ما درجة خطورة مرض جدري القرود سؤالٌ باتَ البحثَ عنهُ غايةُ عددٍ كبيرٍ من الناس. لا سيما بعد أعلنت منظمة الصحة العالمية عن انتشار مرض جدري القرود في عدّة دولٍ أوربيّةٍ.
على ما يبدو أنّ عالمنا أمامَ خطرٍ جديدٍ، وأنّ سلسلة الأمراض والأوبئة لم تنتهِ بعد. حيث ترافقَ خبر تفشي مرض جدري القرود مع حالةٍ من الذعرّ والقلق. وانعكسَ ذلك بكثرة البحث على المحركات والمواقع. فما هي حقيقة مرض جدري القرود؟ هذا ما سنتحدّث عنه في مقالنا التالي إضافةً إلى توضيح درجة خطورة مرض جدري القرود.
ما هو مرض جدري القرود
من الأمراض النادرة التي تُسببها الإصابة بفيروس القرود. وينتمي فيروس جدري القرود إلى جنس الفيروسات القشريّة في عائلة Poxviridae. حيث يشمل جنس فيروس Orthopoxvirus أيضًا كلًّا من فيروس الجدري المعروف، وفيروس اللّقاح؛ المستخدم في اللّقاح، كذلك فيروس جدري البقر. ومن الجدير بالذكر أنّ اكتشاف فيروس جدري القرود يعودُ لأعوامٍ ماضيّةٍ. إذ تمّ اكتشافه لأوّل مرة عام 1958م ذلك بعد أن تسجيل إصابتين بالجدري في مستعمرات القرود. ومن هنا جاء اسم “جدري القرود“. وبالرغم من أنّ اكتشافه يعود لزمنٍ طويلٍ إلّا أنّ البشريّة لم تعهد أيّ إصابةٍ بها حتّى عام 1970م. وقد كانت في جمهورية الكونغو. ليتمّ بعدها تسجيلُ حالاتٍ عديدةٍ من مرض جدري القرود في العديد من بلدان وسط وغرب إفريقيا الأُخرى. مع ذلك بقيت عدد الإصابات الأكبر تعود لموطن تفشي الفيروس في جمهورية الكونغو الديمقراطية. إضافةً إلى تسجيل العالم عدّة إصاباتٍ خارج حدود إفريقيا ناجمةً عن السفر الدولي، والحيوانات المستوردة. فكان منها: الولايات المتحدة الأمريكية، اسرائيل، سنغافورة، والمملكة المتحدة. وبالرغم من هذا بقي الموطن الطبيعي للإصابة بمرض جدري القرود غير معروف. مع ذلك، يمكننا القول أنّ القوراض الإفريقية والقرود حاملةٌ للفيروس، وفي استعدادٍ لنقله للبشر.
شاهد أيضًا: أعراض كورونا الجديدة اوميكرون
ما درجة خطورة مرض جدري القرود
يمكن القول أنّ درجة خطورة مرض جدري القرود لا تزالُ غير مثيرةٍ للخوفِ. وقد أشارت منظمة الصحة العالمية أنّه وبرغم التخوف الكبير من انتشار مرض جدري القرود إلّا أنّه يعتبرّ أخفَّ وطأةً من مرض الجدري. إذ أكدت وجود حالاتٍ قد شُفيت خلال مدّة زمنيةٍ قصيرةٍ، وفي ذات الوقت تطورت حالاتٌ أُخرى مسببةً الموتَ. كما يؤكد المختصون أنّ أعراض مرض جدري القرود مرئيةٌ للغاية. ممّا يجعل تتبع المرض أسهل وعزلهم أيسر. مع ذلك يجب الانتباه إلى أنّه كلما زادت مدّة انتشاره كلمّا زادت فرص تحوره وتحسنّ قدرته على الانتقال. وبالرغم أنّ درجة خطورة انتشار مرض جدري القرود ما زالت منخفضةً بين البشر. إلّا أنّ الحالات الأخيرة تثير القلق حيث لم نعرف السبب الأساسي في تحرّكها؛ وهذا ما يجعلنا نبقى في حالةِ ترصدٍّ لمعرفة درجة خطورة مرض جدري القرود. لا سيما وأنّه يعدّ مرضًا ذا أهميةٍ للصحّة العامة لأنّه لم يعد يقتصر على دولٍ معينةٍ، بل بات ينتشرُ في كلّ أنحاء العالم معلنًا عن وباءٍ جديدٍ قد يكون ذي أثارٍ شديدةٍ إذا ما بلغَ أَوجه.
