مفهوم التسويق الداخلي، من المرجّح أنك قد سمعت بهذا المصطلح من قبل، ولكن ماذا يعني ذلك حقًا؟ وكيف يتم العمل به؟
بدايةً يعد التسويق واحدًا من أكثر المجالات حركةً وتبدلًا بمرور الوقت. وذلك وفقًا للظروف والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وعلى الرغم من أنّ الأساسيات التي يقوم عليها هي نفسها في جميع الحالات إلا أنّ الأطر المتبعة والتي يتم العمل وفقها هي التي تتبدّل وتتغير.
تختلف أنواع التسويق وتتنوع ونذكر منها في مقالنا هذا التسويق الداخلي الذي يعد واحدًا من المنهجيات التسويقية. التي ابتكرت حديثًا مع الثورة الرقمية. حيث تتلاءم في استراتيجيتها مع الواقع الجديد الذي كوّنته التكنولوجيا. فلقد ظهر مفهوم التسويق الداخلي lnbound Marketing لأول مرة عام 2005 من قبل خبير التسويق Brian Halligan وهو شريك مؤسس لمنصة HubSpot المتخصصة في التسويق الداخلي. ولكن لم يطبق المصطلح كمنهجية تسويقية إلا سنة 2007 مع ازدياد استخدام الانترنت. كما بدأ يستخدم على نطاق واسع في سنة 2012، خصوصًا بين الناشطين في مجال التسويق الإلكتروني من روّاد الأعمال وأصحاب المشاريع.
كما يعتبر التسويق الداخلي مفهومًا جديدًا يهدف إلى استهداف العملاء من خلال المحتوى بدلًا من الذهاب إليهم والترويج لهم. حيث يعتمد على خلق علاقة وطيدة بينك وبين القارئ قبل أن يصبح عميلًا، ويتم ذلك بالتركيز على متطلبات الزبون، فيساهم في جذب المزيد من العملاء المؤهلين وزيادة مبيعاتك وأرباحك تلقائيًا.
كيف يعمل التسويق الداخلي
هناك العديد من التقنيات لمحاولة جلب العملاء وجذبهم بدلاً من دفع علامتك التجارية إلى الخارج. حيث يُعد التسويق الداخلي طريقة رائعة لاستقطاب المستهلكين من خلال التسويق المستند إلى المحتوى أو المدونة، وغالبًا ما يتم ذلك من خلال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. فلقد اكتسب شعبيةً في السنوات الماضية باعتباره أكثر نجاحًا وتقدمًا من التسويق التقليدي. ومن المرجح أن يستمر في التقدم بهذا الاتجاه ضمن هذا العالم المتنامي المستند إلى الإنترنت.
بمعنى آخر يعرّف التسويق الداخلي على أنّه استراتيجية تسويقية رقمية توجّه العملاء إلى شركتك أثناء بحثهم عن حلول لمشكلة ما. فهو عكس التسويق الخارجي الذي يعتمد في منهجيته على الطرق التقليدية كاللوحات الإعلانية، أو الدعايات الإذاعية، أو المكالمات الهاتفية، وغير ذلك، إنما يستند إلى إنشاء محتوى رقمي وتجارب تجذبهم، بدلاً من بحثهم عنها. وذلك عن طريق استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث. مما يدفع المستهلكون إلى التفاعل مع شركتك، وليس العكس.
أهم الأدوات المستخدمة في التسويق الداخلي
تتنوع الأدوات والتقنيات للتسويق الداخلي، وذلك وفقًا لنوعية النشاط التجاري الذي تقوم به، سواء كنت تستخدم التسويق الإلكتروني أو التسويق بالشكل التقليدي. كما يستخدم التسويق الداخلي في العصر الرقمي العديد من الأدوات والقنوات التسويقية التي توظف لصالح الشركة، مثل: منصات التواصل الاجتماعي، المواقع الإلكترونية، البريد الإلكتروني والعديد من الوسائل الأخرى. كما سنذكر لكم أبرز الأدوات التي تستخدم في هذا الصدد وهي:
- القنوات التسويقية:
يتم عبرها استهداف الجماهير من خلال محتوى ملائم يتناسب مع الغرض من كل مرحلة من مراحل التسويق. حيث تقوم هذه القنوات بنشر المحتوى المرغوب الذي يناسب رغبة العميل ويجذبه. - التسويق Marketing:
الهدف الرئيسي من الممارسات والأنشطة التسويقية هو إنشاء علاقة مستمرة مع العميل حتى يقوم بشراء المنتج أو العلامة التجارية بشكل مستمر. - المبيعات Sales:
يجب أن تسعى العلامة التجارية لتحافظ على علاقة وطيدة مع الزبون الذي قام بعملية الشراء للتو، وذلك من خلال الخدمات المقدمة للجمهور ما بعد البيع والتواصل معه من خلال القنوات المختلفة. حيث تشير الإحصائيات إلى أنّ إرضاء العميل وقيامه بمدح العلامة التجارية أمام الآخرين يعود بالعديد من الفوائد للمشروع ويعد أحد أفضل الخيارات التسويقية التي تسهم بتشجيع الآخرين على الشراء منك. وهذا ما يترتب عليه الاهتمام بالمبيعات حتى تُرضي الأغلبية وتسهم بزيادة مبيعاتك.
