نتساءل في كثير من الأحيان عن كيفية صناعة الدواء، هذه الصناعة التي تعد من أهم الصناعات الكيميائية. حيث تعطي الحكومات أهمية خاصة لصناعة الدواء نظرًا للحاجة الماسة له في ظل انتشار الأمراض. بالإضافة لما تحققه من إيرادات جيدة عن طريق تصديرها.
فالدواء مادة كيميائية تٌصنع بطرق خاصة لإحداث تغييرات ضمن جسم الإنسان، بهدف شفائه من المرض والتخلص من الألم واستعادة صحته الطبيعية. كانت الأدوية قديمًا تعتمد على الخلطات العشبية التي تجرب أولًا للتأكد من فعاليتها ثم يتم إعطاؤها للمرضى، وبذلك تصبح وصفة علاجية متوارثة للأبناء.
وفي العصور الحديثة وُضعت قوانين صارمة لصناعة الدواء. التي لم تعد تعتمد على الأعشاب فقط. بل أصبحت تحتاج إلى الأطباء والعلماء ذوي الخبرة والمتخصصين بمختلف العلوم من علم الفيزياء والكيمياء والتشريح والطب والنبات والحيوان بالإضافة إلى الدمويات والجراثيم. فهو عمل شاق يحتاج للصبر والإرادة والإصرار لإنجازه. استمر تطور هذا المجال حيث تم اختراع الأجهزة العلمية وإنشاء المصانع المعقمة حفاظًا على صحة الإنسان من مختلف أنواع الأمراض.
تُعتبر عملية صناعة الدواء من العمليات التي تستغرق وقتًا طويلًا قد تمتد من خمس سنوات وحتى عشرين سنة حتى يصبح جاهزًا للاستخدام. لكن في البداية يجب معرفة المسبب الرئيسي للمرض، وإجراء الفحوصات اللازمة عبر مراحل عديدة.
كيفية صناعة الدواء قديمًا
كانت تتم عملية تصنيع الدواء قديمًا بالطريقة الآتية:
- تحضير المواد الأولية: يتم تحضير المواد الأولية لتصبح جاهزة للاستخدام، وذلك بطرق عدة فمثلًا تتم إذابة الأعشاب الطبية في الماء أو تُدق بالهاون ليتم طحنها أو تُحضر بواسطة التدخين. وأحيانًا يتم خلطها مع العسل لتشكيل معجون يمكن تناوله. كما استخدم العلماء المسلمون في عام 700 تقنية التقطير التي تعتبر من أفضل الطرق في استخلاص المواد الفعالة.
- تحديد الجرعة الدوائية: بعد تحضير المواد الأولية يبدأ التحدي بالنسبة لعلماء الأدوية في تحديد الجرعة اللازمة لكل مريض. وتختلف نسبة المواد الفعالة في هذه المواد، حيث يتوجب على العالم تحديد الجرعة تبعًا لعمر المريض ومراحل تقدم المرض.
- استخلاص المواد ذات الفعالية العالية من النباتات: بدأ الاعتماد على المختبرات الكيميائية في صناعة الأدوية منذ عام 1800، وأصبح عمل الكيميائيين يقتصر على استخلاص هذه المواد من النباتات، بالتالي الحصول على مواد منفصلة عن الأعشاب المستخلصة منها.
- تصنيع المواد الكيميائية: عمل العلماء على تطوير طرق جديدة لإنتاج المواد الكيميائية، والهدف من ذلك تسهيل عملية تخزين الأدوية ونقلها.
كيفية صناعة الدواء في العصر الحديث
تغيرت صناعة الدواء منذ عام 1900 م وتحولت إلى عمل تجاري. وتغيرت مراحل صناعة الدواء وأصبحت تتم بالشكل الآتي:
- بدأت معامل الأدوية بالظهور متبعة طرق خاصة في البحث عن مواد جديدة ذات فعالية.
- اعتماد نظام متعدد الاختبارات قبل الإعلان عن أي دواء. حيث تجري الكثير من التجارب ويتم تطبيقها على الحيوانات مثل الفئران للتأكد سلامتها ثم تجريبها على عدد من المتطوعين السليمين، من أجل معرفة الآثار الجانبية وفعالية المواد التي تم تصنيعها.
