كثيرًا ما نتساءل عزيزي القارئ ما هي متلازمة الأيض، وذلك بعد سماعنا لتقريرٍ طبيٍ لأحد المرضى يشير إلى أنه يعاني من هذه المتلازمة. ويمكننا بمعاينةٍ بسيطةٍ لهذا المريض أن نلاحظ وجود وزنٍ زائدٍ، وتركزٍ للشحوم حول منطقة الخصر لديه. حيث ترتبط متلازمة الأيض ارتباطًا وثيقًا بالسُّمنة. وتشير الإحصائيات إلى أن ما بين عشرةٍ إلى عشرين بالمئة من سكان العالم يعانون من الوزن الزائد والسمنة، وذلك بسبب سوء النظام الغذائي كالإكثار من تناول اللحوم المدهنة، وتناول وجبات الأطعمة الجاهزة، والمشروبات الغازية، وأكياس الشيبس والشوكولا، والحلويات الغنية بالدهون والسكريات. كذلك ترتبط متلازمة الأيض بنمط الحياة المستقرة الذي يتضمن زيادة الخمول، وقلة الحركة، وضعف النشاط. كما ترتبط أيضًا بحالةٍ تسمى مقاومة الأنسولين. وقد ظهرت حالات مشابهة في الخيول عرفت أيضًا بالمتلازمة الأيضية الفرسية، ومن غير المعروف إذا كان لها نفس المسببات المرضية.
ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية هي صاحبة النسبة الأكبر في هذا المجال. حيث تدل الاحصائيات على أن ما يقارب ثلث الشعب الأمريكي يعاني من أمراض السمنة. ويرجع ذلك إلى الانتشار الكبير لمطاعم الوجبات الجاهزة كمطاعم “الماكدونالدز” و ” الكنتاكي” و “برغر كينغ” وغيرها من المطاعم. حيث تعتبر وجبات هذه المطاعم من الوجبات السيئة من الناحية الصحية، ويجب عدم الإكثار منها. فلنتعرف عزيزي القارئ معًا على متلازمة الأيض، وكيفية تشخيصها، ثم على الآلية المتبعة في علاجها، وهل من الممكن الوقاية منها.
ما هي متلازمة الأيض
لا تعتبر متلازمة الأيض مرضًا بحد ذاتها، إنما هي مصطلح طبي يطلق على مزيجٍ من المشاكل الصحية التي تحدث في وقتٍ متزامنٍ، بحيث تزيد من فرص الإصابة بأمراضٍ خطيرةٍ كأمراض القلب، وتصلب الشرايين، والسكتة الدماغية، ومرض السكري المزمن. وتشمل هذه المشاكل ارتفاعًا في ضغط الدم، وارتفاعًا في سكر الدم، وزيادةً في دهون الجسم، إضافةً إلى الارتفاع غير الطبيعي في مستويات الكوليسترول في الدم. ويطلق على هذه المتلازمة العديد من الأسماء كمتلازمة التمثيل الغذائي، ومتلازمة إكس، ومتلازمة مقاومة الأنسولين، ومتلازمة ريفن. وقد عرفت في أوقاتٍ سابقةٍ باسم “كوكبةٍ من الشذوذ” للإشارة إلى أعراضها الشاذة عن الحالة الطبيعية.
أسباب ظهور متلازمة الأيض
تعتبر الآلية الدقيقة لحدوث متلازمة الأيض غير معروفةٍ حتى الأن، إلا أن الدراسات تشير إلى ارتباط المتلازمة ارتباطًا وثيقًا بعدة عواملٍ نذكر منها:
- الوزن الزائد والسمنة: يتسبب الوزن الزائد وبشكلٍ خاصٍ السمنة في منطقة البطن بزيادة خطر الإصابة بمتلازمة الأيض.
- مقاومة الأنسولين: يساعد الأنسولين، وهو هرمون يصنعه البنكرياس، في دخول السكر إلى خلايا الجسم لاستخدامه كمصدرٍ للطاقة. غير أن خلايا الأشخاص المصابين بمقاومة الأنسولين لا تسمح بدخول السكر إليها بسهولةٍ كما هو في الحالة الطبيعية، ونتيجةً لذلك يرتفع مستوى تركيز السكر في الدم.
عوامل تزيد من خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي
هناك مجموعة من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بمتلازمة الأيض، ومنها:
- نمط الحياة غير الصحي: يؤدي تناول الأطعمة غير الصحية، كالأطعمة التي تحتوي على نسبةٍ عاليةٍ من الدهون والزيوت المهدرجة، وكذلك التدخين إلى ارتفاع فرص الإصابة بمتلازمة الأيض.
- العمر: ترتفع فرصة الإصابة بمتلازمة الأيض مع التقدم في السن.
- إدمان الخمول: يزيد الخمول وقلة الحركة والنشاط البدني من فرصة الإصابة بمتلازمة الأيض.
- عوامل عرقية: حيث تشير الإحصائيات أن السيدات ذوات الأصول اللاتينية في الولايات المتحدة الأمريكية هم أكثر عرضةً للإصابة بالمتلازمة الأيضية، ولا يوجد سبب واضح تمامًا وراء ذلك.