استراتيجية التسويق الداخلي
يعتبر تبنّي المعايير الأساسية لسياسة التسويق الداخلي اللبنة الأولى في بناء التسويق الناجح. والتي تتجسد في أربع مصطلحات رئيسية هي:
- الدافع.
- التنسيق.
- المعلومات.
- التعلم.
كل مشروع عمل محكم يتطلب مجموعة من الإجراءات لإنجازه كتحليل للمكونات الحاسمة الذي يعتمد على جمع البيانات لتقييم سلوك الموظف، معرفته وتوجهه، فهذه العملية تضمن لمدراء العمل الحصول على موظفين فعالين ومساهمين في بناء منظومة تسويق داخلي أكثر ثباتًا وقوة. كما يجب على الإدارة إبقاء موظفيها على اطلاع دائم بهدفهم وتعريفهم بالقيمة الأساسية للمنظومة والغاية من تأسيسها. ويجب خلق روح التفاعل والنقاش البنّاء بمشاركة كل موظف آرائه مع الأخرين وحتى مع الإدارة العليا. مما يحثّهم على إظهار أفضل ما لديهم ويشعل نيران المنافسة الإيجابية بينهم. وبالتالي تتغير وجهة نظرهم التقليدية لمفهوم التسويق الداخلي من اعتباره أداة مادية لإنجاز الأشياء عن طريق الأشخاص، إلى فكرة بديلة لتطوير الإمكانات البشرية المتاحة.
فوائد التسويق الداخلي
التسويق الداخلي مهم للغاية حيث يعود بالعديد من الفوائد لكل من المؤسسة والموظفين، وتشمل هذه المزايا ما يلي:
- مشاركة الموظفين: يساهم التسويق الداخلي بإبقاء الموظفين على اطلاع كامل على كل ما يجري في الشركة، فعندما يشعر الموظف أنه جزء مهم في المؤسسة سيكرّس نفسه للعمل بجد ومثابرة.
- ثقافة الشركة: تمكّنك من توصيل رسالتك. حيث يؤدي وجود موظفين مشاركين إلى ترسيخ الثقافة بشكل أكبر، مما يجعل مؤسستك أكثر إيجابيةً ونجاحًا.
- الوعي بالعلامة التجارية: يساهم في جعل الموظفين دعاة للعلامة التجارية، فيقومون بالإعلان عن شركتك خارج مكان العمل.
- تمكين الموظفين: مع زيادة الوعي بالعلامة التجارية، يصبح الموظف مجهزًا بشكل أكبر للقيام بعمله. مما يتضمن الموظفين الذين يعملون مع العملاء، كما يسمح لهم بتحسين تجربة العملاء مع محتواك.
- التوظيف والتعاقد: يعمل التسويق الداخلي على دعم جهود التوظيف الخاص بك، مما يجعل من الأسهل توظيف موظفين موهوبين أكثر تفاعلًا مع العمل، وبذلك تكتسب مؤسستك سمعة إيجابية وتصبح مكان عمل مرغوب فيه للعديد من المتقدمين.
- الاستبقاء: حيث يمكن أن يساهم هذا في الاحتفاظ بالموظفين القدامى مع استقبال عدد من الموظفين الجدد. كما أن زيادة مشاركة الموظفين تسمح لك بالحفاظ على أفضل العاملين لصالح عملك.