- التأكد من الدواء وتجربته على مدى سنوات في معامل الأدوية قبل نقله إلى الصيدليات. حيث يتم تصنيع نماذج دوائية وتقديمها للجهات الحكومية والعلمية المختصة للحصول على براءة الاختراع.
- حق براءة الاختراع: وهذا الحق تمنحه الدولة إلى مخترعي الدواء حيث يملك المخترع حق بيع الدواء بشكل حصري له لعدة سنوات وهذه المدة قد تصل لعشرة سنوات. وبعد انتهاء هذه المدة يمكن للشركات الأخرى إنتاج أدوية مشابهة.
- تصل تكلفة إنتاج الدواء إلى 1.2 بليون دولار. فبعد الحصول على براءة الاختراع يتم إنتاجه بعدة أشكال مثل الإبر والشراب والحبوب.
- يتم طرحه في السوق ليصل للمرضى في مختلف البلاد.
المواد الخام لصناعة الأدوية
المادة الخام هي المادة التي لم تصنع أو تُعالج، وتوجد بشكلها الطبيعي في الطبيعة، وقد تكون ذات فائدة وتقسم إلى:
- مواد نباتية.
- مواد حيوانية.
- مواد معدنية.
للمواد الخام دور هام جدًا في اقتصاد البلاد فهي تباع وتشترى ويتم تصديرها إلى مختلف البلدان، ليتم الاستفادة منها في تصنيع الأدوية. وتعد الهند أحد أكبر الدول التي تصدر المواد الخام الدوائية، وتمتلك مراكز أبحاث لتطوير الدواء.
كما أن جودة الدواء تأتي نتيجة جودة المواد الخام، وهذا ما تسعى إليه شركات الأدوية نظرًا لأهميتها في الحصول على منتج دوائي فعال تتحقق فيه عناصر الجودة والسلامة.
آلية عمل الدواء
تختلف الأدوية عن بعضها بآليات عملها، وبعض الأمثلة عن آلية عملها:
- بعض الأدوية للقضاء على الفيروسات والبكتريا.
- بعضها الآخر لإبطاء سرعتها كأدوية المضادات الحيوية.
- يستخدم بعضها لعلاج السرطان بهدف منع الخلايا من الانقسام، أو القضاء على هذه الخلايا.
- يوجد أدوية مهمتها تصحيح نسب المواد الكيميائية في الجسم كأدوية الهرمونات والفيتامينات.
طريقة تصنيع أقراص الدواء
تعتبر الأقراص من أكثر الأشكال انتشارًا، فهي تُؤخذ عن طريق الفم، ويمكن تمييز الأقراص بشكلها ولونها. بالإضافة إلى كلفة إنتاجها منخفضة. وأهم أنواع هذه الحبوب هي:
- الحبوب العادية المضغوطة.
- الحبوب الفوارة حيث يتم إذابتها في كأس ماء قبل تناولها.
- الحبوب المغلفة وهذا يعطيها صفات أخرى من حيث تسهيل البلع أو الشكل المختلف.
تحتوي الحبة على مادة أو أكثر ذات فعالية علاجية وتُضاف لها مواد مهمة لنجاح الحبة. وهذه المواد قد تكون مهمتها زيادة تماسك البودرة أثناء الكبس أو للوصول للحجم المطلوب، ومواد حافظة ومواد ملونة وغيرها.
حيث يتم تشكيل الحبة عن طريق ضغط مكوناتها باستعمال مكبس ضاغط في قالب مخصص لذلك. فتتشكل الروابط بين الحبيبات المكونة لحبة الدواء لتعطي الشكل المتماسك.
وإذا كانت صعبة التماسك يتم تشكيل حبيبات ذات حجم أكبر عبر معدات خاصة بالمعمل، وذلك لأن الحبيبات الأكبر لها قدرة أكبر على التماسك وبالتالي تتحمل التعبئة والنقل أكثر.
وفي نهاية المقال نكون قد تعرفنا على كيفية صناعة الدواء، وتطور هذه الصناعة في العصر الحديث. والطريقة التي يتم من خلالها تصنيع أقراص الدواء والمواد الخام الداخلة بصناعتها.