على الرغم من كثافة المعلومات التي توصّل إليها علماء الجيولوجيا حول الطبقات الأرضية ومكوناتها، تبقى هذه الظواهر غير مألوفةٍ إلى حدٍ ما. بل محال اكتشافها. باستثناء تلك الطبقة الخارجية المحيطة بالأرض، حيث تعيش جميع المخلوقات وتحدث مختلف الظواهر الطبيعية كالزلازل والبراكين. فما هي طبيعة الغلاف الصخري، ومما يتكوّن؟
يعرف الغلاف الصخري(Lithosphere) والذي يسمى المتكوّر اليابس بأنّه الجزء الصلب من القشرة الأرضية بالإضافة إلى كافة أشكال الصخور المكوّنة للأرض. بدءًا من السطح حتى الجوف. حيث يتميز بسطح غير مستوٍ تعلوه مختلف التضاريس من سلاسل جبلية، هضاب، سهول، أماكن منبسطة، بالإضافة إلى الوديان العميقة.
تتشكّل الأرض من أربع طبقاتٍ مرتّبةً بدءًا من الداخل إلى الخارج: اللُّب الداخلي، اللُّب الخارجي، الوشاح، والقشرة. حيث يشتمل الغلاف الصخري على الطبقة الخارجيّة من الوشاح العلوي. بالإضافة إلى الطبقات الخارجية الملامسة للغلاف الجوّي. بينما يتوضّع المتكوّر الموري على عمق يبلغ 100 كم تقريبًا. كما يقسم الغلاف إلى 12 صفيحة أو كتلة قاسية يطلق عليها اسم الصفائح التكتونية Plates Tectonics. والتي تضم (الأمريكيتين، إفريقيا، أوراسيا، أستراليا، أنتاركتيكا، المحيط الهادي، نازكا، الكاريبي الهند، الفلبين، وشبه القارة العربية) حيث تتحرك بشكل جانبي على مسافات ضئيلة جدًّا سنويًا.
أنواع الغلاف الصخري
يقسم هذا الغلاف إلى نوعين رئيسين وهما:
الغلاف الصخري المحيطي، والغلاف الصخري القارّي، وفيما يلي أهم أوجه الاختلاف بينهما:
- القشرة المحيطية أو الغلاف المحيطي: يشكّل الغلاف المحيطي القسم العلوي من القشرة الأرضية الموجودة في عمق المحيطات والبحار حيث تتراوح سماكته بين 7-10 كم، وتبلغ كثافته حوالي 3.3 غرام لكل سم مكعب. كما يحتوي هذا الغلاف على العديد من المعادن كالسيليكات عالية التركيز من العناصر الثقيلة مثل: الحديد والمغنيزيوم والتي تشكّل حوالي 90% من تركيب الغلاف المحيطي. مما يجعله أكثر كثافةً من الغلاف القارّي. تتشكّل القشرة المحيطية في مناطق معينة ضمن منتصف المحيط. وبمرور الوقت تزداد سماكتها فتعود إلى طبقة الوشاح من جديد عبر مناطق الاندساس التكتوني. مما يجعلها في حالةٍ من التجدد المستمر وبالتالي عمر القشرة المحيطية أقل بكثير من عمر القشرة القارّية. حيث يعود أقدم غلاف محيطي إلى حوالي 170 مليون عام بينما يصل عمر أجزاء من الغلاف القارّي إلى مليارات السنين.
- القشرة القارّية أو الغلاف القارّي: هو عبارة عن طبقةٍ من الصخور الرسوبية والنارية المكوّنة للقارات الخمسة والمنحدرات القارّية المحاذية للشواطئ. تعد القشرة القارّية أكثر سماكةً من المحيطية حيث تتراوح سماكتها بين 25-75 كم، كما تشغل حوالي 65% من حجم القشرة الأرضية بينما لا تتجاوز كثافتها 3 غرام لكل سم مكعب. يتكوّن الغلاف القارّي بشكلٍ أساسي من الصخور الفلسية الغنية بالسيليكا والقليل من المغنزيوم والحديد. وأهمها صخور الجرانيت.
مكونات الغلاف الصخري
قسّم العلماء الغلاف الصخري تبعًا لخصائصه الكيميائية إلى ثلاث طبقات رئيسية وهي:
القشرة الأرضية
تعد أقل الطبقات الأرضية سمكًا حيث تتراوح سماكتها بين 2-18 كم، كما تنقسم الى قسمين:
- طبقة السيال: وهي الطبقة المائعة المكونة من معدني الألمنيوم والسيليكون، حيث تتراوح سماكتها بين 12-15 كم، ومن أشيع صخورها الجرانيت.
- طبقة السيما: وهي الطبقة السائلة اللزجة المكونة من معادن ثقيلة ومنصهرة أبرزها السيليكون والمغنيزيوم.
وغالبية صخورها من البازلت.
الوشاح أو الستار
وهو غطاء صخري شديد الصلابة محيط بالنواة، حيث تبلغ سماكته حوالي 2900 كم، كما يتكون من عنصري الحديد والمغنيزيوم.
نواة الأرض
تتكون بشكل رئيسي من معدني الحديد والنيكل حيث تنقسم الى قسمين:
- النواة الخارجية: وهي عبارة عن مواد منصهرة نتجت بفعل درجات الحرارة الشديدة وتبلغ سماكتها حوالي 2250 كم.
- النواة الداخلية: وهي عبارة عن مواد شديدة الصلابة نتجت بفعل الضغط المرتفع والمتوازن عليها، وتبلغ سماكتها حوالي 1200 كم.
