من أول من أنشأ أسلوب الرسائل في الأدب العربي؟ ما التاريخ الذي يمتلكه مثل هذا الأسلوب المميز على مر العصور ومنذ نشأته؟ في الحقيقة يراود الكثير من رواد الأدب العربي ومحبي تاريخه الفضول حول المؤسسين الأوائل للأساليب التعبيرية التي تركت بصمة واضحة على الأدب العربي. ومن الطبيعي أن يشمل هذا الفضول أسلوب الرسائل العربي وأول من أنشأ هذا الأسلوب المميز! إذ ستتفاجأ حتمًا عند الاستماع للأهمية الكبرى والحاجة الماسة لأدب الرسائل العربي منذ نشأته وحتى يومنا هذا مرورًا بكل من العصر الإسلامي والعصر الراشدي. كما وسيغلبك الفضول للتعرف على أول من أنشأ أسلوب الرسائل في الأدب العربي وحياته بما فيها من منجزات وأعمال مخلدة. وهذا ما سنقدمه في مقالنا هذا الذي سنجيب به بالتفصيل حول من أول من أنشأ أسلوب الرسائل في الأدب العربي.
ما هو أسلوب الرسائل في الأدب العربي
في بادئ الأمر لعل من يسمع بأسلوب الرسائل لأول مرة سيتساءل حتمًا عن ماهيته والغاية التي أنشأ من أجلها العرب مثل هذا الأسلوب الأدبي. إذ لطالما امتاز كل أسلوب أدبي في اللغة العربية بما يجعله على قدر كافٍ من الاختلاف والتباين لجعله بارزًا في سيل التعابير الأدبية. كما وإن أردنا التعريف بأسلوب الرسائل في الأدب العربي فهو الأسلوب الأدبي الذي يتيح التعبير عما يخالج الروح من مشاعر وأحاسيس في كتابة إبداعية موجهة إلى أحد ما. فلطالما كانت اللغة العربية الملجأ الأفضل لتفريغ المشاعر بطرق إبداعية ومحتوى هادف. نتيجة لذلك فقد ابتكر رواد الأدب العربي وسائل متنوعة للتعبير عن هذه المشاعر وإضفاء طابع التميز على أسلوبهم المتبع. فكان أسلوب الرسائل في الأدب العربي الذي امتاز بالصياغة المبهرة وحسن التنسيق. كما وقد استطاع أسلوب الرسائل العربي كأي أسلوب أدبي آخر ملائمة التطورات الحاصلة في البيئة المحيطة. الأمر الذي كان له تأثير كبير على طريقة ومدى انتشار أسلوب الرسائل في الأدب العربي.
شاهد أيضًا: استبدال البطاطا بالقمح في إنتاج الخبز المدعم.
من أول من أنشأ أسلوب الرسائل في الأدب العربي
كما وفي ظل الاهتمام البالغ الذي ألقاه كتاب العرب قديمًا بأسلوب الرسائل، ظهر التساؤل الفضولي حول من أول من أنشأ هذا الأسلوب وساعد على انتشاره. وفي حقيقة الأمر فإن أول من أنشأ أسلوب الرسائل في الأدب العربي هو عبد الحميد الكاتب. وبعدها استمر هذا النوع من الأساليب الأدبية في الانتشار والتطور نظرًا لشهرته في مجال التراسل بين القادة والملوك. إضافة إلى ذلك فقد اهتم الخلفاء الراشدين أيضًا بأسلوب الرسائل في الأدب العربي. وفي حقيقة الأمر فيعود تاريخ النشأة لأدب الرسائل العربي إلى بداية عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن وبشكل مثير للدهشة فقد أعلن هذا الأسلوب عن وجوده ببصمة قوية خلال الفترة المتباينة ما بين القرن الثالث للهجرة والقرن الرابع للهجرة. نتيجة لذلك فقد يظن البعض أن أسلوب الرسائل العربي قد أنشأ لأول مرة في تلك الفترة، إلا أنه أكثر قدمًا في الواقع.
شاهد أيضًا: المدن الذكية معايير المدن الذكية.
تاريخ أسلوب الرسائل العربي في عصر الإسلام
كذلك الأمر ومما لا شك فيه أن ظهور الدعوة الإسلامية ونزول القرآن الكريم قد ترك أثرًا مميزًا على اللغة العربية، كما وألقى بظلاله على أساليبها الأدبية المختلفة. كذلك الأمر ويرمز الكثيرين إلى عصر صدر الإسلام بالعصر الثاني من نهضة اللغة العربية. وفي واقع الأمر فقد اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسلوب الرسائل الأدبية نظرًا لحاجتها في أمور الدعوة إلى الإسلام. إضافة إلى ذلك فقد بلغت الحاجة إلى أسلوب الرسائل أوجها عند توقيع العهود والمواثيق بجانب حاجتها في الأمور السياسية والمدنية بكثرة. كما ومن الممكن تقسيم أصناف الرسائل المستخدمة في عصر الإسلام إلى ثلاثة أنواع تشمل:
- رسائل الدعوة إلى الإسلام حيث برز هذا النوع من الرسائل بعد هدنة الحديبية. كما وتباينت إلى أسلوبين مختلفين بالعودة إلى الجهة المرسلة إليها. حيث حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملائمة طبيعة الرسالة مع قارئها من رؤساء القبائل العربية أو الملوك الأعاجم.
