من القائل لن نصبر على طعام واحد؟ أوحى الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم لرسوله المصطفى عليه الصلاة والسلام لتوضيح ما حدث مع من سبقوه من الأنبياء والرُسل من قومهم على هيئة قصص. وذلك للتخفيف عنه ما يلحق به من أذى، هو ومن اتبعوه من المسلمين في سبيل نشر الدعوة الإسلامية. ومن أهم هذه القصص التي ذُكرت في كتاب الله العظيم، قصص سيدنا موسى عليه السلام مع قومه. حيث أنها تتضمن الكثير من الأحداث والمواقف التي تحتوي على العبر والعظات للمسلمين في كل مكان. وذلك لتعليمهم سنن الله وحكمته في خلقه. وأيضًا التعرف على الدروس المستفادة منها للعمل بها في حياتهم. ولكن هناك بعض المواضع والمواقف التي تحتاج إلى تفسير وتوضيح دقيق لمعاني كلماتها والمقصود منها. لذلك هيا بنا نتعرف على قصة سيدنا موسى وقومه مع الطعام ونعرف معًا من القائل لن نصبر على طعام واحد؟
من القائل لن نصبر على طعام واحد
قائل هذه العبارة هم بني إسرائيل مخاطبين سيدنا موسى عليه السلام عندما سأموا من طعام المنّ والسلوى. لأنهم تذكروا واشتاقوا العودة لحياتهم الأولى في مصر. لذلك كانوا يكررون قولهم لن نصبر على طعام واحد كل يوم وقت الغذاء. حيث يُقصد بالطعام في هذا الموضع كل ما يؤكل ويُشرب. بينما المقصود بكلمة السلوى طائر السمان.
من هم بنو إسرائيل
بنو إسرائيل في الإسلام هم أبناء نبي الله يعقوب الذي لُقب بإسرائيل. حيث كان عددهم اثني عشر ولد ذكر وبنتًا واحدة. وهم في الأساس مسلمين حنفاء لله سبحانه وتعالى. حيث ذكرت قصصهم في القرآن الكريم بالتفصيل. حيث ورد في سورة الجاثية “ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم مِنَ الطيبات وفضلناهم عَلَى العالمين”.
بينما خاطبهم الله عز وجل لتذكيرهم بنعمه الكثيرة عليهم. وأيضًا لترهيبهم من غضبه الشديد في سورة البقرة بقوله تعالى “يَا بَنِي إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإيّاي فارهبون* وَآمِنُوا بِمَا أنزلت مصدقًا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنًا قليلًا وإياي فاتقون* ولا تلبسوا الحق بِالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون* وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين* أتأمرون النّاس بالبرّ وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون* واستعينوا بالصّبر والصّلاة وإنّها لكبِيرة إلَّا على الخاشعين* الَّذِين يظنّون أنَّهم ملَاقو ربِّهم وأَنَّهم إِليه راجعون* يا بني إِسرائِيل اذكروا نعمتي التي أنعمتُ عليكم وأَنِّي فضلتكم على العالمين”.
ما هي قصة لن نصبر على طعام واحد
قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بسورة البقرة الآية 61 “وإِذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبِطوا مصرًا فإن لكم ما سألتم وضُربت عليهم الذِّلَّةُ وَالمسكنة وباءُوا بغضبٍ من اللَّه ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون”. يخاطب الله عز وجل في الآية الكريمة قوم سيدنا موسى ليذكرهم بنعمه التي لا تعد ولا تحصى عليهم. وذلك بسبب مللهم وسأمهم وبطرهم كعادتهم على الطعام الطيب الذي يحصلون عليه بدون جهد أو تعب.