أنواع الصخور في الغلاف الصخري
الصخور النارية
عبارة عن مواد منصهرة خرجت من جوف الأرض، ومن ثم تصلّبت على سطح القشرة الأرضية أو بالقرب منها بعد أن بردت، وتقسم إلى صخور نارية جوفية كاملة التّبلور ذات أحجام كبيرة ومتناسقة، صخور متداخلة ناقصة التّبلور ذات أحجام كبيرة ومختلفة،
وأخيرًا الصخور البركانية الناجمة عن تصلب كتل المواد المنصهرة.
الصخور الرسوبية
وهي الصخور الناتجة عن تراكم المواد المترسبة في قيعان البحار والمحيطيات أو على سطح اليابسة خلال فترات زمنية متتالية. كما تعد هذه الصخور أحد أكثر الصخور انتشارًا في العالم وتختلف أنواعها تبعًا لأنواع الرواسب المشكلة لها ومن أمثلتها: الصخور الطباشيرية وصخور الفوسفات.
الصخور المتحوّلة
هي صخور رسوبيّة أو ناريّة تحوّلت بفعل مجموعة من العوامل البيئية كالحرارة المرتفعة والضغط العالي إلى صخور جديدة تمتاز بكونها أكثر صلابة من شكلها السابق، ولكنها أقلّ صلابة من الصخور الناريّة. ومن أشهر أمثلتها: صخر الكوارتز المتحوّل عن الصخر الرملي. وبفضل ألوانها الزاهية فإنّ العديد من الصخور المتحوّلة تستخدم لأغراض الزينة.
أهم فوائد الغلاف الصخري
للغلاف الصخري أهميّة كبيرة تكمن في توفير الموارد الرئيسية التي يحتاج إليها البشر، وفي مقالنا هذا سنذكر لكم أهمّ الفوائد التي يقدّمها لنا وهي:
- يوفّر الغلاف الصخري جميع أنواع العناصر الغذائية اللازمة لنمو النباتات.
- يندمج الغلاف الصخري مع كلٍّ من الغلافين الجوي والمائي، وذلك من أجل المشاركة في نمو كافة الكائنات الحية.
- يُعتبرُ الغلاف الصخري مصدرًا غنيًا بجميع أنواع الوقود مثل الغاز الطبيعي، الفحم والنفط. فيفيد في قطاعات الصناعة، النقل والمنازل.
- تُساهم حركة الصفائح التكتونية في تكوّن الجبال وحدوث الزلازل، وهذا الأمر يُساعد في تكوين موائل جديدة.
- يُعدّ الغلاف الصخري مصدرًا غنيًا بالمعادن المتعددة مثل: الفضة، الحديد، والمغنيزيوم، الألمنيوم والنحاس.
- يؤمّن الغلاف الصخري المساحة الكافية لعيش الحيوانات والبشر.
علاقة المتكور اليابس بالأغلفة الأخرى وأهم الآثار المترتبة عن ذلك
يتشكّل كوكب الأرض من تفاعل خمسة أغلفة من ضمنها الغلاف الصخري، وهذه الأغلفة هي:
- الغلاف الحيوي Biosphere: يتضمن الكائنات الحيّة المتوجودة على كوكب الأرض.
- الغلاف الجليدي Cryosphere: يُمثّل المناطق المتجمّدة على الأرض، ويشمل التربة المجمّدة والجليد.
- الغلاف المائي Hydrosphere: يشتمل الماء السائل على كوكب الأرض.
- الغلاف الجوي Atmosphere: يتضمّن الهواء الذي يُحيط بالأرض.
أهم الآثار الناتجة عن تفاعل الأغلفة
يؤثّر اندماج الأغلفة وتفاعلها على ملوحة المحيطات وتكوّن التضاريس. وبسبب أهمية هذا التفاعل في التأثير على التنوع البيولوجي بشكل عام لذلك سنذكر أبرز هذه الآثار وهي: - تكوّن الغلاف الترابي Pedosphere: والذي يتشكّل من الغبار والتّراب نتيجة تداخل جميع الأغلفة مع بعضها البعض.
- سحق الصخور الصلبة: وذلك بسبب جريان الأنهار الجليدية، أيّ تفاعل كلّ من الغلافين الصخري والجليدي.
- التجوية وتآكل التربة: ينتج عن تفاعل الغلاف الجوي والصخري والمائي معًا نتيجة الأمطار والريح.
- خصوبة التربة: نتيجة تداخل المواد العضوية كبقايا الحيوانات والنباتات مع الصخور المتآكلة، أي تفاعل الغلاف الصخري مع الغلاف الحيوي.
- اختلاف درجات الحرارة: يحدث بسبب تفاعل الغلاف الجوي، المائي، الصخري والجليدي معًا، فالجبال العالية تتأثّر بالضغط الجوي المنخفض والمطر الثلجي للغلاف المائي، الأمر الذي يتسبّب في انخفاض درجة حرارتها، وهذا ما يؤثّر على قدرة الكائنات الحيّة على التّكيّف في تلك المنطقة أي الغلاف الحيوي.
وفي الختام يجدر بالإشارة إلى أن جميع العمليات الجيولوجية المستهدفة للغلاف الصخري تعد سببًا رئيسيًا للعديد من الكوارث الطبيعية كالزلالزل والبراكين فضلًا عن كونه المكوّن الرئيسي لشكل وموقع قاراتنا الحالية.