- عوامل وراثية: تزداد احتمالية الإصابة بمتلازمة الأيض في حال وجود تاريخٍ عائليٍ للإصابة بمرض السكري المزمن. كما تزداد في حالة الإصابة بداء السكري أثناء الحمل أو ما يعرف بسكري الحمل.
هناك أيضًا بعض الأمراض التي تزيد من خطر الإصابة بمتلازمة الأيض كأمراض القلب والأوعية الدموية السابقة، ومرض الكبد الدهني غير المرتبط بالكحوليات، ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات.
أعراض متلازمة التمثيل الغذائي
لا تبدي متلازمة التمثيل الغذائي أعراضًا وعلاماتٍ واضحةً، إلا أنه يمكن القول إن اتساع محيط الخصر هو العلامة أو العرض الأكثر وضوحًا للإصابة بمتلازمة الأيض. كما أنه في حال ارتفاع نسبة السكر في الدم فقد يعاني المريض بأعراض مرض السكري مثل:
- الشعور الزائد بالعطش، والحاجة إلى شرب كمياتٍ كبيرةٍ من المياه.
- الحاجة إلى التبول بشكلٍ مستمرٍ، وغير طبيعيٍ.
- الشعور بالتعب والإرهاق وفتور الهمة.
- تغيم الرؤية وعدم وضوحها كما هو في الحالة الطبيعية.
ولا يعني ظهور أحد هذه المشاكل الصحية بالضرورة إصابة الشخص بمتلازمة الأيض، إنما يتوجب عليه مراجعة الطبيب للتحقق من التشخيص المرضي.
تشخيص متلازمة الأيض
يمكن الاعتماد على مجموعةٍ من الإرشادات عند تشخيص متلازمة الأيض، ومنها:
- قياس محيط الخصر، بحيث يتجاوز مئةً واثنين سنتيمترًا عند الرجال، وتسعةً وثمانين سنتيمترًا عند النساء.
- تحديد تركيز الدهون الثلاثية، بحيث تتجاوز نسبتها مئةً وخمسين ميليغرام لكل ديسي لترٍ.
- قياس ضغط الدم، يجب أن يتجاوز ضغط الدم الانقباضي ثلاثة عشر سنتيمترًا زئبقيًا، والانبساطي ثمانية سنتيمتراتٍ زئبقيةٍ.
- تحديد تركيز مستوى الكوليسترول النافع، بحيث يقل عن أربعين ميليغرام لكل ديسي لترٍ عند الرجال، وعن خمسين ميليغرام لكل ديسي لترٍ عند النساء.
- قياس تركيز السكر في الدم، يجب أن يتجاوز تركيز السكر في الدم أثناء الصيام مئة ميليغرام لكل ديسي لترٍ من الدم.
علاج متلازمة الأيض
تتمثل الخطوة الأولى في علاج متلازمة الأيض بتغيير نمط الحياة، كتغيير النظام الغذائي للحصول على سعراتٍ حراريةٍ أقل، وزيادة الحركة والنشاط البدني لزيادة معدل حرق الدهون. فإذا لمن تكن هذه التغييرات كافيةً للتخلص من متلازمة الأيض فيمكنك اتباع الإرشادات التالية:
- ممارسة التمارين الرياضية بشكلٍ منتظمٍ: ينصح خبراء الصحة بوضع برنامج تمارين رياضيةٍ منتظمٍ يتضمن المشي السريع لمدة لا تقل عن ثلاثين دقيقةً يوميًا. ومن غير الضروري أن تكون متصلةً، فمثلًا بدلًا من ركوب السيارة يمكنك السير على الأقدام.
- العمل على إنقاص الوزن: يسبب فقدان ما يقارب سبعةً بالمئة فما فوق من الوزن تقليل ضغط الدم وتقليل مقاومة الخلايا للأنسولين، مما يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري المزمن. ومن المهم جدًا الحفاظ على الانخفاض الذي حصلت عليه في وزن الجسم.
- اتباع نظامٍ غذائيٍ ذي سعراتٍ حراريةٍ منخفضةٍ: من خلال التركيز على تناول الخضروات والفواكه، والحبوب الكاملة، والأطعمة الغنية بالألياف، واللحوم الخالية من الدهون، مع الامتناع عن تناول الكحول والمشروبات الغازية، والأطعمة الغنية بالدهون المشبعة.
- تقليل الضغوط النفسية والإجهاد: يمكن أن تساعد رياضة الأيروبيكس ورياضة التأمل واليوغا في تقليل التوتر والإجهاد، وتحسين الصحة النفسية والجسدية.
كذلك يؤدي الإقلاع عن التدخين إلى تحسين الصحة بشكلٍ عامٍ، ويمكن الاستعانة بالطبيب أو بمقدمي الرعاية الصحية في حال واجهت صعوبةً في ذلك.
الوقاية من متلازمة الأيض
تشابه طرق الوقاية من الإصابة بمتلازمة الأيض الطرق المتبعة في علاج المتلازمة، ويمكن الحد من احتمالية حدوث المتلازمة باتباع الخطوات التالية:
- ممارسة النشاط البدني لما لا يقل عن نصف ساعةٍ يوميًا.
- الإكثار من تناول الخضروات والحبوب الكاملة، والأطعمة الغنية بالألياف، والابتعاد عن الدهون المشبعة.
- العمل على خسارة الوزن الزائد.
- الابتعاد عن التدخين وتناول الكحوليات.