يستخدم الكثيرون مصطلح الدوار الدهليزي للإشارة إلى حالة مرضية تسبب خلل في توازن الجسم وتبدي الدوار كعرض رئيسي لها. لذلك سنتعرف في مقال اليوم على هذه الحالة المرضية ومسبباتها وأعراضها لنتمكن من فهمها بالشكل الصحيح. يعتبر الدوار عرضًا للكثير من الأمراض كما أنه يظهر كأثر جانبي لاستخدام عدد من الأدوية. ويعرف الدوار على أنه إحساس بعدم التوازن حيث يشعر المريض بأنه يدور في مكانه أو أن المكان يدور من حوله.
ويترافق هذا العرض مع أعراض أخرى في كثير من الأحيان كالصداع والغثيان والإقياء أحيانًا. أيضًا يسبب هذا الإحساس عدم ارتياح للمريض واختلال في توازنه كما يمكن أن يكون عائقًا لحركته في بعض الأحيان. فكيف يحافظ الجسم على توازنه في الحالة الطبيعية، وما الذي يسبب الخلل في التوازن.
توازن الجسم
تعد الأذن الداخلية العضو الأساسي في المحافظة على توازن الجسم، وهي عضو معقد مملوء بالسائل. تتألف من قسمين رأسيين هما القوقعة وهي عضو السمع والنظام الدهليزي المسؤول عن التوازن. يضم الدهليز جيبين يدعيان بالقريبة والكييس، بالإضافة إلى القنوات الهلالية الثلاثة.
تتألف القريبة والكييس من خلايا حساسة لحركة الرأس بأثناء الصعود والهبوط والحركة بخط مستقيم. بينما تكون القنوات الهلالية مملوءة بسائل ومتعامدة مع بعضها وتستشعر حركة الرأس الدورانية. يتم الحفاظ على التوازن من خلال التنسيق بين الدماغ والنظام الدهليزي، لذلك أي خلل في هذا النظام سينعكس على توازن الجسم.
ما هو الدوار الدهليزي
يشير مصطلح الدوار إلى الإحساس بحركة دائرية والتي يمكن أن تترافق مع أعراض أخرى كما ذكرنا سابقًا. يمكن أن تتسبب العديد من العوامل بالدوار وبذلك يصنف الدوار إلى دوار مركزي ودوار محيطي. ويستخدم مصطلح الدوار الدهليزي بشكل شائع للإشارة إلى الدوار المحيطي لأنه غالبًا ينتج عن مشكلة في نظام الدهليز.
الدوار المحيطي: يعود سببه إلى مشكلة في الأذن الداخلية مما يسبب اضطربًا في التوازن والسمع. يترافق هذا النوع من الدوار بأعراض عينية كالرأرأة كما يمكن أن يترافق مع غثيان وإقياء وطنين. أهم الحالات المرضية التي تسبب الدوار المحيطي:
- التهاب العصب الدهليزي.
- التهاب التيه القيحي.
- دوار الوضعة الانتيابي الحميد.
- داء مينيير.
الدوار المركزي: يحدث بسبب اضطرابات في الدماغ أو جذع الدماغ.
التهاب العصب الدهليزي
العصب الدهليزي هو أحد فروع العصب القحفي الثامن، يساعد في تحقيق توازن الجسم، لذلك يترافق التهابه مع حالة دوار أو عدم توازن. تحدث في هذه الحالة نوبات شديدة من الدوار بشكل مفاجئ، ويكون سببها في أغلب الحالات إصابة فيروسية كما يحصل عند الإصابة بالإنفلونزا.
يعاني المرضى من حالة دوار شديدة قد تدوم لأسبوع أو أكثر وعادةً تكون النوبة الأولى هي الأكثر عنفًا، في حين أن شدة الدوار تخف في النوبات اللاحقة. يمكن أن تترافق النوبات بالغثيان والقيء وحركة العيون الاهتزازية (الرأرأة)، لكنها لا تترافق مع طنين أو نقص السمع، كما يمكن أن يستمر اضطراب التوازن لعدة أشهر حتى بعد تراجع نوبات الدوار.
