جلس أخي مع أحد أئمة المساجد وكان تركيزه في سؤال يشغل باله فقال له: “سيدي ما هي نواقض الوضوء الستة عشر”. هنا بدأ الشيخ جوابه فقال: “نقابل من نحبهم فنكون بكامل طهارتنا فما بالك بالصلاة وأنت ستغرق في بحر من المناجاة مع الخالق؟ ألا يتوجب على الإنسان أن يكون بغاية الطهارة؟ إن الوضوء يا بني يعد واحدًا من العبادات في الدين الإسلامي فهو شرط لازم لصحة الصلاة. ويجب على كل مسلم أن يهتم بالوضوء بشكل صحيح، كي تعتبر صلاته صحيحة”. نظر الشيخ إلى أخي وتبسم في وجهه ثم قال: “يا بني عليك أن تعرف الأمور التي تنقض الوضوء حتى تتجنبها. وأن تلتزم بها لتحافظ على صحة الوضوء وطهارته وذلك من أجل الحفاظ على صحة الصلاة“.
أما بالنسبة لكلمة وضوء في اللغة فهي تعني حالةٌ من الجمال والمظهر المشرق الحسن. ونتيجةً لذلك فإن هذا ما يظهر على الإنسان بعد الوضوء. إذ يتحول لمزيد من النضارة والإشراق. فلا بد أن يهتم الإنسان بتحسين وضوئه فهو ليس مستحبًا دينيًا وحسب بل له جانب شخصي. حيث يجعل الإنسان محافظًا على نظافته الشخصية بطريقة مستمرة.
أهمية الوضوء في الدين الإسلامي
يحظى الوضوء بأهمية كبيرة في الدين تجعل الإنسان يحصل على نتائج إيجابية هامة ومنها:
- نيل رضى الخالق عع وجل والوصول لمحبته.
- كما يساعد الوضوء المُسلم أن يتعلق قلبه بالصلاة دائمًا.
- إذا أحسن المسلم وضوءه وأنهى صلاته فإنه يحرز درجةً رفيعةً بين العباد في يوم القيامة.
- يعد الوضوء اغتسالًا معنويًا من أي ذنب أو خطيئة قد ارتكبها الفرد، ففي هذا السياق أخبرنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن تساقط المياه خلال الوضوء تتسبب بتساقط الذنوب التي ارتكبها الإنسان.
- فهي أحد الأسباب الهامة التي تسهل على الإنسان دخول الجنة.
- كما يتخلص الوضوء من العقد التي يسببها الشيطان للإنسان.
- يجعل الوضوء الإنسان يوم البعث في يوم القيامة أبيض اللون ومشرق الوجه أي يتحلى بنضارة الوجه نتيجة حفاظه الدائم على إحسان الوضوء.
ما هي نواقض الوضوء الستة عشر
يمكن تقسيم نواقض الوضوء إلى ثلاثة أقسام كالتالي:
- أحداث.
- أسباب للأحداث.
- ما ليس حدثًا ولا سببًا.
فيما يلي سنفصل كل ما ذكرناه من مبطلات الوضوء أو نواقض الوضوء الستة عشر.
الإحداث ونواقض الوضوء
إن الإحداث تؤدي لإنقاض الوضوء بذاتها، كالغائط والبول، إذ ينقض الوضوء كل ما يخرج من السَبيلين (مخرج البول ومخرج الغائظ) سواء قلَّ أو كثر، ومن أكثر الأحداث المنقضة للوضوء:
- البول.
- الغائظ.
- والمني.
- المذي وهو ماءٌ رقيقٌ أبيض اللون يخرج عند المداعبة أو الاحتلام والتفكر.
- الودي ويعد ماء خاثر أبيض اللون يخرج بعد البول.
- والريح.
- والدم الخارج عند الاستحاضة.
ومن أهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في هذا السياق: قول الله سبحانه وتعالى: “أو جاء أحد منكم من الغائط”، سورة النساء/43. كما قال الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم:” فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا”.
أما فيما يتعلق بدم الاستحاضة وبإنه ينقض الوضوء قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن دمَ الحيضِ أسودُ يعرفُ، فإذا كانَ ذلكَ فأمسكِي عن الصلاةِ، وإن كان الآخرُ فتوضئِي وصلّي، فإنما هو عرقٌ)، إذ يعتبر دم الاستحاضة دمًا فاسدًا ولكنه ليس بمرتبة دم الحيض، فيجب فقط الوضوء بعده ولا يتطلب الاغتسال.
أما في حالة ما يخرج من الجسم دون إخراج من السبيلين فيختلف العلماء فيما بينهم أهو منقض للوضوء أو غير منقض؟ كالقيء، والرعاف، والدم. حيث يخرج من الجسد عمومًا دون السبيلين، ويعد الرأي الراجح للعلماء أن هذي الأمور لا تنقض الوضوء، بل ذكروا بأنه يستحسن إجراء الوضوء بعدها.
وقد ذكر مذهب الحنفية والحنابلة ضرورة الوضوء بحالة كثرة الغثيان القيء أو القيح أو الدم، مستشهدين بحديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم (من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فليتوضأ).
