شهدت الدولة العباسية العديد من سنوات الازدهار، ومرت بمراحل الضعف والتفكك والهون كغيرها من الدول. كما شهدت اضطرابات سياسية مختلفة. ولكن كان أخطرها على يد المغول الذين أسقطوا الخلافة العباسية التي استمرت نحو خمسة قرون من الازدهار والنهضة. وكانت خلالها بغداد عاصمة الدولة العباسية. لنتعرف معًا في هذا المقال على سقوط الدولة العباسية على يد المغول الذي حدث في العاشر من شهر شباط عام 1258.
فكانت نهاية الخلافة العباسية في بغداد على يد هولاكو، الذي كان قائدًا لجيش المغول حيث حاصر بغداد وأسقط الخلافة العباسية حينها. وفي تلك الفترة كانت الدولة العباسية تعاني من الضعف والانهيار، وكان الخليفة العباسي المستعصم بالله يتسم باللامبالاة. و يُعرف عن المغول أنهم عاشوا في بيئة قاسية وعُرفوا بأعمال العنف. فاكتسبوا صفات قاسية لتجعلهم أخطر الشعوب في التدمير والتخريب والقتل، وكل ذلك دفعهم للتوسع بدولتهم وبسط نفوذهم.
سقوط بغداد على يد المغول
أعد المغول العدة لحصار بغداد وفق خطة الإمبراطور منكوخان. حيث قام بتنفيذها أخوه هولاكو. فاتجه نحو بغداد برفقة جيش كبير بلغ تعداده أكثر من مئتي ألف مقاتل، وقام بحصارها واشتبك المغول مع الجيش العباسي، فهزم المغول العباسيين وقُتل الكثير منهم لقلة خبرتهم في المعارك.
ولم تكن بغداد تملك القوة الكافية لدفع الحصار عنها، حيث نجح هولاكو باختراق أسوارها من الجهة الشرقية. لتصبح بغداد تحت رحمتهم. إلا أنه حاول الخليفة العباسي التوصل لحل سلمي مع المغول، ولكن محاولاته باءت بالفشل. فاضطر إلى تسليم نفسه بعد أن وعده المغول بالأمان. حيث خرج الخليفة وبرفقته ثلاثة آلاف من علماء بغداد وكبار رجالها إلى معسكر المغول.
ثم طلب هولاكو من الخليفة أن يرسل إلى أهل بغداد لإلقاء أسلحتهم، فأرسل الخليفة لهم. وما إن خرجوا من الأسوار حتى قتلهم. فاستباح بغداد نهبًا وقتلًا وحرقًا. ولقي الخليفة العباسي مصرعه مع حاشيته وأفراد أسرته.
وقد بلغ عدد القتلى على يد المغول أكثر من مليون إنسان. وأيضا قام المغول بحرق آلاف الكتب ورمي معظمها في نهر دجلة، وحولوا صحون الجوامع لمرابط خيولهم. ومن نجا من سكان المدينة فر هاربًا من المغول وبطشهم.
حيث استمروا بالذبح أسبوعًا كاملًا في مدينة بغداد، كما أن كثرة القتل والإهمال والتدمير أدى لانتشار مرض الطاعون، حيث أصيب به الكثيرين من الذين نجوا من بطش المغول.
العراق بعد الغزو المغولي
قسم المغول العراق إلى ثلاثة ولايات وهي العراق والجزيرة الفراتية وبلاد الجبل.
توالى حكام المغول على العراق طمعًا بالسلطة والأموال، دون التفكير بالعلم والاقتصاد والإصلاح. حيث زادت الضرائب وزاد الخراب وتدهورت البلاد. فانتعشت البداوة، وبدأت تختفي المظاهر الحضارية.
حتى انهارت دولتهم التي قامت على سفك الدماء على يد اسماعيل الصفوي.
صفات المغول
امتلك المغول صفات عدة، أهمها:
- تمتع المغول بقدرات عسكرية كبيرة: فقد ترعرع المغول على أظهر الأحصنة، والذي منحهم قدرة جيدة للتنقل والحركة بسرعة في المعارك والالتفاف على خصومهم.
- امتلك المغول هيكلة عسكرية متميزة: حيث نظم جنكيز خان جيشه وأعده للحروب واعتمد على الكفاءات. كما وضع النظام الهرمي للجيش بوجود سلسلة قيادية فعالة.
- تمتع جيش المغول بمرونة كبيرة بين الضباط والجنود: حيث لم يُعامل الجنود بازدراء. بل رحب قادة المغول بروح الإبداع والمبادرة بما يخدم مصلحة الجيش. وكان تنظيمهم يضاهي الجيوش المعاصرة.
- اعتمد المغول في حروبهم على استراتيجية الرعب الجماعي: وعُرفوا بمدى وحشيتهم. فأبادوا مدن كاملة، وارتكبوا المجازر الجماعية التي كانت تتم بسرعة هائلة.
أسباب سقوط الدولة العباسية
كان لسقوط الدولة العباسية أسباب عديدة، ومنها:
- ازدياد نفوذ العناصر من غير العرب: حيث اعتمد العباسيون على الفرس في بدايتهم، ومن ثم الأتراك الذين تدخلوا في شؤون الخلفاء والسلطة بشكل كبير.
- مساحة الدولة الكبيرة: كانت تمتد الدولة العباسية من المحيط الأطلسي وحتى أقاصي الصين. وفي فترة ضعف الدولة أصبح السيطرة عليها من الصعوبات.
- الصراع بين الولايات الإسلامية: حيث نشأت نزاعات بين الأمويين في الأندلس و العباسيين في بغداد. وهذا كان سببًا في ضعف الدولة.
- انفصال بعض الولايات: نتيجة المساحة الكبيرة للدولة وضعف حكامها، بدأت الولايات بالانفصال منها الدولة السامانية، والدولة السلجوقية في العراق وفارس وغيرها.
- ضعف عدد من الخلفاء العباسيين وظهور طوائف متعددة: حيث انشغل بعض الخلفاء بالشهوات والملذات، مما سمح للعناصر غير العربية بالتدخل بشؤون الدولة.
نتائج سقوط بغداد
سقطت بغداد بسيطرة المغول عليها عام 1258، وأدى ذلك إلى نتائج عديدة أهمها:
- سقوط الخلافة العباسية بسقوط بغداد.
- كانت تُعد بغداد مركزًا سياسيًا هامًا للإسلام، وملتقى للحكام والوفود المسلمين. إلا أن بعد سقوطها فقدت أهميتها وتحولت لمدينة ثانوية.
- فقدت بغداد مكانتها الدينية المتميزة.
- ظهرت اللغة الفارسية بشكل متفوق على العربية بعد هجرة أهل العلم من بغداد إلى إيران، وحرق المكتبات على يد المغول.
- فقدان التوازن بين الخلافة العباسية وبيزنطة بعد سقوط بغداد.
كم سنة حكم المغول بغداد
استمرت الامبراطورية المغولية من عام 1206 حتى عام 1294. وتعتبر معركة عين جالوت هي المعركة الحاسمة التي أوقفت تمدد الامبراطورية المغولية. حيث انتصر المماليك في هذه المعركة وتولوا الحكم في بلاد الشام ومصر.
كما استمر حكم المغول في بغداد من عام 1258 حتى عام 1508 حتى احتلال الصفويين للعراق.
ونكون قد تعرفنا في نهاية مقالتنا على سقوط الدولة العباسية على يد المغول، وأسبابه. كما تعرفنا على صفات المغول و وحشيتهم بعد دخول بغداد، وما تبع ذلك من نتائج.