فوائد الكهرباء الساكنة متنوعة وتطبيقاتها عديدة. حيث يعتمد عليها في مختلف ظواهر الحياة، كما يلجأ إليها الكثير من الأشخاص والمؤسسات بهدف الحصول على النتيجة المطلوبة والوصول إلى غايتهم. لكن من جهة أخرى، فهي تملك جوانب سلبية أيضًا، فقد تسبب الإزعاج للكثير من الأشخاص عند ازدياد شدتها قليلًا أو حدوثها بشكل متكرر ومتتالي. كما ينتج عنها أحيانًا أضرارًا جسيمة ومخاطر مؤذية جدًا للبيئة والإنسان. مع العلم تعتبر الكهرباء الساكنة ظاهرة طبيعية، تتولد عند حدوث شرارة كهربائية محرضة نتيجة اعتلال التوازن الكهربائي بين شحنتي الجسمين. عادة الجسم الذي يتخلى عن إلكتروناته بسهولة لأنها مرتبطة به برابطة ضعيفة، سيشحن بشحنة موجبة. بينما الجسم الآخر ستصبح شحنته سالبة، لأنه تلقى هذه الإلكترونات وضمها إلى محتواه. سنعرض في مقالنا هذا بعض الأفكار التي توضح فوائد الكهرباء الساكنة وأضرارها. بالإضافة إلى استخداماتها وأهمية وجودها في حياتنا.
فوائد الكهرباء الساكنة
سنعرض بعض الفوائد الشائعة للكهرباء الساكنة في الفقرة الآتية:
- الطباعة والتصوير: تعتمد هذه الفكرة على مبدأ انعكاس الأشعة الضوئية. حيث يشحن الحبر الموجود في الآلة بشحنة كهربائية معاكسة لشحنة الورقة المراد طباعتها. لذلك يحدث انجذاب كهربائي بين الشحنتين، فيتجه الحبر باتجاه الورقة بشكل مباشر ويتثبت عليها. بالتالي سنحصل على صورة الورقة المراد طباعتها.
- تنقية الهواء: نستفيد من الكهرباء الساكنة في فلترة الهواء من الميكروبات والملوثات بشتى أنواعها وأشكالها والمضرة بصحة الإنسان والبيئة. على سبيل المثال، نشحن جزيئات الغبار أو الدخان بشحنة ما، ثم تنجذب هذه الجزيئات إلى الأجسان المؤينة المعاكسة لها في الشحنة وتبقى عالقة في المكان. بالتالي سنمنع انتشارها وتلويثها للجو والهواء الخارجي (أي الهدف الأساسي هو تنقية الهواء).
- طلاء السيارات: أو ما يسمى بالدهان الإلكتروستاتيكي. حيث تعتمد هذه الآلية على فكرة اختلاف الشحنات الكهربائية بين الطلاء وهيكل السيارة المراد تطبيق الطلاء عليه. في البداية نشحن جزيئات الدهان بشحنة كهربائية معينة، ثم نوجهه نحو السطح المعدني المطلوب ذي الشحنة المعاكسة لشحنة الدهان. عند ذلك سينجذب الدهان بسهولة إلى سطح السيارة ويبقى عليه بشكل ثابت. بالتالي يمكننا القول إن العملية قد نجحت، كما نضمن وصول الكمية المحدد من الدهان إلى المكان المطلوب دون تشتتها وانتثارها.
- مداخن المصانع: تعتمد الكثير من المصانع والمؤسسات والمعامل على مبدأ الكهرباء الساكنة في التخلص من الملوثات الناتجة عنها والموجودة في مداخنها. وذلك بهدف حماية الغلاف الخارجي للجو من التأثير السلبي للجزيئات الملوثة والتخفيف من أضرارها الخطيرة على كوكبنا.
- توليد الطاقة: عادة المحطات التي تستخدم الفحم لإنتاج الطاقة، تعتمد على فكرة الكهرباء الساكنة في عملها. حيث تهدف من خلال هذه الآلية إلى جمع الجزيئات الضارة والتخلص منها عوضًا عن تركها تنطلق في الهواء الخارجي.
