تتنوع أمراض الدم ويعد أشيعها فقر الدم بأنواعه المختلفة ومن هذه الأنواع فقر الدم المنجلي. وسنتعرف في مقالنا هذا على عدة معلومات مهمة لفهم حقيقة مرض فقر الدم المنجلي وذلك للإجابة على العديد من أسئلتكم. يقوم الدم بوظيفة شديدة الأهمية لجميع أعضاء الجسم وخلاياه. ولذلك أي خلل سيصيبه سواءً في تركيبه أو حجمه سينعكس بشكل واضح على الجسد كله. فالدم هو الوسيلة التي تؤمن المغذيات والأوكسجين لخلايا الجسم جميعا مما يضمن استمرار عملها على أكمل وجه، فكيف يقوم الدم بهذه المهمة النبيلة؟ّ!
ما هو الدم
الدم هو سائل حيوي يتركب من عدة أنواع من الخلايا بما فيها كريات الدم الحمراء والبيضاء والصفيحات الدموية. تسبح هذه الخلايا ضمن وسط مائي يدعى البلاسما وتحتوي على عدة عناصر وأملاح. تتولى كريات الدم الحمراء وظيفة نقل الأوكسجين لخلايا الجسم المختلفة، وذلك من خلال بروتين الهيموغلوبين. يتكون الهيموغلوبين من الغلوبين الذي يتألف بدوره من أربع سلاسل وهم سلسلتي ألفا وسلسلتي بيتا. المكون الثاني هو الهيم الذي يحتوي على ذرة الحديد والتي ترتبط بالأوكسجين لتنقله.
يقوم الجسم بتصنيع الهيموغلوبين من خلال المعلومات الوراثية التي يحتويها الحمض النووي. والتي تشفر لتسلسل أحماض أمينية معينة لتشكل بروتين معين. يسمح شكل الكرية الحمراء القرصي المقعّر ومرونتها بمرورها بسهولة ضمن الأوعية الدموية للقيام بوظيفتها. ويصل عمر هذه الخلايا الدموية إلى 120 يومًا.
فقر الدم المنجلي
فقر الدم المنجلي هو اضطراب وراثي ينتقل من الآباء إلى الأبناء. وعوامل الخطورة لهذا المرض أن يكون الأب أو الأم أو كلاهما حاملًا أو مصابًا بالمرض. سبب هذا المرض طفرة في المورثة المسؤولة عن تشكيل الهيموغلوبين وبالتالي تغير في الأحماض الأمينية المشكلة لهذا البروتين.
تؤدي هذه الطفرة إلى تصنيع هيموغلوبين غير طبيعي يكسب الخلايا الحمراء شكل المنجل ومن هنا جاءت تسميته بهذا الاسم. الخلايا المنجلية غير قادرة على نقل الأوكسجين بكفاءة بالإضافة إلى أنها قليلة المرونة مما يصعب حركتها في الأوعية الدموية مؤديةً إلى زيادة لزوجة الدم وقد يؤدي ذلك إلى حدوث انسدادات كما يمكن أن تصل إلى الاحتشاءات. بسبب شكل ووظيفة هذه الخلايا الشاذة يسعى الجسم للتخلص منها بوقت قصير من خلال الطحال مما يسبب فقر الدم ويزيد الضغط على الطحال.
أعراض فقر الدم المنجلي
يمكن تمييز عدد من العلامات والأعراض التي تلاحظ عند مرضى الداء المنجلي. من أهم هذه الأعراض والعلامات:
- يبدو المريض شاحب البشرة.
- حالة من التعب والإرهاق المستمرين.
- نوبات ألم تكون شديدة في كثير من المرات وتتحول للإزمان.
- ضعف الجهاز المناعي مما ينتج عنه تكرار الإصابة بالعدوى الجرثومية.
- تأخر ملحوظ في النمو.
- اضطرابات بصرية.
- تورم يلاحظ في القدمين واليدين وغالبًا ما يكون مؤلمًا.
يشخص الطبيب المرض من خلال ملاحظة الأعراض وتحري القصة السريرية والتاريخ المرضي للوالدين والطفل، كما تؤكد بعض التحاليل التشخيص وأهمها تحليل الهيموغلوبين المعروف برحلان الخضاب.
