ما بين الأحكام الشرعية والعادات والتقاليد يأتي النبذ والاستنكار لبعض المفاهيم المغايرة لأعراف وقيم المجتمع الشرقي كالمساكنة قبل الزواج. ما معنى المساكنة قبل الزواج وما هو رأي الشرع في هذا المفهوم؟ أمور عديدة وتساؤلات جمّة حول المساكنة سنتعرف عليها معًا في مقالنا هذا. مجرد التفكير بزيارة شخص لا تعرفه إلى منزلك قد يجعلك مرتبك، فكيف لو كنت تقيم مع هذا الشخص بنفس المنزل كل يوم؟ أن تعيش مع شخص غريب تمامًا وتتشارك معه منزلك وخصوصيتك. بالطبع إنه أمر محرج ومستهجن في مجتمعنا.
ليس بالضرورة أن تتم المساكنة بغرض التعارف والزواج. فقد يلجأ الأشخاص إلى المساكنة للتشارك في أجور السكن. غالبًا ما تكون أجور السكن باهظة الثمن مما يدفع الأشخاص للبحث عن شريك سكن بغض النظر عن جنسه أو هويته. فيتقاسم مع هذا الشخص أجرة المنزل المرتفعة مما يخفض الأجور حتى النصف.
قد نتقبل فكرة المساكنة في حال كان شركاء السكن من نفس الجنس كأن تتشارك فتاتين أو شابين معًا في نفس المنزل. بينما تنشأ الانتقادات عندما يكون أحد الشركاء ذكر والآخر أنثى.
ما معنى المساكنة قبل الزواج
اتفاق وعقد يتم بين عدة أطراف للتشارك في منزل واحد. ويتم تنفيذ العقد بطريقة قانونية تضمن حقوق جميع الأطراف وواجباتها عن طريق محام أو مجلس حكومي معتمد في الدولة التي يعيش بها الشركاء.
في قانون المساكنة قد يتشارك رجلان، أو رجل وامرأة في منزل واحد، أو عدة رجال وامرأة بدون شرط الزواج بينهم.
يستطيع شريك السكن أن يقيم في المنزل المشترك مع حيوانه الأليف كالقط أو الكلب أو نباتاته المفضلة. على أن يتم ذكر جميع هذه التفاصيل في العقد وبموافقة جميع الأطراف لضمان ألا تتم مخالفة أي بند من بنود العقد.
لذلك فالمساكنة قد تكون حيلة منطقًية وقانونية لتقاسم السكن بين مجموعة من الأفراد في بعض الدول الأجنبية. يبقى السؤال الأهم ما مدى مشروعية هذه الحيلة؟ هل من الممكن أن يعيش جميع الأطراف في منزل واحد دون انتهاك لأي حرمة والحفاظ على الخصوصية التامة لكل المقيمين؟
بالطبع لا. حالات كثيرة شهدتها المجتمعات الغربية بانخراط الساكنين في نفس المنزل بالحب والعلاقات الجنسية المحرّمة سواء بشكل مؤقت أو حتى علاقات طويلة الأمد.
سبب المساكنة قبل الزواج
في مطلع القرن التاسع عشر بدأت النهضة الاجتماعية في الدول الأوروبية بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص. بعدها تم إدخال مفاهيم اجتماعية غريبة كالمساكنة قبل الزواج والأمهات العازبات. فنتيجة للانفتاح الفكري أصبح قرار الزواج مسؤولية كبيرة على كلا الطرفين. لذا بعد التعارف الفكري بين الشريكين يتم بعدها تنفيذ خطوة جديدة وهي الانتقال للعيش بشقة واحدة للتأقلم على عادات بعضهم البعض. ومن هذا المنطلق نشأ مفهوم المساكنة قبل الزواج، فإذا كان هناك انسجام بين الطرفين تكون الخطوة التالية هي الزواج. فبعد تكرار تجارب الزواج الفاشلة أصبح الزواج خطوة تشعر الطرفين بالقلق والتوتر. لذا اتخذ الغرب عادة المساكنة ليتأكد الشريكين من مشاعرهم ويعتادوا على العيش سويًا.
ومن ناحية أخرى بسبب غلاء أسعار الشقق السكنية أصبح من الشائع أن يتشارك عدة أشخاص في نفس المسكن لتقاسم أجور السكن.
هل المساكنة حرام
فيما يخص الحكم الشرعي الإسلامي للمساكنة فهو يختلف من حالة إلى أخرى. ففي حال كان المقيمين من نفس الجنس أي رجال فقط أو نساء فقط فلا حرمة في ذلك.
أما إذا كان المقيمين من جنسين مختلفين كرجل وامرأة أو أكثر، فهنا تكون المساكنة حرام. لوجود شخص أجنبي بنفس المنزل مع امرأة غريبة عنه بدون عقد زواج شرعي بينهم.
رأي الأديان السماوية بالمساكنة
تتوافق الأديان السماوية الإسلام والمسيحية في رفض واستنكار المساكنة قبل الزواج. كما وتنظر لها بمنظور الزنا لكونها علاقة بين شخصين دون إطار الزواج. فمفهوم الزواج بالشريعة المسيحية هو عقد وعهود والتزام بين الزوجين، لذا فإن المساكنة تشجع الشباب على الرذائل وعدم الاحترام.
كما ويشترط الإسلام الزواج على أي رجل وامرأة يريدان العيش في بيت واحد. وما عدا ذلك فهو زنا ويعرض فاعله للإثم والحساب.
موقف العرب من المساكنة
موقف واحد في كل أرجاء العالم العربي. وهو رفض الغالبية العظمى من سكان الدول العربية للمساكنة. باعتبار هذا المفهوم دخيل على المجتمع العربي.
كما وينظر العرب إلى مؤيدي هذه الأفكار نظرة استنكار للتأثر الأعمى بالثقافة الغربية وخاصة الأمريكية والانجراف في تيارها ومفاهيمها التي تحقنها في المجتمعات.
أهداف عديدة وراء مفهوم المساكنة لعل أبرزها هو حل الأخلاق والضوابط الاجتماعية التي تتميز فيها مجتمعاتنا المحافظة. واستهداف الشباب الملتزم أخلاقيًا ودينيًا، بهدف خلق حالة من اللاقواعد واللاأخلاقي محولًا بذلك المجتمع إلى غابة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
باختصار أصبحت المجتمعات الغربية ومفاهيمها خطرًا حقيقيًا يحدق بقيمنا الأصيلة. لا يقتصر الأمر على المساكنة وحسب، فالمثلية الجنسية والميتاليكا وغيرها من السموم ليست مفاهيم عابرة. بل إنها غزو ثقافي هائل يهدف إلى تدمير قيم الشباب ومكارم الأخلاق العربية.