- كما يمكن الاستفادة من مبدأ الكهرباء الساكنة في عمل أجهزة الصوتيات كالمذياع مثلًا. كما لها دور أساسي في عمل المكثف الكهربائي الموجود في الدارات الإلكترونية والكهربائية أيضًا. بالإضافة لاستخداماتها الكثيرة والمتنوعة في المنازل والمصانع والمؤسسات وأنواع مختلفة من الأجهزة الكهربائية.
مخاطر الكهرباء الساكنة
في ذات الوقت الذي تمتلك فيه الكهرباء الساكنة فوائدًا جمة، لديها العديد من الأضرار الخطيرة أيضًا. وسنذكر البعض من جوانبها السلبية فيما يلي:
- تتولد عادة شرارة كهربائية في مواقع تتضمن موادًا خطيرة كالغازات والمواد القابلة للاشتعال. من الممكن أن تتسبب في حدوث انفجارات أو نشوب حرائق قد تكون مخيفة أحيانًا.
- في بعض الحالات الخاصة، يكون الجسم قد خزن شحنات كهربائية بكميات عالية، فيتسبب ذلك بحدوث صدمة كهربائية خطيرة لدى المتلقي الذي لمس هذا الجسم. لذا تتنوع الأضرار الجسدية الناتجة عن هذه الصعقة الكهربائية المتولدة، وذلك حسب شدتها. من الممكن أن تسبب حروقًا جسيمة أو اضطرابًا في نظم القلب أو توقف العضلة القلبية عن العمل أيضًا وبالتالي موت الشخص.
- تتولد شحنة كهربائية عالية المستوى في خزان الوقود الموجود في الطائرات، نتيجة اجتيازه مسافات طويلة حتى يصل إلى مكانه المحدد في المحرك واحتكاكه بجدار الأنابيب أثناء عبوره خلالها. هذا يمكن أن يحرض نشوب شرارة كهربائية داخل المحرك، وبالتالي التسبب في حدوث اشتعال أو انفجار خطير.
- قد تسبب إتلاف بعض الأجهزة الإلكترونية عند لمسها بالإصبع في حال كان جسمك مشحون بشحنة كهربائية كبيرة.
طرق توليد الكهرباء الساكنة
- الدلك (الفرك): من أشيع الطرق وأكثرها استخدامًا. تتولد الشحنة الكهربائية عندما نفرك الأجسام ببعضها البعض، فتنتقل الإلكترونات المرتبطة بشكل ضعيف من جسم لآخر. نتيجة لذلك يحدث عدم توازن كهربائي بين الجسمين، فتصبح شحنة الجسم الأول إيجابية أما الجسم الثاني فيصبح سلبي الشحنة، وعندها ستتولد الكهرباء الساكنة بينهما. ومن أهم تلك الأجسام لدينا (الفرو والمطاط والزجاج وغيرها الكثير من المواد). عادة يكثر حدوث هذه الظاهرة في الأيام الجافة والجو الدافئ، بينما تقلل الرطوبة والهواء المشبع ببخار الماء من حدوثها.
- التأثير: تتولد الكهرباء في هذه الحالة عند تقريب جسم مشحون بشحنة كهربائية (سالبة أو موجبة) من جسم آخر محايد كهربائيًا (أي الأجسام غير متصلة ببعضها البعض وإنما متقاربة فقط). حيث تقترت وتتجمع الشحنات المعاكسة لشحنة الجسم المشحون في الطرف القريب منه، وذلك بسبب قوة الجذب. ونتيجة اختلاف الشحنات بين الجسمين، ستتولد الكهرباء الساكنة.
- التلامس: عند تلامس جسم مشحون بآخر غير مشحون، سيحدث تفريغ لبعض الشحنات من الجسم المشحون وتنتقل إلى الجسم الآخر غير المشحون. في هذه الطريقة تكون شحنة الجسم الذي أضبح مشحونًا (الجسم غير المشحون) نتيجة التلامس موافقة لشحنة الجسم الذي شحنه (الجسم المشحون).
كيفية الحد من الشعور بالكهرباء الساكنة في الجسم
سنعرض بعض الإجراءات التي تفيدكم في الوقاية من التأثيرات السلبية للكهرباء الساكنة على الجسم، وهي:
- إن المشي بأقدام حافية يساعدكم على تفريغ الشحنات الزائدة في جسدكم إلى الأرض وذلك عبر القدمين.