حيث هاجر سيدنا موسى عليه السلام من مصر مع قومه هربًا من بطش فرعون. وفي هذا الوقت حدثت واقعة التيه أربعين سنة بسبب عنادهم وكفرهم. لذلك خلال هذه الفترة عاشوا وقتًا طويلًا على طعام المنّ والسلوى. حيث وضح بعض المفسرين أن المنّ عبارة عن طعام لذيذ مذاقه حلو، والسلوى طائر يشبه السمان يذبحونه ويأكلوه. بينما كان شرابهم ماء يشبه العسل. ظل قوم موسى فترة طويلة من الزمن يتناولون نفس الطعام حتى شعروا بالملل. ما جعلهم يرغبون في تناول طعام آخر مثل الذي كانوا يأكلوه في مصر من بقوليات وعدس وفول والبصل والخيار.
فإنهم اشتاقوا إلى حياتهم في مصر وطعامهم القديم الذي اعتادوا عليه. لذلك طلبوا من سيدنا موسى عليه السلام أن يطلب من رب العزة والجلالة أن يُخرج النباتات والخضروات لهم من الأرض حتى يستطيعون استكمال حياتهم. أنزل الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة ردًا على قولهم “قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ” توبيخًا لهم على أنفسهم الدنيئة التي تترك الطعام اللذيذ الطيب والأفضل وترغب في ما هو أقل. وقال لهم “اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ”.
ما هو طعام قوم موسى
تحدثت القصة المذكورة في الآية الكريمة عن طعام قوم موسى مخاطبة بني إسرائيل ردًا على قولهم لن نصبر على طعام واحد. لذلك بين لهم الله سبحانه طعام سيدنا موسى وقومه من النباتات والعسل والتمر. حيث يعتبر الطعام بمثابة الرزق الذي قدره الله تعالى وقسمه على عباده.
الدروس المستفادة من الآية الكريمة لن نصبر على طعام واحد
بعد أن تعرفنا معًا على من القائل لن نصبر على طعام واحد. يوجد بعض الدروس المستفادة التي يمكن أن نستخلصها من الآية الكريمة وكل ما جاء بالقرآن عن بني إسرائيل. حيث يذكر لنا الله سبحانه وتعالى القصص لنأخذ منها العبرة والعظة. ومن أهم الدروس المستفادة من الآية الكريمة التالي:
- الذي يستبدل الخير الوفير والعظيم من الله ويطلب الأقل، ويجحد بنعم الله سبحانه وتعالى. فإن جزاؤه أن أصابته الذلة والمسكنة. وحل عليهم غضب الله تعالى.
- ثبوت صفة الذل على بني إسرائيل وملازمتها لهم.
موضع إعراب وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد
نوضح من خلال السطور التالية موضع إعراب وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد. وذلك وفق القواعد الأساسية باللغة العربية كالتالي:
- الواو: حرف عطف لا محل له من الإعراب، مبني على الفتح.
- إذ: اسم مبني على السكون بمحل نصب اسم معطوف.
- قلتم: فعل ماضي، مبني على السكون. (تم) ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
- يـا: حرف نداء. مبنـي على السكون، وليس له محل من الإعراب.
- موسى: منادى مبني على الضم المقدر في محل نصب منع ظهورها التعذر.
- لن: حـرف نصب لا محل له من الإعراب مبني على السكون.
- نصبر: فعل مضارع منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. (الفاعل) ضمير مستتر تقديره نحن.
- على: حرف، لا محل له من الإعراب، مبني على السكون.
- طعام: اسم مجرور، وعلامة جره الكسرة.
- واحد: نعت مجرور، وعلامة جره الكسرة.
ختامًا لقد تعرفنا على من القائل لن نصبر على طعام واحد. كما تعرفنا على من هم بني إسرائيل وقصة التيه التي استغرقوا فيها أربعين سنة بسبب عنادهم وكفرهم وغضب الله عليهم. بالإضافة إلى طعام قوم موسى الذي جحدوا به وبطروه وطلبوا ما هو أقل وأدنى، لكفرهم بنعم الله عز وجل. لذلك حل عليهم غضبه وملازمتهم صفة الذلة والمسكنة لدناءة أنفسهم.