تهدف المعالجة إلى تخفيف الأعراض لأن الحالة تشفى بشكل تلقائي، ولكن يمكن أن توصف الستيروائيدات القشرية لتخفيف الالتهاب، مسكنات لتخفيف الدوار وكذلك مضادات الإقياء، ومعظم هذه الأدوية تستخدم لفترات قصيرة لأن الاستخدام المديد يسبب تفاقم الأعراض.
التهاب التيه القيحي
تحدث هذه الحالة المرضية بسبب النمو البكتيري الذي يظهر في سياق عدة اضطرابات أخرى أشيعها التهاب الأذن الوسطى، وكذلك في التهاب السحايا أو كسور في عظم الجمجمة، أو انثقاب طبلة الأذن المزمن، حيث أن جميع هذه الحالات تؤهب للنمو الجرثومي والذي يمكن أن يصل للتيه محدثًا حالة الالتهاب القيحي.
يبدي المريض عدة علامات بالإضافة للدوار الشديد كالرأرأة ونقص السمع بدرجات مختلفة، ويمكن أن يحدث الغثيان والقيء. تعالج هذه الحالة بالمضادات الحيوية وأحيانًا تعطى هذه المضادات وريديًا، كما يمكن أن يتم تفريغ السوائل من الأذن.
دوار الوضعة الانتيابي الحميد
دوار الوضعة الانتيابي الحميد هو نوبة قصيرة من الدوار تحدث بسبب استجابة القنوات الهلالية في الأذن الداخلية لتغيير وضعية الرأس. يرمز لهذه الحالة (BPPV) ويؤثر على كبار السن من خلال اضطراب توازنهم الذي يمكن أن يؤدي إلى السقوط فيتسبب بإصابات جدية. التفسير العلمي لحالة الدوار هذه هو انتقال جسيمات الكالسيوم من مكانها الطبيعي في الأذن الداخلية (وهو القريبة والكييس) إلى القنوات الهلالية وغالبًا الخلفية منها.
يحدث هذا النوع من الدوار عند إرجاع الرأس نحو الخلف أو تغيير وضعية الرأس أثناء النوم. بالرغم من كونه مزعجًا أو مقلقًا إلا أنه حالة غير خطيرة لذلك لا ينصح بالمعالجة الدوائية، ولكن قد يجري الطبيب مناورات لإعادة جسيمات الكالسيوم لمكانها الطبيعي.
داء مينيير
يعرف داء مينيير باستسقاء اللمف الباطن لأنه يحدث بسبب زيادة كمية السوائل داخل الأذن، إما لزيادة إنتاجها أو لنقص امتصاصها وفي الحالتين يكون السبب مجهولًا. يسبب داء مينيير نوبات مفاجئة وعنيفة من الدوار تؤثر على حياة المريض وتمنعه من ممارستها بشكل طبيعي. كما يمكن لهذه النوبات أن تترافق بنقص السمع وإحساس المريض بضغط عال داخل الأذن بإضافة للغثيان والإقياء. يؤثر هذا الداء غالبًا على المرضى في عمر عشرين إلى خمسين عامًا.
يظهر نقص السمع في أغلب الأحيان في أذن واحدة كما يزداد هذا النقص تدريجيًا مع الوقت، وقد يكون الطنين في الأذن متواصلًا في بعض الحالات ومتقطعًا في حالات أخرى. ينصح المرضى باتباع نظام غذائي قليل الملح كما تستخدم بعض الأدوية لتخفيف الأعراض كالمركّنات ومضادات الغثيان، وفي بعض الحالات تستطب الجراحة.
بالرغم من كون الدوار عرضًا وليس مرضًا بحد ذاته إلا أنه قد يشير في بعض الحالات إلى أمراض قد تكون خطيرة، وفي حالات أخرى قد يكون المسبب بسيطًا ولكن يبقى الحذر واجبًا للحفاظ على الصحة لذلك ينبغي علينا مراقبة الدوار والأعراض المرافقة له بدقة واستشارة اختصاصي لأن التشخيص المبكر يكون مفتاح الحل في معظم الحالات.