أسباب الإصابة بمرض جدري القرود
مع حالة الهلع التي أصابت العالم من تزايد درجة خطورة انتشار مرض جدري القرود. باتت معرفة أسباب الإصابة بالمرض بالغةُ الأهمية، إذ يمكن أن تصاب عند:
- التقاط فيروس جدري القرود من الحيوانات البريّة المصابة فى أجزاء من غرب ووسط أفريقيا. إذ تشير التوقعات إلى أنّه ينتشر عن طريق: القوارض مثل: الجرذان، والفئران، والسناجب.
- كما يمكن الإصابة بمرض جدري القرود عندَ التعرّض المباشر لحيوان مُصاب سواءً بالعض، أو لمس دمه.
- كذلك عند التماس مع البقع والبثور والجلبة الناجمة عن حيوان مُصاب. إضافةً إلى التعرّض لسوائل جسم الحيوان المصابِ بجدري القرود.
- وقد يكون من أسباب الإصابة أيضًا تناول لحم حيوانٍ مصابٍ بجدري القرود لم يتمّ طهيه جيدًا.
- أو لمس منتجات حيواناتٍ مصابةٍ مثل الفراء أو جلد الحيوان.
- وبالرغم أنّ الحيوان يعتبرّ الناقل الأساسي لمرض جدري القرود إلّا أنّه يمكن الإصابة عند التماس مع شخص مصاب، ذلك عبرَ:
- لمس الملابس، أو الفراش، أو المناشف التي يستخدمها.
- كذلك التعرّض لبثور أو قشور جلد جدري القرود عبر لمس الشخص المصاب.
- فضلًا عن أنّ سعال وعطاس شخص مصاب بجدري القرود قد يكون ناقلًا أساسيًّا للمرض.
شاهد أيضًا: أسباب مرض القوباء وطرق علاج
أعراض الإصابة بمرض جدري القرود
عند الإصابة بمرض جدري القرود قد يستغرقُ ظهور أعراض المرض الأوليّة ما بينَ 5 إلى 21 يومًا. وهي كما يلي:
- الحرارة المرتفعة.
- آلام العضلات، والظهر.
- توّرم الغدد.
- الإصابة بالرجفان (القشعريرة).
- الشعور بالتعب والإنهاك.
- الطفح الجلدي؛ حيث يظهر الطفح الجلدي عادةً بعد يوم إلى خمسة أيامٍ من ظهور الأعراض الأولى. ويبدأ غالبًا في الوجه ثمّ ينتشر إلى باقي أنحاء الجسم.
تشخيص مرض جدري القرود
على اعتبار مرض جدري القرود مرضًا مرئي الأعراض فإنّ التشخيص السريري مُعتمدٌّ في اكتشافه. لا سيما مع تضخمّ العقد اللمفاوية التي تعتبرّ سمةً أساسيةً تميز جدري القرود عن الجدري العادي. مع ذلك لا يمكن تشخيص جدري القرود بشكلٍ نهائي إلّا في المختبر. حيث يتطلبّ إجراء عدّة اختباراتٍ، وهي كما يلي:
- المقايسة المناعية الأنزيمية.
- واختبار الكشف عن المستاضدات.
- كذلك مقايسة تفاعل البوليميراز المتسلسل.
- إضافةً إلى عزل الفيروس بواسطة زرع الخلايا.