- رسائل تشريعية دينية إذ كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل هذا النوع من الرسائل للمسلمين حول العالم ليوضح لهم الأصول والفروع وحتى سنن الدين وأحكامه. كما ولاقى هذا النوع من أسلوب الرسائل ترحيبًا كبيرًا من مختلف المسلمين حول العالم.
- الرسائل النبوية الخاصة والتي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم بغية التواصل مع عماله وأمراء سراياه. إذ كانت مواضيعها تجور بالأصل حول مناقشتهم بأمور عملهم وتوصيتهم بالالتزام بأخلاقيات العمل.
- رسائل الشعراء المسلمين والتي كانت تحمل الطابع الأدبي المميز والموضوع العاطفي المبهر في طريقة التعبير عنه ومناقشته. حيث أصر شعراء وكتاب العصر الإسلامي على ترك جزء من مهارتهم الأدبية مؤرخة في إنجازات العصر الإسلامي.
شاهد أيضًا: قصة اكلت يوم اكل الثور الابيض ملخصة.
تاريخ أسلوب الرسائل العربي في العصر الراشدي
كما وامتد زمن الاهتمام بأسلوب الرسائل العربي منذ الفترة التي أنشأ فيها لأول مرة إلى العصر الإسلامي وحتى العصر الراشدي. حيث استمر الكثيرون بالعزوف إلى أسلوب الرسائل العربي حتى عهد الخلفاء الراشدين. كذلك الأمر فقد التزم مختلف الكتاب في هذا العصر بأسلوب كتابة الرسائل الأدبية المتبع منذ عصر الإسلام. وفي المقابل فقد شجع الخلفاء الراشدين على استمرار الاهتمام وممارسة هذا الأسلوب الأدبي المميز. حيث أنشأ الخليفة عمر بن الخطاب العديد من الدواوين لحفظ بقايا الكتاب في أسلوب الرسائل الأدبية، وكان هذا أحد أول الآفاق الجديدة لهذا الأسلوب. كما وتتمثل الدواوين التي أنشأت لاحتواء الكثير من رسائل العصر الراشدي بالتالي:
- ديوان الخراج أو ما أطلق ديوان الجزية أو الجباية، وهو الديوان المختص بتجميع كافة الرسائل التي تتمحور غايتها حول بيانات الأموال الواردة واستخداماتها.
- ديوان الجند وهو الديوان المختص بتجميع كافة الرسائل التي تتمحور غايتها حول الجنود ومختلف نفقاتهم.
- وديوان العطاء أو ما يطلق عليه أيضًا بديوان المال. كما وهو الديوان المختص بتجميع كافة الرسائل التي تتمحور غايتها حول نفقات الرعية وآلية توزيع المال عليهم.
- ديوان الإنشاء أو ما يطلق عليه أيضًا بديوان الرسائل، وهو الديوان المختص بتجميع كافة الرسائل والوثائق الرسمية.
شاهد أيضًا: عبارات من ذهب عن العلم حكم وأقوال.
من هو عبد الحميد الكاتب
كذلك الأمر وبعد أن نعلم إجابة السؤال المتداول حول من أول من أنشأ أسلوب الرسائل في الأدب العربي، لا بد من أن يجول في بالنا بعض الفضول حول من هو عبد الحميد الكاتب. وإن أردنا مجاز القول فهو عبد الحميد بن يحيى مولى العلاء بن وهب القرشي. كما وأنه واحد من أشهر كتاب القرن الثامن للهجرة. حيث تعود أصوله العربية إلى الفرس، ويعود مولده إلى بلاد الشام في القرن السابع للهجرة. كذلك الأمر وقد برز عبد الحميد الكاتب كأحد أمهر الكتاب المساعدين خلال فترة حكم الخليفة هشام بن عبد الملك. وبعدها عمل ككاتب رسمي لوالي أرمينا وأذربيجان، ثم كاتبًا أولًا لآخر الخلفاء الأمويين مروان بن محمد. كما واستمر في عمله حتى وفاته عام 750 ميلادي إثر بداية حكم الدولة العباسية إلى بلاد الشام وانتهاء العهد الأموي.
شاهد أيضًا: من هو مؤلف مسرحية تاجر البندقية.
أهم رسائل عبد الحميد الكاتب
كما ومن الطبيعي أن يثار فضول الجميع حول الرسائل التي تركها الأب الروحي لأسلوب الرسائل العربي. حيث يهتم الكثيرون بمعرفة الرسائل التي كتبها أول من أنشأ أسلوب الرسائل في الأدب العربي. وفي حقيقة الأمر يمكننا أن نعدد الرسائل التي تركت باسم عبد الحميد الكاتب حتة يومنا هذا على الشكل التالي:
- رسالة عبد الحميد الكاتب إلى الكتاب.
- رسالة عبد الحميد الكاتب إلى عبد الله بن مروان.
- بالإضافة إلى رسالة عبد الحميد الكاتب في وصف الصيد والشطرنج.
- رسالة عبد الحميد الكاتب الأخيرة إلى أهله.
وفي الختام نأمل أن تكون معلوماتنا المقدمة كإجابة على السؤال المطروح حول من أول من أنشأ أسلوب الرسائل في الأدب العربي قد أفادتكم. فمن الطبيعي أن يهتم الكثير من رواد الأدب العربي ومحبيه بتاريخ أسلوب الرسائل سواء أكان في عصر الإسلام أو في العصر الراشدي.