتمبر عام 1828 في عزبة ياسنايا بوليانا في مقاطعة تولا الكائنة في روسيا. له العديد من الروايات والكتب الأدبية التي تعتبر من بين أشهر وأروع الأعمال على مر التاريخ، حيث تم ترجمة معظم أعماله إلى لغات عالمية. وحوّلت العديد منها إلى مسلسلات وأفلام، كما عُرف بمبادئه ومواقفه الإنسانية تجاه المحتاجين، ومساندته لهم، فكان أيقونةً في الأدب، ورمزًا بارزًا في الأخلاق.
بدايات ليو تولستوي Leo Tolstoy
ترعرع تولستوي في ظل عائلةٍ أرستقراطية، كما شهدت طفولته العديد من المصاعب. فقد توفي والدته سنة 1830، وتولت رعايته قريبة والده. وبعد سبع سنوات توفي والده وهذا ما جعل عمته الوصية القانونية عليه وعلى إخوته، وبعد وفاتها انتقل للعيش مع عمته الثانية في كازان. درس تولستوي في المنزل على أيدي المعلمين الألمان والفرنسيين، ثم التحق ببرنامج للغات الشرقية في جامعة كازان وذلك عام 1843، ولكنه لم يتفوق في دراسته، فالتحق ببرنامج القانون، ولم يستمر فيه، حتى ترك الجامعة ولم يحصل على شهادة جامعية، ثم عاد إلى منزل أهله، وأشرف على زراعة الأراضي، كما أنه لم يتابع فيها نتيجة زياراته العديدة إلى موسكو وتولا. بعد عودة أخيه نيكولاي إلى المنزل، أقنع تولستوي بالانضمام إلى الجيش، فوافق وسافر معه إلى وحدته العسكرية، ثم في عام 1854، سافر إلى سيفاستوبول الكائنة في أوكرانيا، وشارك في حرب القرم عام 1855.
بداية إنجازات ليو تولستوي Leo Tolstoy
ألف تولستوي رواية الطفولة خلال فترة تواجده في الجيش والتي كانت تتبلور حول سيرتة الذاتية، حيث قدم القصة إلى مجلة The contemporary الشهيرة آنذاك، فوافقت على نشرها وبذلك تصبح أولى مؤلفات تولتستوي المنشورة. وبعد برهة من الزمن بدأ بكتابة رواية القوزاق التي تحدث فيها عن يومياته ضمن وحدته العسكرية، ولم يكملها إلّا بعد رحيله عن الجيش.
لم تتمكن الحرب من اعتراض طريق تولستوي الأدبي. فقد ألف رواية الصبا أثناء خوضه حرب القرم والتي تعد تكملة لرواية الطفولة. كما عبّر عن رأيه تجاه أحداث الحرب المتناقضة في سلسلة من الروايات أطلق عليها اسم حكايات سيباستوبول. وبعد انتهاء حرب القرم غادر تولستوي الجيش عائدًا إلى روسيا. وليكتشف مدى لمعان اسمه وازدهاره ضمن الساحة الأدبية في بطرسبرغ. ا كما تولستوي الفلسفة الفوضوية ورفض الالتحاق بأي منظومة فكرية.
إنجازات ليو تولستوي Leo Tolstoy
سافر إلى باريس عام 1857 ولكن لم يمكث فيها طويلًا بل عاد أدراجه إلى روسيا ليتألق في نشر روايته الشباب التي أكمل فيها الجزء الثالث من سيرته الذاتية.
تزوج من صوفيا أندرييفنا بيرز ابنة أحد الأطباء عام 1862، كما أصدر أولى مجلاته Yasnaya Polyana في العام ذاته.
قضى تولستوي معظم عقد الستينات في تأليف رائعته الحرب والسلام والتي نشرت فصلها الأول مجلة Russian Messenger. وفي عام 1868 ثلاثة فصول أخرى لينهيها في العام التالي بالجزء الأخير.
حطمت الرواية أرقامًا قياسية في الساحة الأدبية ونالت إعجاب منقطع النظير لدى الجمهور في كل بقاع الارض. فقد وثقت حالة المجتمع الروسي خلال الحرب النابليونية، كما تضمنت ثلاثة فصول مهمة أظهر فيها تولستوي سخريته من قوانين التاريخ ورفضه الكامل لها.
وبعد النجاح الباهر لرواية الحرب والسلام، شرع تولستوي في تأليف رائعته الأخرى آنا كارينينا، وهي رواية من وحي الخيال لكن استمدت بعض أحداثها من حياة تولستوي الشخصية وعلاقته بزوجته خلال فترة خطوبتهما. حيث نشرت الرواية على دفعات انطلاقًا من عام 1873 وحتى عام 1877.
وبالرغم من النجاح الساحق لرواية آنا كارنينا أصيب تولستوي باضطراب روحاني بلغ حد الإكتئاب. فقد كان متعبًا من البحث عن أجوبة لتساؤلاته الوجودية، لذلك لجأ إلى الكنيسة الأرثوذكسية والتي خيبت آماله أيضًا. وبعد ذلك تعمق في الكتب الدينية وتوصل إلى اعتقاد مظهرًا لفساد أعمال الكنيسة المسيحية. مما جعله ذلك بعيدًا عن معتقدات الدين ومعتنقًا لمبادئ أخرى نشرها في مجلته The Mediator. وفي المقابل لم تقف الكنيسة مكتوفة الأيدي أمام تصريحات تولستوي بل أعلنت إبعاده وحرمانه من تأدية طقوسها الدينية، كما أخضعته لمراقبة الشرطة السرية.
حياة ليو تولستوي Leo Tolstoy الشخصية
ترعرع ليو تحت حكم عائلته المكونة من والده الكونت نيكولاي تولستوي، ووالدته الأميرة فولكونسكايا التي هي من سلالة روريك. وهو الحاكم الأول في روسيا. كما كان له ثلاثة إخوه هم نيكولاس، سيرجي، وديمتري. وفي عام 1826 تزوج من صوفيا أندرييفنا بيرز، لكنّ زواجه كان من أسوأ الزيجات على مر التاريخ، بسبب كثرة خلافاتهم، وأنجبا ثلاثة عشر طفلًا. توفي خمسة أطفالٍ منهم منذ الطفولة، وهم أندريه، أليكسي، أليكساندرا، إيليا، بيتر، إيفان، ميشيل، نيكولاي، ليف، تاتيانا، فارفارا، ماريا، وسيرجي.
وفاة ليو تولستوي Leo Tolstoy
كانت رحلة حياة تولستوي مليئة بالمصاعب. فعاد إلى منزله، حيث قضى فترة قبل أن توافيه المنية بتاريخ 20 نوفمبر عام 1910 نتيجة الالتهاب الرئوي. وبذلك اختتمت مسيرة حياة هذا الفيلسوف العظيم، الذي نشر أفكاره العظيمة وأثر بالعالم كله.
وهكذا وصلنا إلى نهاية مقالنا الذي خطينا فيه جميع المعلومات حول حياة الأديب ليو تولستوي مسلطين الضوء على كافة مجريات حياة هذا الفيلسوف الذي أحدث ثورة في نهضة الأدب الروسي والعالمي.