شاهد أيضًا: ما هو مرض الفطر الأسود
علاج مرض جدري القرود
لا بُدّ من القول أنّه لا يوجد علاجٌ معتمدٌّ ضدّ مرض جدري القرود. حيث يستهدف العلاج تخفيف الأعراض. وعلى الرغم أنّ المرضَ قد يكون خفيفًا في بعض الحالات إلّا أنّه ينبغي وضع الشخص المصاب في العزل داخل المشفى حرصًا على عدّم تفشي المرض. كما أشار الأطباء المتخصصون إلى أنّه يتمّ استخدام لقاح الجدري، والأدوية المضادّة للفيروسات. وقد تمّ احتواء المرض في دول العالم من خلال عزل المصابين وتحصين المخالطين لهم خلال مدّة 4 أيام من التعرّض للمصابين. حيث وجدَ الأطباء أنّ هذه الطريقة مفيدة في منع زيادة درجة خطورة مرض جدري القرود. كما تجدّر الإشارة إلى عدم وجود مضادات فيروسية مثبتة خاصّة لجدري القرود. وما يتم استخدامه هو علاج استخدمّ سابقًا للجدري.
الوقاية من الإصابة بمرض جدري القرود
على الرغم أنّ مرض جدري القرود نادر الحدوث، إلّا أنّ الانتشار الغريب في الآونة الأخيرة، إضافةٍ إلى عدّم توّقع درجة خطورة مرض جدري القرود يتطلبّ منّا الحرص والحذر. ومن أجل تقليل خطر الإصابة بمرض جدري القرود، ينبغي:
- الابتعاد عن الحيوانات البريّة أو الضالة، بما في ذلك الحيوانات النافقة.
- عدم الاقتراب من الحيوانات التي تبدو مريضة.
- عدم أكل أو لمس لحوم الحيوانات البريّة؛ لحوم الطرائد.
- الحرصُ على النظافة الشخصية، وغسل اليدين جيدًا بانتظامٍ.
- استخدام معقمات الأيدي باستمرار بعد التواصل مع الأشخاص لا سيما الغرباء. احرص أن تحتوي على نسبةَ كحولٍ عاليّةٍ.
- عدم مشاركة أغراضك الشخصية مع أحد، أو استخدام فراش أو مناشف شخص تبدو عليه علامات المرض.
- التأكد من عدّم الاختلاط مع الأشخاص الذين يُرّجح إصابتهم بمرض جدري القرود.
شاهد أيضًا: مرض التراخوما أسباب وعلاج
مرض جدري القرود والمثليين
جاءَ في أحدّ اجتماعات منظمة الصحة العالمية أنّ درجة خطر انتشار مرض جدري القرود تزداد بين المثليين ومزدوجو الميول الجنسية. ذلك بعد إعلان مستشار الشؤون الصحية بحكومة مدريد الإقليمية، إنريكي رويث إسكوديرو أنّ نتيجة تتبع حالات الإصابة بمرض جدري القرود التي قامت بها مديرية الصحة العامة في مدريد كشفت أنّ معظمّ إصابات جدري القرود كانت مرتبطة بحمام “ساونا” يرتاده الشاذون جنسيًّا. كما أكدّت بريطانيا اشتباهها بأن الإصابات بمرض جدري القرود انتشرت بعد إقامة علاقات جنسيّة بين أشخاص مثلي الجنس. ذلك بعد تسجيل نسبة إصاباتٍ كبيرةٍ بمرض جدري القردة بين الشواذ جنسيًّا. وما زالت منظمة الصحة العالمية تسعى لكشفِ حقيقة اجتياج مرض جدري القرود لمجتمع المثليين.
وصلنا إلى نهاية مقالنا “ما درجة خطورة مرض جدري القرود” والذي تحدّثنا فيه عن تاريخ مرض جدري القرود، إضافةً إلى مدّى انتشار مرض جدري القرود، ودرجة خطورته. كما أشرنا إلى الأسباب، الأعراض، وطرق العلاج والوقاية المتبعة ضد جدري القرود. ولا بُدّ من القول أنّ الحذر باتَ واجبًا على كلّ مواطنٍ، لا سيما مع عدّم توفرّ علاجٍ حتميّ لمرض جدري القرود. ممّا يجعلنا أمام وباءٍ جديدٍ إن لم يتمّ السيطرة عليه، ولا يمكن توقع ما يُخبئ لنا إطلاقًا.