في فترةٍ من الزمن ظهر النظام الرأسمالي وتنافس مع النظام الاشتراكي، فكان للنظامين معارضون ومؤيدون. حيث كان بعض الناس ينادي بنظام اشتراكي يتساوى فيه الجميع تحت ظل الملكية العامة التي شجعت عليه الحكومة من خلال تنظيمها لإنتاج السلع والخدمات الكلية والجزئية. بينما البعض الآخر كان ينادي بالنظام الرأسمالي الذي يشجع الملكية الفردية بحيث يكون دور الحكومة فيه يقتصر على الرقابة فقط.
واستمر هذا التنافس حتى نهاية الحرب العالمية الثانية فانهارت الأنظمة الاشتراكية، وانتصر النظام الاقتصادي الرأسمالي وأصبح هو النظام السائد في جميع أنحاء العالم. حيث تطورت الرأسمالية عبر مراحل، وذلك من الرأسمالية التجارية إلى الرأسمالية الصناعية وصولًا إلى المرحلة الأخيرة من الرأسمالية وهي الرأسمالية المالية. كما يختلف تطبيق النظام الرأسمالي في دول العالم بحسب الدور الموكل إلى الدولة في درجة تحرير السوق والاقتصاد، فبعض الشركات تحتاج إلى التدخل الحكومي، وبعضها استغنى عن دور الحكومة. لذلك قررنا أن نعرض لك في هذا المقال أسس النظام الرأس مالي، ومميزاته، وتطوره.
أسس النظام الرأس مالي
هناك مجموعة من المبادئ التي بني عليها النظام الرأس مالي والتي شكلت الأساس للاقتصاد الرأسمالي وهي ما يلي:
- الليبرالية، وهي من أهم الحركات الفلسفية التي تؤكد على أهمية وضرورة حرية الفرد خصوصًا في المجال الاقتصادي. حيث تعتبر أن الفرد هو الأساس في النظرية السياسية الحديثة. كما تؤكد على حق الفرد في التملك، والذي يعتبر أساس النظام الرأس مالي.
- القدرة على كسب الأرباح بشتى الطرق والأساليب التي لا تمنعها الدولة.
- استخلاص فائض القيمة، وهذا يعني بأنه يحق لصاحب العمل بالتصرف بالقيمة المضافة إلى عمل العمال كونه هو صاحب رأس المال. ويعتبر الكثير من علماء الاقتصاد بأن هذi قمة الاستغلال، لأن العمال هم من يبذلون الجهد وينالون مقابل ذلك أجور قليلة. بينما يجني صاحب رأس المال الكثير من الأرباح نتيجة جهود هؤلاء العمال، ودون أن يبذل أي جهد.
- تعزيز الملكية الفردية، من خلال السماح للأفراد باستخدام قدراتهم العلمية في زيادة أرباحهم وثرواتهم، وتوفير القوانين التي تحميها وتساعد على تنميتها.
- المنافسة في السوق.
- نظام حرية الأسعار، واعتماد نظام السعر المنخفص لترويج السلع، وبيعها.
- عدم تدخل الحكومة في الحياة الاقتصادية التي تتماشى مع الأمن والنظام العام.
أشهر رواد النظام الرأس مالي
- آدم سميث: أكد هذا العالم على ضرورة عدم تدخل الدولة في السوق، بحيث ينحصر دورها على وضع القوانين التنظيمية للشركات. كما شجع على المنافسة، ومنع الاحتكار، وشجع أيضًا على تداول السلع الأجنبية في السوق المحلية للتقليل من الضرائب، والاستفادة من السلع التي لا يمكن للدولة إنتاجها.
- دافيد ريكاردو: هناك تطابق في آراء ريكاردو مع آراء سميث، في تحليلهم للنمو الاقتصادي. لكن لم يشجع ريكاردو على التجارة الخارجية، بل شجع على إمكانية إنتاج أي نوع من السلع على نفس الأرض. وأكد على أهمية الدولة في تحقيق الاستقرار والأمن السياسي في البلاد.
