فرعون مصر، سيد آسيا، شاه فارس، ألقاب كثيرة لشخص واحد سجل حضورًا طاغيًا في عصره واعتبر أحد أعظم العقليات العسكرية في التاريخ. فمن هو الإسكندر الأكبر؟ وماذا ستروي لنا سيرته الذاتية؟
يعد الإسكندر الأكبر من أشهر القادة العسكريين على مر العصور بلا منازع. فلقد أسس أكبر إمبراطورية عرفها العالم القديم. ولم يحدث أن هزم في أي معركة قط، لدرجة أن البعض قد اعتبره أنه هو ذو القرنين الوارد ذكره في القرآن الكريم. وعلى الرغم من رحيله فما زال صيته مدويًا حتى يومنا هذا.
فلماذا أثار كل هذا الجدل؟ ولماذا لقب بكل هذه الأسماء؟ وغيرها من الأسئلة والأسرار التي ستكشف ضمن مقالنا لليوم من هو الإسكندر الأكبر Alexander the Great سيرته الذاتية عبر موقع كيف.
من هو الإسكندر الأكبر
الإسكندر الثالث المقدوني. الملقب بالعديد من الأسماء كالإسكندر الكبير، الإسكندر الأكبر، الإسكندر ذو القرنين، وهو من أبرز ملوك مقدونيا الإغريق. فهو يعتبر من أهم الفاتحين والقادة العسكريين عبر مر التاريخ، كما أنه مؤسس أكبر إمبراطورية عرفتها البشرية. والممتدة من اليونان غربًا إلى جبال الهيمالايا شرقًا، بالإضافة إلى أنه أصبح ملك فارس وبابل وآسيا. ووحّد مدن اليونان المستقلة. فقد جمع المؤرخون على أنه استحق لقب الأكبر بجدارة، وذلك نظرًا لنجاحه العسكري منقطع النظير فهو لم يهزم في أي حرب أو معركة قد خاضها.
بدايات الإسكندر الأكبر
ولد الإسكندر الأكبر في يوليو عام 356 قبل الميلاد. في مدينة بيلا الواقعة ضمن مملكة اليونان القديمة (مقدونيا) وكان والده فيليب الثاني حاكم مقدونيا ووالدته الملكة أوليمبيا ابنة الحاكم نيوبتيليموس. حيث ترعرع مع أخته في بلاط بيلا الملكي.
لم يكن الملك فيليب على علاقة وطيدة مع أولاده. فقد كان منشغًلا طوال الوقت في حملاته العسكرية وعلاقاته العاطفية خارج إطار الزواج. الأمر الذي سبب استياء وانزعاج الأمير الإسكندر. فعلى الرغم من تواجد والدته الملكة أوليمبيا إلى جانبه إلا أن ذلك لم يعوّض غياب والده الدائم عليه.
تلقّى الإسكندر تعليمه المبكر في الرياضيات والفروسية والرماية على يد ليونيداس ملك إيبروس، حيث كانت تجمعه به قرابة قوية. والذي كان صلبًا بالتعامل مع شغب الإسكندر وتمرده. ومن بعده تعلم الإسكندر على يد ليسيماخوس الذي كان يبذل جهدًا في التمثيل ولعب الأدوار كي يلفت نظر الأمير المشاغب والمتململ. وكان أكثر ما يسعد الإسكندر هو تأديته لدور المحارب أخيل.
وفي عام 343 قبل الميلاد تتلمذ الإسكندر على يد الفيلسوف العظيم أرسطو في معبد الحوريات في ميزا لمدة ثلاث سنوات. تعلم خلالها علوم الفلسفة و المسرح والشعر والسياسة. كما لفت انتباه أرسطو أن إلياذة هوميروس قد ألهمت الإسكندر ليصبح محاربًا عظيمًا.
بداية إنجازات الإسكندر الأكبر
خرج الإسكندر في أول بعثة عسكرية بعد أن أضحى جنديًا ضد القبائل التراقية. وفي سنة 338 قبل الميلاد أصبح مسؤولًا عن سلاح الفرسان. وساند والده في معاركه المقامة ضد الجيوش الثيفية والأثينية في خيرونيا، كما قاد رابطة كورنيت التي تم فيها توحيد جميع المدن اليونانية باستثناء أسبرطة.
وبعد مقتل والده فيليب الثاني. قرر الإسكندر الاستيلاء على السلطة وكان حينها يبلغ من العمر تسعة عشر عامًا. فنال دعم الجيش المقدوني من الفرسان والقادة، بالإضافة إلى أنه نصّب ملكًا إقطاعيًا. وقتل جميع الورثة المحتمل استلامهم للعرش، وساعدته في ذلك والدته أوليمبيا التي قتلت ابنة فيليب الثاني، كما دفعت كليوبترا للانتحار.
كذلك أرسل الإسكندر جيشه إلى الجنوب. فأجبر سكان ثيساليا على الاعتراف بقيادته لرابطة كورنيت. وأجبر أعضاء الرابطة في ثيرموبيلاي للموافقة على قيادته، ونال سلطة عسكرية تامة خلال الحملة التي أقامها ضد الإمبراطورية الفارسية. ولكنه هزم التريباليين أولًا سنة 335.