أسباب للأحداث ونواقض الوضوء للصلاة
تعد هذه أسبابًا تؤدي لوجود الشك في وقع الحدث، مثل:
- النوم العميق.
- والإغماء.
- زوال العقل.
- الجنون أي المَس من الجن.
- السُكر وغياب العقل.
ولقد اتفقت المذاهب أن مثل هذه الأسباب ناقضة للأمور. وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ) رواه ابن ماجه. - مس الفرج أو الدبر بدون حائل حيث كما إن لمس الشخص بعد الوضوء للفرج بدون حائل ينقض الوضوء، وكذلك الحال إذا مس الفرج شخص آخر، ويعد مس الفرج مبطلًا للوضوء في كافة الأحوال سواء كان بشهوة أو بغير شهوة. وأيًا كان المقدم على الأمر ذكرًا أو أنثىً، وهذا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( من مس فرجه فليتوضأ وضوءه للصلاة).
- مس الرجل للمرأة أو مس المرأة للرجل بشهوة
وهذا يشمل اللمس بشهوةٍ إن كان للمرأة أو للرجل، بالإضافة إلى التقبيل بشهوةٍ إضافةً إلى وجود استثارة، إذ ينبغي إعادة الوضوء بعد ذلك لكي تكون الصلاة صحيحة، أما عند تقبيل المرأة أو الرجل من دون شهوة ومن دون استثارة فهذا لا يبطل الوضوء.
نواقض الوضوء ما ليس سببا ولا حدثا
السبب الثالث في حال نفينا أنه حدث أو سبب. فما هي النواقض التي ليست حدثاً ولا سبباً؟ إنها مثل:
- الردة عن الإسلام: أي الكفر من خلال فعل أو قول أمر يخرج الإنسان به عن الملة. إذ يتطلب بعد ذلك التوبة والاستغفار وإعادة الوضوء.
- الشك في الوضوء وصحته.
شروط تجعل حالات التلامس تنقض الوضوء
ثمة العديد من الشروط التي وضعها المذهب المالكي فيما يتعلق بالتلامس بين رجل وإمرأة مما ينقض الوضوء. ومن أهم هذه الشروط التالي:
- أن يكون الشخص الذي أدى الفعل قد وصل لمرحلة البلوغ عند الفتاة وعند الذكور. ولا ينقض الوضوء في حالة كون الشخص ليس واصلًا إلى هذه المرحلة بعد.
- حالات تعمّد إيجاد متعة أو وجود متعة ولذة من دون تعمد، هذا يعني أنه إذا كان الشخص قد قصده من التلامس إيجاد بعض المتعة فإنه بذلك ينقض وضوئه. وذلك حتى لو لم يحقق الهدف الذي كان ينويه، وفي حال وجد المتعة من دون أن يتعمد حصوله عليها فلا بدّ من إعادة وضوئه، ونستطيع تلخيص ما ذكرناه سابقًا بقولنا أن الوضوء لا ينقض في حال غياب التعمد والمتعة.
- أن يحدث التلامس من دون وجود أي حائل أما في حال استخدام حائل وخاصةً لو كان ذو كثافةٍ كبيرةٍ فلا ينقض وضوءه.
- أن يكون التلامس قد وقع عن طريق الجلد وبشرة المتوضىء أما إذا حدث عن طريق الأظافر فإن الوضوء سليم، إذ أن الجلد هو الذي يحتوي خلايا الإحساس أما الأظافر فلا تتمتع بوجود تلك الخلايا.
خطوات مكروهة عند الوضوء
ثمة بعض الأشياء التي تعتبر من مكروهات الصلاة والوضوء التي يستحب قيام الإنسان بها أثناء وضوئه، إذ ينبغي محاولة الابتعاد عنها قدر الإمكان ومنها:
- عدم الترشيد أثناء استخدام المياه مما يجعل الفرد يسرف في الماء، فإن الإسراف في الماء حتى لو نوى الشخص الوضوء شيء مكروه ويمكن أن تجعل الشخص عرضةً لأن يصنف من المسرفين.
- عدم الالتزام بعدد مرات غسل أعضاء اللازمة كما حددتها السنة النبوية الشريفة. كأن يزيد الفرد غسل الأيدي أو الوجه عن ثلاثة مرات.
• أن يستعين الإنسان بفردٍ آخر ليغسل له أعضائه عند الوضوء وهذه العملية ينبغي للإنسان فعلها بنفسه ويستثنى من هذا وجود عذر لدى الإنسان، كأن يكون مريض فلا يمكنه الوضوء بمفرده ولا بد له الاستعانة بشخص أخر لكي يساعده
في الختام فلا أجمل من الوقوف بين يدّي الخالق أثناء صلاتك لذا قابله وأنت راض عن نفسك، وعن طيبك، وعن أدائك لواجبك على أكمل وجه. فإن الوضوء مفتاح لبداية صلاة ترتضيها لنفسك فلا تقصر بها ودمت بخير أخي المسلم.