مضاعفات فقر الدم المنجلي
إن الخلل في وظيفة خلايا الدم الحمراء ينعكس على معظم أعضاء الجسم، لتتشكل العديد من المضاعفات مع الوقت من أهمها:
- يمكن أن تحدث السكتة الدماغية لمرضى الداء المنجلي بسبب الانسدادات في الاوعية الدموية.
- تشكل الحصى في المرارة.
- أذية العين التي قد تصل إلى فقد البصر النهائي.
- قرحات الساق.
- تلف يصيب العديد من الأعضاء أبرزها الطحال والكبد والكليتين.
- ارتفاع الضغط الرئوي.
- متلازمة الصدر الحادة التي تتجلى بألم حاد في الصدر يرافقه حمى وضيق تنفس.
- ضعف القدرات الجنسية والعجز الجنسي.
نقل الدم والجراحة
يمكن أن يحسن نقل كريات الدم الحمراء السليمة من حالة مرضى فقر الدم المنجلي ويخفف من الأعراض، يستبدل عادةً نصف كريات دم المصاب بالكريات السليمة، ولكن بالرغم من فائدة هذا الإجراء إلى أنه يحمل عددًا من المخاطر مثل تفاعلات الحساسية التي يمكن أن يسببها نقل الدم، بالإضافة إلى خطر العدوى الممكن من خلال معدات نقل الدم.
في بعض حالات فقر الدم المنجلي خاصةً الأطفال مرتفعي الخطورة للإصابة بالمضاعفات، يمكن أن تجرى عملية زرع نخاع العظم، والتي تشتمل على استبدال نخاع العظم المريض بنخاع سليم من متبرع يكون عادةً ذي صلة قرابة بالمريض والأهم أن يكون سليمًا. ترافق عملية الزرع هذه العديد من الأخطار كونها تتطلب إقامة مطولة في المستشفى والأدوية المثبطة للمناعة مما يضاعف خطر العدوى.
علاج فقر الدم المنجلي
فقر الدم المنجلي هو مرض غير قابل للشفاء لذلك يهدف العلاج إلى تخفيف الأعراض لتحسين حياة المريض، وذلك من خلال تخفيف الألم والتقليل من حدوث النوبات بالإضافة إلى تأخير حدوث المضاعفات وتجنبها قدر الإمكان. من الأساليب المتبعة في العلاج:
- تخفيف نوبات الألم: تتوفر بعض الأدوية لهذا الغرض منها الهيدروكسي يوريا الذي يقلل من تواتر النوبات، ويمنع تناول هذا الدواء من قبل النساء الحوامل.
أوصت منظمة الغذاء والدواء الأميركية باستعمال بعض الأدوية في إطار علاج فقر الدم المنجلي ومنها محلول الجلوتامين ل وذلك للتخفيف من شدة وتكرار نوبات الألم. كما أوصت حديثًا بدواء كريزانليزوماب للعلاج ولكن يرتبط استخدامه مع ظهور بعض الآثار الجانبية كالحمى والغثيان وآلام المفاصل والظهر، يعطى هذا الدواء حقنًا في الوريد. يمكن أن يصف الطبيب بعض الأدوية المسكنة للألم أو المخدرة خلال النوبة لتخفيف شدة الألم.
تجنب العدوى: باعتبار مرضى فقر الدم المنجلي ضعفاء المناعة، لذلك ينصح بتجنب العدوى قدر الإمكان وخاصة بالنسبة للأطفال الصغار الذين قد تكون بعض حالات العدوى مهددة لحياتهم. يستخدم البنسلين بشكل شائع للوقاية من الأخماج خاصةً التهاب الرئة الذي يعد من أخطر للحالات على المصابين بالداء المنجلي. ينصح المصابون بأخذ اللقاحات الموصى بها في فترة الطفولة أو في حال ضرورة القيام بعمل جراحي في إطار العلاج. كما يخفف لقاح الانفلونزا السنوي من خطر العدوى بشكل ملحوظ.
باعتبار الحفاظ على الصحة بشكل عام وعلى صحة الأطفال بشكل خاص من أسمى الأهداف الإنسانية لذلك يجب ألا نستهين بأي عرض يمكن أن يوجه لتشخيص المرض بصورة صحيحة، ويجب عدم إهمال دور الفحوصات المجراة قبل الزواج والتي يمكن من خلالها كشف حالات مرضية يمكن أن تؤدي إلى نتائج كارثية.