كيفية إطلاق حملة التسويق الداخلي الخاصة بك
سنقدم لكم جميع الاستراتيجيات التي تساهم في بناء فهمك في كيفية إدارة حملة التسويق الداخلي والتميز فيها، وهي:
معرفة سبب إنشاء حملتك التسويقية: حيث يعتبر الاهتمام بما يرغب به العميل أمرًا في غاية الأهمية، وهذه خطوة بحثية تتطلب طرح العديد من الأسئلة التي لها علاقة بالمنتج على المستهلكين ذاتهم. كما تفيد هذه المقابلات مع الجمهور المثالي في معرفة درايتهم بعلامتك التجارية، وتخبرك بما يبحثون عنه في علامتهم التجارية المثالية أيضًا. إذ تساعد هذه الخطوة على تحديد عملاءك المستهدفين، ومعرفة شخصية الراغب بالشراء.
إليك أهم الأسئلة التي يجب أن تسألها لنفسك عند البدء بحملتك التسويقية:
- ما هي مشكلات عملائنا الداخلية والخارجية؟
- هل علامتنا التجارية تلائم العملاء؟
- هل الخطة الموضوعة واضحة بالنسبة للعملاء الجدد
- هل حددنا العقبات التي سيتعرض لها العميل لكي نحاول تفاديها؟
تحديد الأهداف: عند فهم ما يريده عميلك تبدأ الخطوة الثانية ألا وهي تحديد أهدافك التي ستكون الأساس الذي ترتكز عليه حملة التسويق الداخلي الخاصة بك، فبدون الأهداف من غير الممكن معرفة ما تم إنجازه، فيتيح لك معرفة أين وصلت، وكم من الوقت يلزم للوصول إلى ما ترغب بتحقيقه. حيث تكون هذه الأهداف محددة، ملائمة وقابلة للتنفيذ.
تنسيق عرض ملائم لجذب العملاء: حيث يجب البحث عن عرض مغرٍ يؤدي دوره بجعل العميل يأتي إليك. لذلك يجب أن يكون محتواك ذا قيمة للعميل ليرغب بالحصول عليه.
إنشاء صفحة هبوط ليتم التحويل عليها: يتواجد فيها زر اتخاذ الإجراء. وهذا يعني أنك واضح جدًّا بشأن ما تريد أن يقوم به الزائر على موقعك. بالإضافة إلى ذلك، من المهم ألا تنسى شهادات العملاء في صفحتك، والتي تخلق ثقة بينك وبين العميل، ولا تقم باستخدام الشهادات المزيفة التي شأنها تدمير الاهتمام والثقة لدى العميل.
إنشاء محتوى جذاب: المحتوى هو جوهر الحملة التسويقية المميزة، يعتمد التسويق الداخلي على توصيل رسالتك للعالم. مع أهمية التنويه إلى أنّ الحجم الكبير غير مهم إن لم يكن المحتوى مقنع وناجح.
كما يعدّ التدوين من أفضل الطرق التي تجعل حملتك التسويقية تتألّق. ويجب ربط المحتوى بالعروض التي أنشأتها لتجعل القارئ يريد قراءة المزيد ومعرفة تفاصيل أكثر عن هذا المحتوى.
الاهتمام بالتفاصيل: عند تقديم الاهتمام للمنتج المعروض فهذا يعني فرص مبيعات أكثر. وتظهر المصداقية التي وعدت زبونك بها في بداية الحملة مع التأكيد على أهمية التوقيت المناسب عند إرسال بريدك الإلكتروني بالإضافة إلى استخدام الرسائل المؤتمتة التي تعد طريقةً فعالةً في الحفاظ على علامتك التجارية.
بغض النظر عن قيمة العرض المقدم من خلالك في رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بك، تأكد من معرفة المستلم عن الحل الذي ستقدمه له مع كل بريد إلكتروني تقوم بإرساله له.
القياس والتحسين: الطريقة الوحيدة للتأكد من فعالية خطتك هي تتبع النتائج. تضمن دراسة النتائج على المدى الحصول على الصورة الكاملة لتأثيرك. حيث يجب إجراء تقارير أسبوعيًّا أو شهريًّا للتحليلات لملاحظة وجود التغييرات التي من الممكن أن تكون جيدة أو سيئة. كما تتضمن المراقبة جميع المقاييس الخاضعة لخصائص الأهداف، مثل: نسبة التحويل إلى الموقع، ازدهار حركة زيارات الموقع، مشاركة البريد الالكتروني، عملية إرسال النماذج، والعديد من التحليلات الأخرى التي تساعد على معرفة سير الحملة.
وختامًا من الجدير بالذكر أن جميع استراتيجيات التسويق الداخلي قد تحتاج بعض الوقت لبناء قاعدة جماهيرية واسعة إلا أنها في النهاية تصبح أحد أكثر الاستراتيجيات المنخفضة التكلفة تحقيقًا للأرباح والنتائج المرجوة.