الرحم المقلوب والحمل حالتان متلازمتان منذ زمنٍ بعيد، فقد اعتقد الأطباء حينها أن ظهور الرحم المقلوب سيسبب العقم عند المرأة. فعند حدوث انقلاب في الرحم يجب إجراء تلقيحٍ صناعيٍّ لتتمكن المرأة من الحمل والإنجاب. لكن نتيجة تطور العلوم الطبية توصل العلماء إلى نتيجة تنفي ما قيل مسبقًا، فقد أجمعوا على أن الرحم المقلوب لا يؤثر على قدرة المرأة على الحمل والإنجاب. ومن المستحيل الوصول إلى العقم عند ظهور تلك الحالة.
الرحم هو عضوٌ عضليٌّ أجوف ذو جدارٍ سميكٍ يشبه شكل وحجم ثمرة الكمثرى المقلوبة. ويتضاعف الرحم أثناء فترة الحمل إلى ٢٢ مرة، فمن المعروف أن الجنين يتشكل وينمو داخل الرحم خلال الحمل. لذلك يجب الاهتمام والعناية به لضمان نمو الجنين، ومن ثم تأمين الولادة السليمة له. فمن الممكن أن توثر بعض المشاكل في الرحم على وضع الحمل مسببةً آلامًا شديدةً مثل انقلاب الرحم. في الحقيقة تعرف هذه الحالة بانحناء الرحم إلى الخلف داخل الحوض عوضًا عن الأمام وهي الحالة الطبيعية للرحم.
كما يتشكل الرحم المقلوب عند الكثير من النساء بنسبة 20%. على الرغم أنه غير مرتبطٍ بأي مشكلةٍ صحية، إلّا أنه قد يدل على وجود أعراضٍ لأمراضٍ لأخرى. وقد يرتبط ظهور هذه الحالة ببعض الأعراض غير المشروطة للجميع والمتمثلة في الشعور بالآلام الشديدة أثناء العلاقة الزوجية أو خلال الدورة الشهرية.
ما العلاقة بين الرحم المقلوب والحمل
أكثر ما يقلق المرأة عند تشكل الرحم المقلوب هو إمكانية حدوث الحمل والإنجاب من عدمها، فلتلك الحالة عدة تأثيرات على الحمل، وهي:
- ازدياد الضغط على المثانة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. مما يؤدي لحدوث السلس البولي وصعوبة التبول مع الإمساك في الأمعاء.
- الإحساس بالآلام الشديدة في منطقة أسفل الظهر.
- عدم إمكانية رؤية الرحم عبر أجهزة موجات فوق الصوت في أول شهرين من الحمل.
- حدوث توسع في الرحم بنهاية الشهر الثالث من الحمل بسبب نمو الجنين الذي يساعد بعودة الرحم إلى شكله الطبيعي.
- في بعض الحالات النادرة يبقى الرحم مقلوبًا بعد شهر الحمل الثالث، مع بقاء أعراضه كالصعوبة في التبول وألم المعدة والإمساك. مما يشكل خطورةً كبيرةً كونه قد يسبب الإجهاض.
- لا تشعر المرأة بأعراض الرحم المقلوب وإنما تشعر بآلام المخاض في أسفل الظهر خلال الأشهر الأخيرة من الحمل.
- يمكن أن يسبب الرحم المقلوب آلامًا أثناء الجماع في وضعياتٍ محددة، لذلك ينصح بتغيير وضعية الجماع للتخلص من هذه الآلام.
ما هي أسباب الرحم المقلوب
تتمثل الأسباب في:
- وجود عيب خلقي في الرحم عند الولادة.
- خلل جيني يؤدي لانقلاب الرحم.
- الإصابة بعدة أمراض منها:
- الانتباذ البطاني الرحمي: الذي يسبب النسيج الندبي في بطانة الرحم بانحنائه إلى الخلف.
- الورم الليفي : قد يسبب تشوه في الرحم وميلانه إلى الخلف.
