بعد سقوط الدولة الأموية استولى العباسيون على الحكم عام 750 ميلادي واستمروا بالحكم حتى عام 946 ميلادي. وقد كانت الخلافة العباسية من أقوى الخلافات الإسلامية على مر العصور. فقد كانت ثالث خلافة إسلامية، وثاني عائلة مسلمة تحكم المسلمين بعد العائلة الأموية. وقد مرت الدولة العباسية بعصور كثيرة. كان العصر الذهبي فيها هو عصر هارون الرشيد. حيث تميزت الدولة خلال فترة حكمه بقوة لم تشهدها من قبل. إذ بلغت أموال الخراج ذروتها طواعيةً. كذلك أقام الكثير من المساجد، والمشاريع، وبنى القصور، وأنشأ بيت الحكمة، واهتم كثيرًا بمدينة بغداد. ولكن هذا الحكم لم يستمر بسبب الصراع على الحكم، وفساد وأطماع الولاة. وقتل آخر خليفة عباسي المستعصم بالله على يد المغول بقيادة هولاكو. وكانت النهاية سقوط الدولة العباسية.وفي هذه المقالة سنتكلم عن أسباب سقوط الدولة العباسية.
أسباب سقوط الدولة العباسية
هناك مجموعة من الأسباب التي جعلت من استمرار الخلافة العباسية أمرًا مستحيلًا. وأهم هذه الأسباب:
تدخل عناصر غير عربية بالحكم
في البداية ساعد الفرس العباسيين للإطاحة بالدولة الأموية وتشكيل الدولة العباسية، لذلك سلموهم مناصب عليا في الدولة. وبعد ذلك أصبح الفرس ينازعون الخلفاء العباسيين على الحكم، ويحاولون نقل مركز الخلافة إلى خرسان. ولكن في البداية وبسبب قوة الدولة العباسية لم يتمكنوا منهم. وبعد ذلك أتى دور الأتراك الذين توغلو في في السلطة، وتدخلوا في شؤون الخلفاء العباسيين الذين كانوا يعتمدون عليهم لحمايتهم من الأخطار الخارجية. ومن ثم بدأت قبضة الخلفاء العباسيين في حكم البلاد تضعف، وأصبحت مهمة إدارة الدولة بالكامل في يد الأتراك. هذا بالإضافة للمؤامرات التي حاكوها لقتل الخلفاء، الأمر الذي أدى إلى ضعف الدولة ومن ثم سقوطها.
انهيار الحالة الاجتماعية
تدهور المجتمع العباسي في عهد الخلفاء الأكثر تطورًا، حيث أنهم انصرفوا عن الفتوحات والجهاد. وانشغلوا بحياة الترف واللهو، فزاد الفساد في المجتمع وازدادت الفوارق الطبقية. فأصبح المجتمع العباسي مكون من طبقتين هما: الطبقة الغنية التي بقية تعيش في حياة اللهو والترف لعدة سنين. والطبقة الفقيرة التي كانت تعارض ما تفعله طبقة الأغنياء وتدعوهم للعودة إلى طريق الحق وما أمر به الله تعالى. مما تسبب في انقسام المجتمع وضعفه، وفي النهاية ضعف الدولة العباسيةوانقسامها.
تعدد ولايات العهد والنزاعات بين الخلافات الإسلامية
قام الخليفة العباسي هارون الرشيد بتولية العهد لأكثر من واحد من أبنائه، الأمر الذي أدى إلى حدوث الحروب والفتن بين الإخوة. وهذا كان من أكثر الأسباب التي أدت إلى ضعف الدولة العباسية سوءً. كذلك إن الصراع بين الخلافة العباسية، والخلافة الأموية في الأندلس، والخلافة العبيدية في شمال إفريقيا أيضًا أدى إل ضعف الدولة العباسية وانهيارها.
انفصال بعض الولايات
خلافًا للأمويين الذين احتفظوا بالحكم المركزي، وفرض سلطتهم على جميع المناطق التابعة لهم. كانت الدولة العباسية منذ بدايتها عرضةً للتفكك، وذلك نتيجةً لاتساع مساحة الدولة العباسية التي امتدت من حدود الصين، وحتى المحيط الأطلسي. وضعف الخلفاء وانصرافهم للترف والبذخ. أصبح من المستحيل إحكام القبضة على أطراف الدولة العباسية الضعيفة والمترامية الأطراف. فظهرت نزاعات انفصالية في ولايات الدولة العثمانية بسبب طمع بعض الولاة وانشغالهم عن أمور الدولة. ومن هذه الولايات نذكر:
- دولة السلاجقة في العراق وفارس.
- الدولة الأموية في الأندلس وقرطبة حيث كانوا أول من استقل عن الدولة العباسية وعاد لسيطرة الدولة الأموية.