- بإمكانك لمس أي قطعة خشبية أو الجلوس على مقعد خشبي، لأنها تساعد على تفريغ الشحنات أيضًا.
- يمكنك ارتداء سوار نحاسي أو الاحتفاظ بقطعة معدنية في يديك أو ضمن جيبك، حيث أنها تخفف من نسبة الكهرباء الساكنة، وتقلل تصادم الشحنات المختلفة.
- يفضل الاعتماد على الملابس القطنية والمليئة بالألياف الطبيعية والابتعاد عن كل ما هو صناعي المنشأ، والتخفيف من الألبسة الصوفية أو أي نوع يخزن الشحنات الكهربائية بنسبة عالية.
- استخدام مرطبات الجو لأن الكهرباء الساكنة يزداد نشاطها في الجو الجاف والمكان الدافئ خاصة في الغرف المغلقة في فصل الشتاء.
- يفضل ترطيب الجلد بشكل مستمر لتبقى البشرة رطبة ونتجنب جفافها، فالجفاف يزيد فرصة حدوث التصادم بين الشحنات الكهربائية وتشكل الكهرباء الساكنة.
- الاعتماد على الجلد الطبيعي في اختيار الأحذية والتقليل من المواد الصناعية والبلاستيكية.
- من الممكن تعليق دبوس معدني على الملابس، حيث أنه يساعد على التقليل من نسبة الكهرباء الساكنة والشعور بها.
الظواهر الطبيعية للكهرباء الساكنة في حياتنا
سنذكر بعض الظواهر الطبيعية التي تحدث بشكل طبيعي في حياتنا اليومية:
- تجربة البالون المطاطي: أشهر وأسهل تجربة يمكن تطبيقها لإثبات نظرية الكهرباء الساكنة. بإمكان الأطفال الصغار إنجازها وتسلية أنفسهم بهذه التجربة. إذ نبدأ بفرك البالون بشعرنا مثلًا أو قطعة من الصوف الأصلي. نتيجة لذلك ستنتقل بعض الإلكترونات من الجسم المشحون إلى البالون، فيصبح مشحونًا بشحنة سالبة غالبًا. عندئذ سينجذب البالون لأي جسم أو مادة مشحونة بشحنة موجبة مثل الحائط أو الورق والارتباط بها والإنجذاب إليها بسهولة.
- البرق: يعتمد بشكل أساسي على مبدأ الشرارة الكهربائية الناتجة عن اختلال التوازن الكهربائي للشحنات ضمن السحب. عند ذلك سيحدث تفريغ كهربائي بين السحابة والأرض أو بين السحب بحد ذاتها وتحدث ظاهرة البرق.
- عند خلع الملابس الصوفية أو الألبسة التي تحتوي على الألياف الصناعية ضمنها، مثل: النايلون والبوليستر، سنلاحظ ظهور شرارة (تظهر بشكل أوضح في الجو المظلم)، وسنسمع صوت فرقعة بسيطة. ذلك بسبب تصادم الشحنات المختلفة بين الأجسام المشحونة.
- عند تقريب ساعد اليد وهو مليء بالأشعار من شاشة التلفاز أو الحاسوب، سنلاحظ انتصاب الشعر ووقوفه باستقامة. تشبه هذه التجربة تمشيط الفتيات لشعرهن الحريري في الأيام الجافة، حيث سينجذب الشعر باتجاه المشط ويبدأ بالوقوف وكأنه يطير في الهواء.
- بعد المشي الطويل على سجادة ما (المصنوعة من الصوف خاصة)، وتدليك القدمين لفترة طويلة بها، ثم الإمساك بمقبض الباب، سيشعر الشخص بصدمة كهربائية بسيطة ويسحب يده للابتعاد عنها.
وأخيرًا، يمكن القول: تحدث ظاهرة الكهرباء الساكنة بشكل طبيعي في معظم تفاصيل حياتنا، كما يمكن الاعتماد عليها في مختلف مجالات الحياة بهدف تحقيق نتائج مفيدة لنا ولعالمنا. كما تختلف درجة الإحساس بها من شخص إلى آخر، مع العلم أن شدتها تلعب دورًا في درجة الأذية التي يمكن أن تسببها، لذا يمكنك باتباع بعض النصائح التخفيف من الكهرباء الساكنة المزعجة لك.