لا يعتبر فقدان الشهية النفسي مرضًا معنيًا بالطعام، إنما هو اضطراب مرافق للأزمات العاطفية. وتعتبر الصدمات النفسية الحادة أشهر أسباب حدوث هذا الاضطراب، حيث يدخل المرء على إثرها في حالةٍ من الاكتئاب الشديد يفقد معها الرغبة في تناول الأطعمة. إلا أن هناك نوعًا من هذا الاضطراب يعرف بفقدان الشهية العصابي Anorexia nervosa، يميل فيه الشخص لفقدان الوزن استجابةً لمتطلبات بعض أنواع الوظائف كوظائف عارضي الأزياء، ومضيفي الطيران، وراقصي الباليه. وفي بعض الأحيان يكون ذلك تقليدًا للمشاهير فقط.
قد يستمر فقدان الشهية النفسي لفترةٍ طويلةٍ يفقد معها الجسم الكثير من وزنه وطاقته. وقد يتسبب في حال عدم علاجه بتوقف عمل العديد من الأعضاء والأجهزة الحيوية في الجسم، وبصورةٍ خاصةٍ تلك التي تحتاج إلى الفيتامينات والبروتينات لتقوم بوظائفها. وبرغم أن الإناث أكثر عرضةً للإصابة بهذا الاضطراب، إلا أن الذكور والأطفال يصابون به أيضًا. ولنحمي أطفالنا وأحباءنا عزيزي القارئ من هذا الاضطراب ينبغي علينا أن نعرف ما هو فقدان الشهية النفسي وأهم أعراضه.
تعريف فقدان الشهية النفسي
يعرف فقدان الشهية النفسي بأنه اضطراب سكيولوجي يترافق مع عدم الرغبة في تناول الطعام. غير أن السبب الدقيق وراء هذا المرض غير معروف حتى الآن. إلا أن أغلب الدراسات تشير إلى أنه ناتج عن مزيجٍ من عواملٍ مختلفةٍ، نذكر منها:
- حيوية: مرتبطة بعواملٍ جينيةٍ، أو بخللٍ في وظائف الغدة الدرقية، أو بإفراز الجسم للهرمونات التي تجعل المريض يشعر بالاسترخاء والشبع لفتراتٍ طويلةٍ.
- اجتماعية: مرتبطة بمحاولة المريض الحفاظ على وزنٍ وشكلٍ مثاليٍ متأثرًا بأقرانه، وبالثقافة الغربية الحديثة التي تفضل الأجسام النحيلة.
- نفسية: كالتعرض للحوادث النفسية المؤلمة.
أما عند الأطفال فقد يحدث فقدان الشهية النفسي كحالةٍ من محاولة الخروج عن سيطرة الأم وتحكمها، بحسب اعتقادهم، وذلك عن طريق الاعتراض على إطعامها لهم.
أعراض اضطراب الشهية النفسي
يرتبط فقدان الشهية النفسي وأعراضه بشكلٍ عامٍ بظهور مشاكلٍ جسديةٍ، ونفسيةٍ، وعاطفيةٍ، وسلوكيةٍ عند الشخص المصاب. غير أن هذه الأعراض ليست بالضرورة أعراض تشخيصية للمرض، فقد يكون لها وجود شائع في الحالات الطبيعية. كما أن الأشخاص المصابون بفقدان الشهية النفسي غالبًا ما يحاولون إخفاء نحافتهم، وعاداتهم الغذائية، ومشاكلهم الصحية. مما يجعل ملاحظة علامات وأعراض هذا الاضطراب عليهم أمرًا أكثر صعوبةً، وخصوصًا في حالة الأشخاص ذوي النحافة الشديدة.
الأعراض الجسدية المرافقة لاضطراب فقدان الشهية النفسي
يترافق فقدان الشهية النفسي بمجموعةٍ من الأعراض الجسدية، يمكن تلخيصها على الشكل التالي:
- انخفاض حاد في وزن الجسم، وعدم اكتساب الوزن الملائم لمرحلة النمو.
- التعب الشديد المترافق مع الدوار، والأغماء المرتبطين بانخفاضٍ في ضغط الدم.
- الإحساس بالبرد بشكلٍ مستمرٍ.
- ضعف الدورة الدموية وانخفاض عدد كريات الدم البيضاء، مع أصابع مائلة للزرقة.
- ترقق العظام، وتسوس الأسنان، وصرير المفاصل، وهشاشة الأظافر، وسهولة الإصابة بالكدمات.
- تراجع الرغبة الجنسية، والعجز الجنسي عند الذكور.
- انقطاع الدورة الشهرية، مع تباطؤ معدل نمو الثديين عند الإناث.
- جفاف الجلد، وبهتان البشرة، وتشقق الشفتين، وذبول العينين.
- ألم عام في الجسم، وصداع مستمر، ومظهر ضعيف ونحيل.
- تراجع الذاكرة، وضعف في التركيز.
إضافةً إلى أعراضٍ أخرى كالإمساك وآلام البطن، وقلة الشعر، وتقصفه، وتساقطه، ونمو شعرٍ فاتحٍ على الجسم يشبه الزغب، وتجمع السوائل في الكاحلين خلال النهار. وقد تترافق حالات فقدان الوزن الشديد بضعفٍ في الأعصاب، مما يؤدي إلى صعوبة تحريك القدمين.
الأعراض النفسية المرافقة لاضطراب فقدان الشهية النفسي
تظهر على مريض فقدان الشهية النفسي مجموعة من الأعراض النفسية تتمثل بـ:
- الهوس المرضي المرتبط بوزن الجسم، وشكله.
- الوسواس القهري، والبحث عن المثالية.
- رفض النصائح التي تدعوه للطعام، والتي تنبهه بأن وزنه أصبح منخفضًا جدًا، وأن ذلك قد يؤثر ذلك على حياته.
كما يعتقد مريض فقدان الشهية العصبية أن السيطرة على حياة الفرد تنحصر فقط في الرقابة التي يفرضها على الغذاء الذي يتناوله.
الأعراض العاطفية المرافقة لاضطراب فقدان الشهية النفسي
نذكر من الأعراض العاطفية التي قد تصاحب اضطراب فقدان الشهية النفسي ما يلي:
- الخوف الهيستيري من البدانة.
- انخفاض احترام الذات.
- تقلب المزاج، وتعكره في أغلب الأحيان.
- الاكتئاب السريري، واضطرابات القلق.
- الأنانية، والابتعاد عن التجمعات.
الأعراض السلوكية المرافقة لاضطراب فقدان الشهية النفسي
يلاحظ على المصاب باضطراب فقدان الشهية النفسي القيام بمجموعةٍ من السلوكيات التي قد تبدو غريبةً للإنسان الطبيعي السليم، ومن هذه السلوكيات:
- الإفراط في ممارسة التمارين الرياضية.
- الوزن المتكرر للجسم، والوقوف أمام المرآة لفترات طويلة لفحص الجسم.
- العدوانية ضد محاولات دفعه لتناول الطعام.
- الإغماء المتكرر.
قد تمتد هذه الأعراض لتشمل سلوكياتٍ أخرى من شأنها إيذاء المريض، كالإدمان على الكحول، ثم تعاطي المواد المخدرة، ووصولًا إلى محاولات الانتحار المتكررة.