القلق أسباب وعلاج

هل أصابك القلق في مرحلة ما من حياتك؟ ماذا تفعل عندما ينتابك شعور الخوف والتوتر عند إجراء مقابلة عمل؟ هل تجد صعوبة في السيطرة على مخاوفك؟ هل بدأت تشعر بأن القلق المفرط يؤثر على حياتك الاجتماعية والعملية؟ إذًا تابع معنا عزيزي القارئ، ستجد حتمًا إجابات مفيدة حول هذا الموضوع الذي أصبح شائعًا لدى معظم الأفراد.
في البداية علينا أن نعلم بأن القلق هو شعور طبيعي وحالة صحية في كثير من الأحيان. كما توضح هذه الاضطرابات الطريقة التي يعالج بها الشخص مشاكله ويسيطر على عواطفه وتصرفاته، مما يسبب أيضًا أعراضًا جسدية. لذلك قد يكون المرض غامضًا ومقلقًا عندما تكون درجته خفيفة، بينما تؤثر الدرجة الشديد بشكل خطير على الحياة اليومية.

الأسباب وعوامل الخطر المحرضة للقلق

أسباب اضطرابات القلق معقدة وعديدة، وقد يحدث العديد منها في وقت واحد، أو قد يؤدي بعضها إلى البعض الآخر ، وقد لا يؤدي البعض الآخر إلى اضطراب القلق ما لم يكن هناك اضطراب آخر. وتشمل الأسباب المحتملة ما يلي:

  • الضغوطات البيئية: مثل الصعوبات في العمل، والقضايا العائلية أو مشاكل في العلاقات بين الأفراد.
  • علم الوراثة والتاريخ العائلي: حيث أن الأشخاص الذين لديهم أفراد في العائلة يعانون من اضطراب القلق، لديهم استعداد وراثي للإصابة بالاضطرابات القلقية.
  • العوامل الطبية: أمراض مختلفة، وتأثيرات الدواء، أو ضغوط الجراحة المكثفة أو الشفاء المطول.
  • كيمياء الدماغ واضطرابات الجملة العصبية: حيث يشير بعض علماء النفس إلى أن العديد من اضطرابات القلق هي عبارة عن اختلال في توازن الهرمونات، والإشارات الكهربائية في الدماغ. كما أن الدراسات الحالية أكدت على وجود خلل في عدد من النواقل العصبية ومستقبلاتها (نقص السيروتونين والنورأدرينالين ومستقبلات الغابا).
  • متلازمة الانسحاب من مادة غير مشروعة أو عقاقير مخدرة: قد تؤدي إلى جعل التأثيرات الناتجة عن الأسباب الأخرى أكثر حدة وقوة.
  • الجنس: إن الإناث أكثر إصابة من الذكور، وذلك لأن الرجال لديهم وسائل أكثر في التفريغ عن كربهم وشرح انفعالاتهم. كما أن النساء أكثر طلبًا للمساعدة النفسية (أي أكثر مراجعة للعيادات النفسية).
  • سمات الشخصية: مثل الشعور بالخجل أو الانعزال عندما تكون في مواقف جديدة أو عند مقابلة أشخاص جدد.
  • الأحداث الصادمة: خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة أو مرحلة البلوغ.

أعراض القلق العامة

في حين أن عددًا من التشخيصات المختلفة يمكن أن تشير إلى أنواع مختلفة من اضطرابات القلق. لكن يبقى النمط المعمم هو الأكثر شيوعًا وأعراضه واسعة، حيث تشمل المحاور الثلاثة الأساسية لتصنيف الأعراض، وهي (النفسية، والجسدية، وأعراض الأمراض النفسية الجسدية).

الأعراض النفسية لاضطراب القلق

  • الشعور بالخوف بدرجات مختلفة.
  • قد تترقى الحالة إلى حدوث نوب مستمرة من الخوف والهلع.
  • توتر دائم وغالبًا دون وجود مبرر.
    الأرق والشعور بأنك (على حافة الهاوية).
  • زيادة الحساسية، حيث يصبح الشخص متحفزًا لأدنى تنبيه.

الأعراض الجسدية لاضطراب القلق

هي أكثر الأعراض شيوعًا، وتصيب معظم أعضاء الجسم من فروة الرأس حتى أخمص القدمين. حيث أن معظم مرضى القلق يقومون بمراجعة الأطباء العامين قبل الطبيب النفسي. لدينا من الأعراض ما يلي:

  • القلبية الوعائية: تسرع القلب وارتفاع الضغط الدموي الارتكاسي.
  • الهضمية: يمكن أن يحدث صعوبة في البلع وسوء الهضم والنفخة، بالإضافة للغثيان والإقياء، والإسهال أو الإمساك، والأهم من ذلك عدم نسيان متلازمة الأمعاء الهيوجة (الكولون العصبي)، فهي مرتبطة بالاضطرابات النفسية بشكل كبير.
  • التنفسية: ضيق النفس والتنهد المتكرر، وأحيانًا نوب من فرط التهوية.
  • العصبية: الصداع المستمر والشعور بالدوخة والخوف من السقوط. كذلك لدينا صعوبة التركيز والتي تتجلى بسرعة النسيان والشرود وصعوبة التذكر واسترجاع الأحداث الماضية.
  • البولية التناسلية: قد يحدث زيادة في عدد مرات التبول، وأحيانًا يحدث ضعف القدرة الجنسية أو برود جنسي وغير ذلك من الاضطرابات الجنسية التناسلية.
  • العضلية الهيكلية: آلام معممة وتعب ووهن عام.
  • أعراض مختلفة: على سبيل المثال، يحدث اضطراب في الشهية للطعام (وخاصة نقص الشهية). بالإضافة لمشاكل عديدة في النوم كالأرق المتكرر والكوابيس وصعوبة الخلود للنوم.

