التكامل الحسي أو ما يعرف بالمعالجة الحسية هو التسجيل الفعال والتفسير الدقيق للمدخلات الحسية في البيئة (بما في ذلك الجسم). حيث أنها الطريقة الفعالة التي يستقبل فيها الدماغ المدخلات الحسية وينظمها ويحللها بهدف الوصول إلى نتيجة فعالة والاستجابة لها بطريقة هادفة ومتسقة. بينما يعبر اضطراب التكامل الحسي عن المرض الناتج عن وجود خلل أو صعوبة في معالجة المعلومات الحسية. كما يحدث هذا الاضطراب بشكل شائع عند الأطفال، حيث يتعذر على دماغه أن ينظم المدخلات الحسية الطبيعية وتفسيرها بطريقة ملائمة. ومن الممكن لهذا المرض أن يسبب أعراضًا مميزة عند معظم الأفراد، لكن في الغالب تختلف نوعية الأعراض وشدتها مع وجود بعض الخصائص المميزة لكل حالة مرضية. إذا أردتم التعرف على أهم الأفكار المتعلقة بالتكامل الحسي واضطراباته والأعراض المتنوعة التي يسببها، يمكنكم الاطلاع على هذا المقال. نتمنى أن تجدوا إجابات وافية لأسئلتكم الكثيرة حول هذا الموضوع ضمن سطور المقال.
اضطراب التكامل الحسي SPD
إن اضطراب التكامل الحسي أو ما يسمى باضطراب المعالجة الحسية (SPD) هو حالة تؤثر على كيفية معالجة دماغك للمعلومات الحسية (المنبهات). تتضمن المعلومات الحسية الأشياء التي تراها أو تسمعها أو تشمها أو تتذوقها أو تلمسها. ويمكن أن يؤثر SPD على جميع حواسك معًا، أو إحداها فقط. عادة ما يشير هذا الاضطراب إلى أن الفرد شديد الحساسية للمثيرات التي لا يشعر بها الآخرون أو يتأثرون بها بشكل طبيعي، حيث أنه يسبب تأثيرًا معاكسًا في هذه الحالة.
وعادة الأطفال أكثر عرضة من البالغين للإصابة بـ SPD. لكن الأعراض قد تظهر على البالغين منذ مراحل الطفولة الأولى. على الرغم من ذلك، فقد طور الكبار طرقًا للتعامل مع SPD تسمح لهم بإخفاء الاضطراب عن الآخرين. كما أن هناك بعض الجدل بين الأطباء حول ما إذا كان SPD هو اضطراب منفصل. حيث أن بعض الأطباء يقول أن SPD هو أحد الأعراض المرافقة للاضطرابات الأخرى، أي أنه ليس اضطرابًا بحد ذاته. على سبيل المثال يمكن أن تترافق مع (اضطراب طيف التوحد، وفرط النشاط، واضطراب نقص الانتباه، والقلق، وغير ذلك). بينما البعض الآخر يقول إن طفلك قد يعاني من SPD دون أن يعاني من أي اضطراب آخر.
من هم الأشخاص المعرضين للإصابة باضطراب التكامل الحسي
- مرضى الشلل الدماغي.
- مرضى التوحد.
- الأطفال الذين يعانون من صعوبة في التعلم.
- الأطفال الذين يعانون من اضطرابات في النطق والسمع.
- الطفل المصاب بفرط الحركية ونقص الانتباه والتركيز.
- من تعرض لخطر الولادة المبكرة والمصابين بالاختلاطات الناتجة عنها.
- من كان لديه أمراض وراثية أو اضطرابات صبغية.
- الأطفال المصابين بتأخر في النمو مهما كان السبب المحرض له.
أعراض اضطراب التكامل الحسي SPD
يمكن أن يؤثر ال SPD على حاسة واحدة أو حواس متعددة. قد يبالغ الأطفال المصابون بالـ SPD في رد فعلهم تجاه الأصوات والملابس وقوام الطعام، أو قد لا يتفاعلون مع المدخلات الحسية. لذا يمكن أن تكون مزيجًا من الحساسية المفرطة وقلة الحساسية. وتتضمن أبرز الأعراض السلوكية لاضطراب التكامل الحسي ما يلي:
- يفضل الفرد الابتعاد والانسحاب من الأجواء الصاخبة والتي لا يشعر أنها لا تلائمه.
- يقضي وقتًا طويلًا حتى يشعر بالراحة والهدوء والاسترخاء بعد شعوره باليأس والحزن.
- تغير في أفعاله وسلوكياته وميوله للعصبية والعناد.
- الحساسية تجاه أنواع معينة من الأقمشة والملابس، وتفضيله للملابس الناعمة غالبًا.