- دافيد هيوم: وهو صاحب نظرية النفعية والتي تنص على أن الملكية الخاصة ضرورية للفرد وتعود إليه بمنافع لذلك يجب أن يتبعها.
تطور النظام الرأس مالي
شهد النظام الرأس مالي تطورًا كبيرًا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، وذلك بالتزامن مع نشوء دولة الولايات المتحدة الأمريكية في أمريكا، وتقدم الصناعة بشكلٍ كبيرٍ في دولة إنجلترا.
حيث كان اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، والاقتصاد البريطاني، من أهم الأمثلة التي تعتمد على النظام الرأس مالي في اقتصادها، في القرن العشرين، وحتى في القرن الواحد والعشرين.
وذلك بالرغم من أن القوات البريطانية كانت مستعمرة للولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الزمن، وخسرت أيضًا بعد ذلك مستعمراتها في الولايات المتحدة، إلا أن اقتصادها لم يخسر كثيرًا، وذلك نتيجة حفاظها على مستعمراتها في باقي الدول، وأيضًا بفضل الاقتصاد الرأس مالي التي كانت تعتمده.
النظام الرأس مالي في الوطن العربي
دخل النظام الرأسمالي إلى العالم العربي في القرن التاسع عشر والقرن العشرين نتيجة الحركات الاستعمارية التي تعرض لها في ذلك الزمن. حيث كانت تبحث أوروبا عن أسواق خارجية لترويج وبيع منتجاتها فيها، فأبرمت عدة اتفاقيات مع العديد من الدول العربية، التي تنص على بيع المنتجات الأوروبية داخل الأسواق العربية دون ضرائب. والذي أثر سلبًا على المنتجات المحلية في الدول العربية وبالتالي تعرض منتجاتها للكساد. وبالرغم من ذلك، فإن النظام الاقتصادي المعتمد في معظم الدول العربية حتى الآن هو النظام الاقتصادي الرأسمالي.
مميزات النظام الرأس مالي
جاء اعتماد الدول في جميع أنحاء العالم على النظام الاقتصادي الرأس مالي من المميزات التي قدمها هذا النظام، فكانت أهم المميزات التي شجعتهم على ذلك هي ما يلي:
- الملكية الخاصة: تعد الملكية الخاصة من أهم الميزات التي شجعت الدول على اعتماد هذا النظام في اقتصادهم، حيث عن طريق ذلك يمكن لأي شخص أن يستثمر أمواله بكل حريةٍ ويكسب أرباحًا مقابل ذلك من دون أن تٌصادر ثرواتهم من أي جهة إلا بشكلٍ قانونيٍ، فالدولة تصون هذا الحق في أي زمان وفي أي مكان.
- إعلان النظام الرأس مالي نهاية حقبة الإقطاع: كان النظام الاقتصادي السائد قبل ظهور النظام الرأس مالي هو النظام الإقطاعي، حيث تشكلت في هذا النظام طبقتان في المجتمع، طبقة ثرية جدًا وهي طبقة أصحاب الأموال ومُلاك الأراضي، والطبقة الثانية هي الطبقة الفقيرة المستغلة وهي طبقة الفلاحين. وبظهور الحقبة الرأسمالية انتهت الحقبة الإقطاعية، وأتاحت الفرصة للجميع للمنافسة في السوق الحر دون أي شروط أو تفاوت طبقي.
في نهاية هذا المقال، الرأسمالية هي نظام اقتصادي ساهم في تقدم اقتصاد بعض الدول كبريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية تقدمًا غير مسبوق. لكن في نفس الوقت له سلبيات يجب العمل على تحاشيها، وذلك من خلال اتخاذ قرارات وقوانين تعطي كل عامل حقه، فالعامل هو أساس العمل كما هو رأس المال.