- الدولة الطولونية الإخشيدية في مصر والشام.
- الدولة الزيدية، والصفارية، والسامانية، والبويهية في فارس.
- دولة الأغالبة، والأدارسة، والفاطميين، والموحدين في شمال إفريقيا.
- الحمدانيين في الأندلس.
اختلاف الدولة مع الشيعة
بعد أن عمل العباسيون والشيعة معًا لإسقاط الدولة الأموية. حيث كان كلًا منهما يسعى للفوز بالخلافة. ولكن عندما تمكن العباسيون من الخلافة وفازوا بها، بدأت المشاكل بينهم وبين الشيعة، حيث بدأ الشيعة يحيكون المؤامرات للإطاحة بالدولة العباسية. وكان الشيعة يتجمعون في مناطق معينة من الدولة العباسية. فكان الفاطميون يسيطرون على منطقة شمال أفريقيا، ومنطقة الحجاز. ومناطق البويضة الخاضعة لسيطرة الفرس، والعراق، وسلطنة عمان في القرن العاشر. أما القرامطة بقيادة حسن بن صباح فقد خلقوا الكثير من المشاكل في أجزاء مختلفة من العالم الإسلامي. وقد كان الشيعة وراء اجتياح هولاكو لبغداد وسقوط الدولة العباسية.
الغزو المغولي
المغول هم مجموعة من القبائل القاطنة في هضبة منغوليا. تجمعت هذه القبائل تحت إمرة جنكيز خان الذي لقب نفسه بهذا الاسم وهو يعني قاهر العالم. وضم امبراطورية واسعة تحت إمرته امتدت من الصين شرقًا وحتى حدود العراق وبحر الخرز وروسيا غربًا، والهند جنوبًا. وقد بدأت جيوش المغول تتجه نحو العالم الإسلامي في القرن السابع. وعندما حكم الخوارزميون المناطق الشرقية، أصبحوا يتدخلون في شؤون الخلافة العباسية. وعندها خاف الخليفة من خسارة بغداد فأرسل إلى جنكيز خان ليهاجم الخوارزميين. إلا أنه لم يعر كلام الخليفة أي اهتمام إلى أن اختلف مع الخوارزميين فجهز جيشًا وقضى على الدولة الخوارزمية. وبعد موت جنكيز خان أتى بعده منكو خان الذي أرسل أخاه هولاكو إلى بلاد فارس، وأمره ببسط السيطرة المنغولية على البلاد، وأمره بإعطاء الأمان للحاكم العباسي إن أعلن الطاعة. أما هولاكو فقد قضى على الإسماعيلية، ومن ثم اتجه إل بغداد عاصمة الدولة العباسية. وفرض حصارًا شديدًا عليها وانتهت هذه الأحداث بمقتل الخليفة العباسي المستعصم وسقوط الدولة.
الدولة العباسية
ينتسب العباسيون إل العباس بن عبدالمطلب ابن عم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. وقد قسمت فترة الخلافة العباسية تاريخيًا إلى فترتين فترة القوة وتتمثل بالعصر العباسي الأول، وفترة الضعف وتتمثل بالعصر العباسي الثاني.
العصر العباسي الأول
الذي امتد من عام 750 ميلادي وحتى عام 847 ميلادي. بدأ هذا العصر بعهد الخليفة أبي العباس السفاح واستمر حتى نهاية عهد الخليفة الواثق بالله. وقد تميز هذا العصر بالقوة والاستقلال. وكذلك بالسيطرة على أركان الدولة ومقاليد الحكم. وفي هذا العصر استطاع الخلفاء القضاء على الثورات والمؤامرات ضدهم، والمحافظة على قوة الدولة وهيبتها.
العصر العباسي الثاني
ابتدأ هذا العصر عام 847 ميلادي بالخليفة المتوكل. وانتهى عام 946 ميلادي بالخليفة المستكفي. وتميز هذا العصر بالضعف وانعدام هيبة الدولة العباسية نتيجة الانصراف عن الاهتمام بأمور الدولة إلى الاهتمام باللهو. وفي هذا العصر ظهرت حركات انفصالية لبعض الولاة. وسيطر الترك على الدولة العباسية. واستقل البويهيون في أصفهان وخرسان عن الدولة، كما استقل الحمدانيون في ديار بكر والموصل وربيعة. والإخشيديون استقلوا في مصر والشام.
ولابد من الإشارة إلى أن تاريخ الدولة العباسية يعتبر فترة تاريخية عظيمة من التاريخ الإسلامي، هذه المرحلة التاريخية مرت بفترات قوة واستقلال تام، وبفترات ضعف امتازت بالانحلال والتدهور أدت إلى ضعف الدولة العباسية وسقوطها.