وخلال اقترابه من إنهاء حملته في الشمال، ورده خبر مفاده أن مدينة ثيفا اليونانية تغلبت على قواته التي كانت هناك. فسارع إلى الجنوب مع جيشه الكبير المكون من 30000 جندي و3000 خيالة، وذلك لمنع قيام أي ثورة أخرى.
ووصل إلى ثيفا حيث حصلت مذبحة ثيفا. ونجح في جعل أثينا تلتزم بالتحالف مع الإمبراطورية المقدونية، كما وصل الإسكندر في بعثته إلى طروادة عام 334 قبل الميلاد. فهزم جيش الملك الفارسي داريوس الثالث بالقرب من نهر غرانيكوس.
وفي صيف 333 قبل الميلاد حصلت معركة إسوس بين قوات الإسكندر وداريوس. ورغم تفوق جيش داريوس على جيش الإسكندر بالعدد. إلا أن التكتيك العسكري الناجح للإسكندر سبب هزيمة الفرس مجددًا وهروب داريوس. وفي تشرين الثاني من العام نفسه أعلن الإسكندر قيادته على بلاد فارس وأصبح ملكها بعد قبضه على داريوس.
إنجازات الإسكندر الكبير
اتجه الإسكندر للاستيلاء على مصر بعد حصاره لغزة. فسقطت مصر من دون أن تبدي أي مقاومة لتصبح الإسكندرية التي أنشأها الإسكندر عام 331 ق.م مركزًا للتجارة اليونانية، كما انتصر في العام ذاته على الفرس في معركة أجراها معهم وهي غوغميلا. ومع انهيار القوات الفارسية أصبح الإسكندر ملكًا لبابل وآسيا وملك جهات العالم الأربع.
ثم لم يتوقف في فتوحاته، حيث وصل إلى شرق إيران، وأنشأ فيها العديد من المستعمرات المقدونية. واستولى على حصن في أرياميزيز، وفي عام 238 ق.م انتصر على قوات الملك بوروس في شمالي الهند. وبسبب إعجابه ببوروس، أعاد تعيينه ملكًا ونال ولاءه المطلق. وأثناء عودة الإسكندر إلى نهر السند بعد رفض جيشه التقدم أكثر.
أصيب ببعض الجراح على أيدي مقاتلي مالي، ثم بعد شفائه توجه مع قواته سنة 325 قبل الميلاد شمالًا على امتداد الخليج الفارسي، حيث تعرض الكثير من جيشه للمرض أو الموت. ليصل أخيرًا إلى مدينة شوشان.
حاول هذا القائد العظيم توحيد الفرس والمقدونيين بعد يأسه من توظيف المزيد من المقاتلين الجنود. فأنشأ العديد من الروابط بين النبلاء الفرس والمقدونيين. فأمر بتزويج العديد من المقدونيين لأميرات فارسيات، وهذا ما جعله يسرح عددًا من الجنود المقدونيين، ونتيجة لذلك زاد عدد الجنود الفرس، فتعرض الإسكندر للانتقاد من قواته المقدونية، فأمر بقتل 13 قائدًا عسكريًا من الفارسيين، فاهتزت الرابطة بين الفرس والمقدونيين مرةً أخرى.
حياة الإسكندر Alexander the Great الشخصية
تربّى الإسكندر خلال سنوات حياته الأولى على يد الخادمة لانيك، كان والده فيليب الثاني الذي يلقب بالأعور قائد مقدونيا واستلم الإسكندر الحكم بعد وفاته. والدته أوليمبيا ابنة نيوبطليموس الأول وهو ملك إقليم إيبيروس. وكانت الزوجة الرابعة لفيليب الثاني الذي كان متزوجًا من سبع نساءٍ أو ثمانٍ. لكن أوليمبياس كانت الأقرب له لفترة ويعتقد أن سبب ذلك هو إنجابها لوريثٍ له هو الإسكندر، كما كانت شديدة الإخلاص للإسكندر خلال سنوات حكمه. تزوج الإسكندر من الأميرة الفارسية روكسانا. ولم تكن حياته معها مستقرة، حيث يروى أنه كان متعدد العلاقات النسائية، كما يقول البعض أنه كان لديه ميول مثلية تجاه صديقه هفستيون.
وفاة الإكسندر الكبير Alexander the Great
توفي الإسكندر بعد إصابته بمرض الملاريا. الذي كان متفشيًا في بابل التي هي العراق حاليًا، وذلك في حزيران سنة 323 قبل الميلاد عن عمر ناهز 32 عامًا، حيث كان يفكر بالاستيلاء على روما وقرطاج. وأنجبت له زوجته روكسانا ابنًا بعد وفاته بأشهرٍ قليلة، لكن وفاته أدت إلى زعزعة أمن إمبراطوريته التي انهارت كليًا.
وفي الختام نرى أن الإسكندر الأكبر كان من أبرز الشخصيات التي اشتهرت في عصره، بسبب ما امتلكه من ذكاءٍ وقوةٍ صنعت منه ذلك القائد المغوار الذي لم يهزم في أي معركةٍ قط، ونتمنى أن نكون قد أحطنا بكافة ما تريدون معرفته عنه، فقد كان ومازال مثالًا يحتذى به في القيادة والقوة.