اختلف الكثير من العلماء في العالم حول تعريف مفهوم الرأسمالية. فمنهم من عرفها على أنها نظام اقتصادي يعتمده الأفراد، بحيث يتملكوا المنتجات والسلع بحرية دون أي تدخل من الحكومة لكن دون مخالفة القوانين، وبما يخدم الصالح العام. ومنهم من عرفها على أنها احتكار أصحاب الأموال للسلع وبيعها عند غلاء الأسعار.
لكن في النهاية كلهم اتفقوا على أن النظام الاقتصادي الرأسمالي قائم على أساس تقديس الملكية الفردية لأدوات الإنتاج وكسب الأرباح عن طريق المنافسة الحرة. وبالتالي قررنا أن نطلعك على مفهوم الرأسمالية وأشكالها في هذا المقال. حيث يعود ظهور النظام الرأسمالي إلى اختراع الآلة البخارية، وبالتالي التفتح على الصناعة والمنافسة على تطويرها بدلًا من مرحلة الزراعة والإقطاع. ومع تقدم الصناعة بشكلٍ كبيرٍ أخذ النظام الرأسمالي بالتطور بشكلٍ سريعٍ حتى قضى على النظام الاشتراكي، وأصبح هو النظام الاقتصادي المعتمد في جميع أنحاء العالم. لكن كان لهذا النظام إيجابيات وسلبيات، حيث سنتعرف عليها أيضًا في هذا المقال.
مفهوم الرأسمالية
الرأسمالية هي نظام اقتصادي يمتلك فيه الأفراد أو الشركات الحرية في استثمار أموالهم لتعزيز أرباحهم ورأس المال لديهم بأقل قدرٍ ممكنٍ من التدخل الحكومي. حيث يعتمد إنتاج السلع والخدمات على العرض والطلب في السوق العام، المعروف باسم اقتصاد السوق. وليس من خلال التخطيط المركزي، المعروف بالاقتصاد المخطط أو الاقتصاد الموجه.
كما أن للرأسمالية أشكال، حيث يعتبر أنقى أشكال الرأسمالية هو السوق الحرة أو رأسمالية عدم التدخل. حيث في هذه الحالة، يكون الأفراد غير مقيدين. بحيث يمكنهم تحديد مكان الاستثمار، وما يجب إنتاجه أو بيعه، وبأية أسعار لتبادل السلع والخدمات بكل حريةٍ. وبالتالي هنا تكون عملية الإنتاج والتطوير مرتبطةً برغبة الأفراد والشركات. أي يكون القرار لهم وحدهم سواءً في الاحتفاظ بأرباحهم، أم استثمارها والمخاطرة بها مرةً أخرى داخل السوق الحر.
لكن أحيانًا تحتاج الشركات إلى التدخل الحكومي للاستفادة من الإعفاءات الضريبية والحوافز. وقد تحتاج الحكومة أيضًا إلى الاشتراك في المشاريع الخاصة للمساهمة في الاقتصاد. لذلك أُنتج ما يسمى بالاقتصادات المختلطة بحيث تشارك فيها الرأسمالية والاشتراكية. وهذا تمامًا ما تعتمده اليوم معظم البلدان. وهو النظام الرأسمالي المختلط، الذي يتضمن درجةً معينةً من التنظيم الحكومي للأعمال التجارية وملكية الصناعات المختارة.
أنواع الرأسمالية
- الرأسمالية الوطنية: تسمح هذه الرأسمالية بالاستثمار الخاص مع مراعاة الصالح العام.
- الرأسمالية المستغلة: في هذه الرأسمالية تكون الملكية كاملةً للأفراد دون أي تدخل من الدولة، ودون أي مراعاة للصالح العام.
- الرأسمالية الحديثة: هذه الرأسمالية تتيح للدولة التدخل في بعض الأمور.
أشكال الرأسمالية
ظهرت الرأسمالية منذ نشوءها بعدة أشكال وهي ما يلي:
- الرأسمالية التجارية: ظهرت في القرن السادس عشر، وذلك من خلال إزالة مرحلة الإقطاع، فتمكن التجار من نقل بضاعتهم من مكانٍ إلى آخرٍ بما يتناسب مع متطلبات السوق وبما لا يخالف القوانين.
- الرأسمالية الصناعية: ظهرت خلال القرن التاسع عشر نتيجة الثورة الصناعية الكبيرة التي اجتاحت العالم بشكلٍ عامٍ وإنجلترا على وجه الخصوص. ويعتمد هذا النوع من الرأسمالية على أساس الفصل بين العامل ورأس المال، أي بين العامل والآلة.
- نظام الكارتل: يعد من أخبث أشكال الرأسمالية، حيث اتفقت فيه الشركات الكبرى مع بعضها على تقسيم السوق العالمية فيما بينهم، مما زاد من فرصة احتكارهم للمنتجات وابتزاز الأفراد بحرية.
- نظام الترست: حيث اتفقت فيه الشركات الكبرى فيما بينها، وكونوا علاقةً متينةً مع بعضهم، بحيث يتمكنوا من الإنتاج بشكلٍ أكبر من خلال السيطرة على السوق والتحكم فيه بما يخدم مصالحهم.
إيجابيات نظام الرأسمالية
يمتلك النظام الرأسمالي العديد من الميزات منها ما يلي:
- الابتكار وجودة الإنتاج نتيجة المنافسة الحرة، والحرية الكبيرة في الاستثمار.
- التطور والتقدم السريع الذي يحدث نتيجة المنافسة والإبداع والقدرات العلمية التي تقودها.
- ارتفاع الدخل القومي.
- تشجيع الأفراد على المبادرة.
عواقب النظام الرأسمالي
بالرغم من تشجيع النظام الرأسمالي للملكية الخاصة والقدرة على استثمار الأموال وفق رغبة الشركات، فقد كان يحتاج أيضًا إلى التدخل الحكومي للتقليل من الانتهاكات التي ظهرت بعدة أشكال وفق ما يلي:
- العبودية: ازدادت العبودية في ظل النظام الرأسمالي من خلال تحكم صاحب العمل بالعمال واستعبادهم وإعطاءهم المال بنسبة لا تتناسب مع الجهود التي يبذلونها.
- الاحتكار: حيث تمكنت الشركات الكبرى بسبب الرأسمالية من السيطرة على سلعة أو مجموعة من السلع في السوق، وتحكمت بأسعارها، وبأوقات بيعها، من أجل تحقيق أرباح كبيرة مع القضاء على منافسيها.
- ازدياد حجم البطالة ونشوء أزمات اقتصادية حادة.
- أصبحت الثروة موضوعة بين أيدي القليل من الأفراد في المجتمع.
- ضعف الخدمات العامة خاصةً في الدول النامية، نتيجة تقييد السياسات الحكومية أمام الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية الضخمة التي أدت إلى انحياز السياسة إلى طبقة بعينها.
وبالرغم من سلبيات هذا النظام التي تفوق إيجابياته، إلا أنه ما زالت الكثير من الدول تشجعه وتعتمد عليه. وبالتالي على الحكومات أن تعمل على توجيه هذا النظام وفق المسار الصحيح من خلال اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية الأسواق الحرة بما يخدم الصالح العام، وبالتالي إنقاذ الطرفين.