- يتميز بقوة الملاحظة ودقة الانتباه والتركيز لأشياء قد لا ينتبه لها الناس العاديين.
- يحاول تجنب أي عامل له دور مسبب في عدم نظافة اليدين.
- رفضه لنوع معين من الطعام.
- الانزعاج من الروائح القوية.
قد يؤذي الآخرين أثناء اللعب.
أما الأعراض الجسدية المميزة، فلدينا التالي:
- تأخر في سرعة الاستجابة الحركية عدم القدرة على تحقيق التوازن عند الوقوف أو الجري.
- يرتفع مستوى تحمله للألم.
- فرط النشاط والحركية.
بينما يسبب عادةً عدة أعراض نفسية، ومنها:
- الخوف من الآراء الناقدة والتواجد في مكان مليء بالحشود والتجمعات.
- تفضيل العزلة والجلوس وحيدًا.
- عدم القدرة على التفاعل بشكل طبيعي مع أقرانه من نفس الفئة العمرية.
- الشعور بقلق دائم مع خليط من مشاعر اليأس والإحباط.
أنماط اضطراب التكامل الحسي المرافقة لاضطراب التوحد
- مشاكل التعديل Sensory Modulation Disorder: النمط الأول منها يسمى (فرط الاستجابة Sensory Overresponsivity)، ويعاني فيه الأطفال من فرط الاستجابة لأي تنبيه وارد بشكل مفرط وبدرجة شديدة وسرعة كبيرة ومدة طويلة أيضًا. بينما النمط الثاني ويشمل (ضعف الاستجابة Sensory underresponsivity)، وتكون ردود أفعالهم باردة وبطيئة وأقل من المعتاد. أما النوع الثالث فهو (طلب للاستجابة Sensory Seeking/Craving)، غالبًا أفراد هذا النمط يسعون إلى تجربة الشعور بالمدخلات الحسية بشكل روتيني طبيعي كأي شخص آخر، وعادة تكون طرق طلبهم للحصول على هذه التجربة غير متوافقة مع المجتمع والبيئة.
- مشاكل التمييز Sensory Discrimination Disorder: يكون الفرد غير قادر على التمييز بين المدخلات الحسية بأنواعها المختلفة كافة.
- المشاكل الحركية ذات الأساس الحسي Sensory Based Motor Disorders: ويشمل على نوعين من الاضطرابات، النمط الأول يسمى (مشاكل التخطيط الحركي Dyspraxia). ويعاني الأفراد في هذا النمط من صعوبة في التخطيط وتنفيذ إجراءات معينة غير مألوفة في المجتمع في الحالة الطبيعية. أما النمط الثاني فهو (الاضطرابات الوضعية Postural Disorders)، ويعاني أصحاب هذا الاضطراب من صعوبة في السيطرة على جسدهم وتوجيهه لإجراء حركات معينة هادفة لإنجاز متطلباتهم التي يهدفون إلى تحقيقها.
نظريات التكامل الحسي
يشير التكامل الحسي إلى القدرة على جمع المعلومات الحسية الواردة إلى أجسادنا بطرق مختلفة، ثم تنظيمها ومعالجتها وتحليلها. عندما تعمل أنظمتنا الحسية المركزية بطريقة طبيعية ومنظمة، ستخلق استجابة هادفة وصحيحة وذات مغزى لكل معلومة يستقبلها الفرد عبر أجهزة مختلفة، مثل (النظر، والسمع، والشم، والتذوق، واللمس وغير ذلك). وسنشرح آلية حدوث هذه الاستجابة التكيفية بشكلها الطبيعي بما يلائم السبب المحرض، وفق الخطوات التالية:
- تستقبل المستقبلات الحسية التابعة لكل جهاز في جسمنا أعدادًا كثيرة من المدخلات الحسية المتنوعة.
- ترسل بعد ذلك إلى الدماغ، حيث تترجم في مناطق محددة لها وبطريقة معينة.
- ينتج عن الترجمة الصحيحة للرسائل الواردة إلى دماغنا على اختلاف أنواعها، رد فعل مناسب وطبيعي من حيث الشدة والدرجة والطريقة أيضًا.
وأخيرًا، يمكن القول إن كل شخص لديه ضعف بدرجة معينة في إحدى الحواس. ولكن عادة يكون هذا الضعف بسيطًا ومهملًا، لكن في بعض الحالات قد يؤثر على الحياة اليومية والأعمال الروتينية. كما أنه قد يعيق من تطور مهارات الفرد، فينعكس بشكل سلبي على أسلوب حياته. لذا يجب عليه استشارة الأخصائي وحضور جلسات مكثفة من العلاج الوظيفي، التي ستحسن من أداء المستقبلات لديه، وبالتالي ستجعل حياته أفضل.