- التهاب الحوض : يؤدي إهمال التهابات الحوض إلى ضعف عضلات الرحم وانحناءه للخلف.
- العمليات الجراحية في منطقة الحوض : تساهم العمليات الجراحية بتندب بطانة الرحم فيؤدي لانقلاب الرحم.
الأعراض المصاحبة لانقلاب الرحم
لا يسبب أعراضًا لدى معظم النساء ولكن في بعض الحالات يمكن أن تظهر بعض الأمور منها:
- الشعور بالآلام في أسفل الظهر والمهبل أثناء العلاقة الحميمية.
- الإحساس بالألم الشديد بأسفل البطن أثناء الدورة الشهرية.
- السلس البولي.
- تشكل نتوء بأسفل البطن.
- الصعوبة في التبول.
- التهابات المسالك البولية.
- الصعوبة في استخدام السدادات القطنية.
- العقم في بعض الحالات النادرة.
كيفية علاج حالة الانقلاب في الرحم
يجب اتباع مجموعة من العلاجات عند ظهور أية أعراض، مثل:
- ممارسة التمارين الرياضية الخاصة التي يوصي بها الطبيب المختص.
- اللجوء إلى العمليات الجراحية لإعادة الرحم لوضعه الطبيعي مثل:
- تعليق الرحم يمكن إجراء هذه العملية عن طريق تنظير البطن أو المهبل.
- رفع الرحم تجرى هذه العملية باستخدام المنظار وتستغرق 10 دقائق فقط.
- استعمال الفرزجة وهو جهاز من السيليكون أو البلاستيك يوضع في المهبل ليعدل وضع الرحم.
التمارين الرياضية الخاصة بالرحم المقلوب
في بعض الحالات يمكن معالجة الرحم المقلوب بالتمارين الرياضية التي تعمل على تقوية عضلات الرحم والأربطة المحيطة به. إضافةً للأوتار المساعدة بإعادة الرحم إلى وضعه الطبيعي، ومن هذه التمارين:
- رفع الركبة إلى جهة الصدر: حيث تستلقي المرأة على الظهر مع ثني الركبتين والقدمين على الأرض. ثم رفع الركبة اليمنى إلى جهة الصدر ببطء وإعادة رفع الركبة اليسرى بالتناوب لمدة 20 ثانية لكل ركبة.
- تمرين كيجل: يفيد تقلص الحوض بتقوية العضلات المحيطة به والتي تحفز الرحم للعودة إلى وضعه الطبيعي. وفيه تستلقي المرأة على الظهر والذراعين على جانبي الجسم ثم تأخذ شهيقًا عميقًا ورفع الأرداف عن الأرض والعد إلى 20. وثم إنزال الأرداف عند الزفير مع القيام به من 15 إلى 20 مرة.
- تمرين تقوية عضلات الفخذ الداخلية : يساعد هذا التمرين على تقوية عضلات الفخذ والتي بدورها تقوي عضلات الحوض الداخلية. وتستطيع المرأة تنفيذ هذا التمرين إما بطريقة الجلوس أو بالاستلقاء على الظهر. حيث توضع كرةً أو منشفةً سميكةً بين الفخذين ثم ضمهما على الكرة والضغط عليها لمدة 10 ثواني وأخذ استراحة. يجب تكرار التمرين من ثلاثة إلى خمسة مرات يوميًا.
وبعد كل ما سبق لا يسعنا إلّا تمني الصحة والسلامة لجميع القراء، مع التنويه إلى ضرورة الذهاب للطبيب عند الشعور بأحد أعراض الرحم المقلوب، من أجل اكتشاف المسبب الرئيسي ووضع خطةٍ للعلاج والمحافظة على سلامة الرحم. فالإهمال قد يعرض الرحم لكثير من المضاعفات والتي غالبًا ما تنتهي بالعقم أو بإزالة الرحم للحفاظ على حياة المرأة.