يواجه المعلمون ومحكمو المجلات العلمية دومًا تحديات في كيفية معرفة نسبة النسخ في البحث الذي يطلب منهم مراجعته وتقييمه. إنّ البحث العلمي أحد أهم الأدوات ذات الدور الهام في تطور البشرية وحل مشاكلها، وتكرس مجموعة كبيرة من العلماء حياتها للخوض في غماره ومواجهة صعابه وتحدياته. ولكن كغيره من المجالات، لا بدّ أن يكون هناك بعض المتطفلين الذين يسعون إلى كسب الشهرة أو المنفعة الشخصية من خلال هذا المجال.
ونظرًا للأهمية الكبيرة للبحث العلمي وما يترتب على تبني النتائج التي جاء بها، كان من الضروري اتخاذ التدابير اللازمة للتأكد من أصالة الأبحاث وموثوقيتها. يُعد النسخ من أشهر المشاكل التي تواجه نشر البحوث العلمية، حيثُ أنّه ليس فقط سرقة لمجهودات الآخرين وإنما قد يؤدي نسخ الجمل خارج سياقها إلى تغيير الرسالة المراد وصولها إلى القارئين. لذا دعونا نتعرف في هذا المقال على طرق وأساليب يمكن استخدامها لمعرفة نسبة النسخ في البحث.
تحديد مواطن النسخ في البحث
يراود الشك المدققين نتيجةً لخبرتهم الواسعة بوجود النسخ في البحث بعد قراءتهم للورقة البحثية. وحتى إن لم يكونوا قادرين على تحديد مواطن النسخ مباشرةً، إلا أنّ الشك يبقى قائمًا. ولتأكيد هذا الشك أو نفيه، يمكن اتباع بعض الطرق التي تساعد على تحديد أماكن النسخ. فعلى سبيل المثال يمكن البحث عن:
- تغيرات مفاجئة في بناء الجمل ودرجة تعقيدها، أسلوب الكتابة، التعمق في الموضوع ودرجة فهمه.
- بعض الجمل أو الفقرات التي تبدو معقدةً جدًّا مقارنةً بالجمل الأخرى.
- أي تفصيل آخر يخرج عن التناسق مع بقية الورقة البحثية.
كما أنّ هناك بعض التفاصيل المستقلة عن أسلوب الكتابة والتي يمكن النظر فيها، فمثلاً يمكن أن نجد:
- تغير مفاجئ في نوع أو حجم الخط، مما يقترح وجود النسخ واللصق.
- عدم الانتظام في الطريقة المستخدمة لتحديد الاقتباسات والمصادر.
- الغياب الكامل للاقتباسات والمصادر، خصوصًا في المواضيع المعقدة الدقيقة.
- ضعف الاتساق ما بين موضوع البحث أو مجال تركيزه مع الفقرات المدرجة ضمنه.
بعد تحديد مواطن النسخ يتوجب على المدقق تحديد نسبة النسخ في هذا البحث، وسندرج في الفقرات التالية بعض الطرق الشهيرة لمعرفة نسبة النسخ في البحث.
استخدام محرك البحث غوغل لمعرفة نسبة النسخ
نكتب أولًا الجمل التي بدت لنا منسوخةً أو ضعيفة الاتساق مع بقية البحث على ورقة أو ضمن مستند على الحاسوب. بعد ذلك يمكن من خلال هذه الطريقة إدراج الجملة التي نشك بأنها منسوخة ضمن حقل البحث في غوغل، ثمّ ننتظر لنرى إن كان لهذه الجملة مطابقةً في بحث أو كتاب آخر.
المقابلة المباشرة مع كاتب البحث لتحديد وجود النسخ
تُعد هذه الطريقة فعالةً في تحديد وجود النسخ من عدمه، وتقدير نسبة النسخ في البحث. حيثُ يعقد المدقق لقاءً مباشرًا مع كاتب البحث ومناقشته في موضوع بحثه. ومن خلال هذا النقاش يتبين للمدقق مدى فهم الكاتب لمحتوى بحثه، ويساعده ذلك في تقدير نسبة المحتوى المنسوخ في هذا البحث.
أدوات الكشف عن النسخ وتحديده في البحث
توفر بعض المواقع الإلكترونية أدوات مساعدة لتحديد النسخ في الأبحاث، ومن هذه المواقع:
- Plagiarism and Anti-Plagiarism (مقدم من جامعة روتجيرز).
- Plagiarism.com (يجب دفع مبلغ لقاء الحصول على خدمات هذا الموقع، ولكنه يقدم فترة تجربة مجانيةً).
- SafeAssign.
- Glatt Plagiarism Services.
- EVE.
المواقع التي تقدم خدمات تساعد على النسخ
قد تكون هذه الطريقة مفيدةً للمعلمين أكثر من المدققين، حيثُ غالبًا ما يطلب المعلمون من تلاميذهم كتابة المقالات عن مواضيع مختلفة. تقدم بعض المواقع مقالات جاهزةً عن مختلف المواضيع للطلبة، بعضها يكون مجانيًّا والبعض الآخر مدفوعًا.
وبالطبع تظهر مواقع جديد بشكل دائم، لذا لن نستطيع حصرها في فقرة واحد. ولكن يمكن زيارة بعض هذه المواقع لتساعد المعلم في معرفة ما يجب عليه مراقبته، وتمكنه من تطوير استراتيجيات جديدة لتقليل من احتمالية النسخ بين طلابه. ومن هذه المواقع يمكن أن نذكر:
- Essay World.
- EssayBoy.
- FreeEssayNetwork.
- Adventures in Cheating.
- Top 100 Essay Sites.
إن البحث العلمي هو المساهم الأساسي في وصول الحضارة البشرية إلى ما هي عليه اليوم، ورقة بحثية صغيرة نشرها أينشتاين غيرت كل مفاهيم الفيزياء وأسست للفيزياء الحديثة بكاملها. لذا على الباحث أن يتعلم أخلاقيات البحث العلمي قبل أن يتعرف إلى طرائقه، عليه أن يعرف أنّ الباحث يلتزم بواجبه تجاه ضميره وتجاه البشرية جمعاء.
في أحد الأيام ادّعى أحد الباحثين بأنه وجد رابطًا بين اللقاحات وازدياد نسبة مرض التوحد، وتسبب بموجة من معاداة اللقاحات والامتناع عن أخذها أضرت بالكثيرين واستمرت إلى يومنا هذا، مسببةً عودة ظهور بعض الأمراض التي كانت قد انتقلت إلى أرشيف النسيان بفضل اللقاحات. ومن هنا نرى بأن تحديد نسبة النسخ في البحث واجب أخلاقي ومصيري يجب على المدقق أن يأخذه على محمل الجد ولا يتهاون أبدًا لأي سبب من الأسباب.