يتساءل الكثير من المؤمنين عن حكم إدخال المصحف إلى موضع قضاء الحاجة. وذلك لأن المصحف الشريف صديق المسلم الذي لا يستطيع الاستغناء عنه أبدًا. لأنه كتاب الله المُطهّر وكلامه المُنزّه عن النّواقص، المحفوظ من التحريف أوالتبديل. لذلك يعتاد العباد على قراءة وتلاوة القرآن من المصحف للتقرب إلى الله عز وجل ليطمئن القلب وتهدئ النفس. ولكن مع انتشار الكثير من المستحدثات في الآونة الآخيرة. يحتاج المسلم إلى معرفة حكم الشرع ورأي العلماء والفقهاء في أهم الأمور التي يمكن أن تختلط عليه. ومن أهم هذه الأمور معرفة ما هو حكم دخول المصحف إلى موضع قضاء الحاجة؟
القرآن الكريم
لا يستطيع العبد المؤمن الاستغناء عن القرآن الكريم. وذلك لأن فيه حياة قلبه وهداية طريقه ونور بصره. حيث يوجد بهذا الكتاب العظيم كل أمر يخص حياة المسلم. كما يستمد المسلم من المصحف العقيدة. ويعرف منه العبادات وكل ما يرضي به ربه. كما أن فيه كل ما يحتاج إليه من توجيه وإرشاد في الأخلاق والمعاملات. ومن دلالة ذلك قول الله سبحانه وتعالى (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)، وقوله تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى).
وجاءت السُنة النبوية الشريفة لتؤكد أن المسلم لا يستطيع الابتعاد عن مصحفه. حيث ورد عن الدارمي، عن علي بن أبي طالب، قال: سمعت رسول الله يقول: (ستكون فتن).
قلت: (وما المخرج منها؟) قال: (كتاب الله).
ما هو حكم إدخال المصحف إلى موضع قضاء الحاجة
المصحف الشريف كتاب الله المحفوظ والمكرم. لذلك يجب الحرص على ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى. وذلك بتلاوته وحفظ آياته وتكريمه. لذلك فإن حكم دخول المصحف إلى موضع قضاء الحاجة وفقًا لإجماع رأي العلماء والفقهاء. فإنه فعل محرم ولا يجوز. لأن ذلك يتنافى مع احترام كتاب الله المنزل من اللوح المحفوظ. ولكن هل يمكن أن يضطر المسلم إلى إدخال المصحف إلى موضع قضاء الحاجة. وما حكم ذلك. وما هو رأي الفقهاء في هذه الحالة؟
حكم إدخال المصحف إلى موضع قضاء الحاجة بين الحرام والجائز
في حالة ما إذا اضطر المسلم أن يدخل إلى قضاء حاجته ومعه المصحف خوفًا عليه من السرقة أو التلف. كان رأي الفقهاء والعلماء في هذه الحالة كالتالي:
الحنابلة والمالكية
إن حكم الشرع برأي الحنابلة في إدخال المصحف إلى موضع قضاء الحاجة محرم. ولكن في حالة الخوف على المصحف من السرقة أو التلف أو الضياع. في هذه الحالة يمكن السماح بدخوله. ولكن اشترطت المالكية وضع المصحف في مكان مستور. مثل الحقيبة أو الجيب.
الشافعية
ولكن كان رأي الشافعية أن إدخال المصحف إلى الخلاء أمر مكروه بدون ضرورة. ومن يفعل ذلك بدون ضرورة تقتضي ذلك. فإنه آثم.
ويتبين من رأي الفقهاء أنه يجب على المسلم البحث عن مكان طاهر وأمين يضع فيه المصحف. ولكن إذا ما وجد مكان طاهر أو خاف عليه من السرقة. فإنه مباح الدخول به إلى الخلاء للضرورة. ولكن بشرط أن يكون مستورًا.
حكم إدخال جوال عليه المصحف إلى موضع قضاء الحاجة
يمكن أن يحمل المسلم القرآن الكريم على جواله. لذلك من المهم أن يعرف حكم إدخال هاتف به القرآن إلى الخلاء، أو موضع قضاء الحاجة. لأن في ذلك تفصيل من أهل العلم.
فإذا ظهرت الآيات القرآنية على شاشة الجوال. فإنه من المكروه أن يُدخل الجوال إلى الخلاء. حيث أنه من المكروه إدخال أي شيء فيه ذكر الله أو رسوله إلى الخلاء. وذلك باتفاق جميع المذاهب الأربعة. ولكن إذا كانت آيات القرآن لا تظهر على الجوال، أو إذا كان مغلق. فإنه لا حرج في إدخاله بهذه الحالة.
حكم دخول آيات قرآنية إلى موضع قضاء الحاجة
وهذه الحالة عندما يحمل المسلم سلسلة أو خاتم مكتوب عليه آيات قرآنية. فإن حكم إدخالها إلى الخلاء مكروه. ولكن إذا خاف عليها من الضياع أو السرقة. فإنه يجوز له الدخول بها حفاظًا عليها. والدليل على ذلك ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه كان إذا أراد دخول الخلاء، وضع خاتمه. لأنه مكتوبًا عليه “محمد رسول الله”.
ما هي آداب تعامل المسلم مع المصحف الشريف
فإن حكم إدخال المصحف إلى موضع قضاء الحاجة فعل محرّم تمامًا. وذلك أحد آداب التعامل مع المصحف الشريف. حيث يجب على المسلم أن يمتثل الأدب في التعامل من كتاب الله الكريم. وذلك لتعظيمه وحُسن عبادة الله عز وجل. ومن أهم هذه آداب التعامل مع المصحف التالي:
- عدم مس المصحف بدون طهارة. حيث أجمع الفقهاء وأهل العلم على ذلك.
- ألا يضع أي كتاب آخر فوق المصحف.
- حمل المصحف الشريف باليمين. وأيضًا قرآته ومناولته باليمين.
- عدم وضع المصحف على الأرض.
- عدم هجر قراءة وتلاوة المصحف. حتى وإن كان حافظًا له عن ظهر قلب.
- يجب أن يحافظ المسلم على المصحف من التلف.
- ألا يجعل المسلم من المصحف وسادةً له ويستند عليه.
- لا يمد رجليه للمصحف. وذلك حتّى أثناء النوم. كما أن من واجبه رفعه إلى مكان مرتفع.
- لا يقوم المسلم بإلقاء المصحف. وإذا أراد أن يناوله لآخر، يعطيه له بأدب وتأنّي.
- عدم أخذ الفأل منه أو التطيّر به. فإن ذلك من البدع والتّشبه بالجاهلية.
وفي النهاية عزيزي المسلم فإن حكم إدخال المصحف إلى موضع قضاء الحاجة أمر محرم. ولكن أجازه العلماء والفقهاء في حالة الضرورة. ولكن عليك التأكد عند دخول الخلاء من عدم إمكانيه ترك المصحف بالخارج. وذلك حتى لا تقع في إثم معلوم.