الأمراض النفسية الجسدية المرافقة للقلق

قد يحرض القلق الكثير من الأمراض العضوية، وقد يفاقمها ويجعلها أسوأ. أشيع هذه الأمراض هو:

  • ارتفاع التوتر الشرياني.
  • أمراض القلب الإكليلية.
  • الربو.
  • الشقيقة.
  • السكري.
  • كما أظهرت بعض الدراسات علاقة الحالة الانفعالية للشخص مع جهازه المناعي. حيث يمكن أن يصبح المريض أكثر عرضة للأخماج والالتهابات واضطرابات المناعة.

تصنيف أنواع القلق

في الإصدارات السابقة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، تضمنت اضطرابات القلق نوعين هما: اضطراب الوسواس القهري (OCD)، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). ولكن الآن يصنف الإصدار الخامس (DSM-V) اضطرابات القلق إلى عدة أنواع رئيسية:

  • اضطراب القلق المعمم: هو اضطراب القلق الأكثر شيوعًا، ولا يستطيع الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب دائمًا تحديد سبب قلقهم. حيث أنه اضطراب مزمن ينطوي على قلق مفرط وطويل الأمد، ومخاوف بشأن أحداث وأشياء ومواقف غير محددة في الحياة.
  • اضطراب الهلع: تحدث هجمات قصيرة أو مفاجئة من الرعب الشديد والتخوف. يمكن أن تؤدي هذه الهجمات إلى الارتعاش والارتباك والدوخة والغثيان وصعوبات التنفس. تبلغ ذروتها بعد 10 دقائق، وقد تستمر لساعات. تحدث اضطرابات الهلع عادةً بعد تجارب مخيفة أو إجهاد طويل، ولكنها قد تحدث أيضًا دون سبب.
  • الرهاب المحدد: خوف غير عقلاني أو تجنب الفرد لشيء أو موقف معين. تتراوح محفزات الرهاب من المواقف والحيوانات إلى الأشياء اليومية.
  • الخوف من الأماكن المكشوفة: غالبًا ما يسيء الناس فهم هذه الحالة على أنها رهاب من الأماكن المفتوحة أو الهواء الطلق. لكنها ليست بهذه البساطة، فقد يخشى الشخص المصاب برهاب الخلاء من مغادرة المنزل أو استخدام المصاعد ووسائل النقل العام.
  • الصمت الانتقائي: شكل من أشكال القلق الذي يعاني منه بعض الأطفال، حيث لا يستطيعون التحدث في أماكن أو سياقات معينة كالمدرسة، على الرغم من أنهم قد يتمتعون بمهارات اتصال لفظية ممتازة.
  • اضطراب القلق الاجتماعي: هو الخوف من الحكم السلبي من الآخرين في المواقف الاجتماعية أو من الإحراج العام. يشمل اضطراب القلق الاجتماعي مجموعة من المشاعر، مثل خوف المسرح، والخوف من الحميمية، والقلق من الإذلال والرفض.
  • اضطراب قلق الانفصال: يحدث هذا النوع بعد الانفصال عن شخص أو مكان يوفر الشعور بالأمان، وهذا ما يميز اضطراب قلق الانفصال. كما أنه يؤدي أحيانًا إلى ظهور أعراض الهلع.

 

العلاج الدوائي للقلق

الأدوية التي قد تتحكم في بعض الأعراض الجسدية والعقلية تشمل (مضادات الاكتئاب، والبنزوديازيبينات، وثلاثيات الحلقة، وحاصرات بيتا). سنعطي أفكارًا عن أهم الأدوية المستخدمة في العلاج، وهي:

  • البنزوديازيبينات: لا تعتبر العلاج الأساسي للمرض، فهي تعالج الأعراض عادة (علاج عرضي). كما تعطى لفترة قصيرة خوفًا من احتمال حدوث الإدمان بشكل كبير. غالبًا آثارها الجانبية قليلة باستثناء النعاس والاعتماد المحتمل، وأشيعها (الديازيبام، أو الفاليوم).
  • مضادات الاكتئاب (مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRI): وهي الأدوية المختارة في علاج اضطرابات القلق، لأنها من الصنف الأحدث التي تتميز بسهولة استخدامها وتأثيراتها الجانبية أقل من غيرها. ومن المحتمل أن تسبب توترًا وغثيانًا واختلالًا وظيفيًا عند بدء العلاج. وأهم مثال عليها هي (باروكسيتين، فلوكسيتين، سيرترالين).
  • مضادات الاكتئاب (ثلاثية الحلقات): هذه الفئة من العقاقير أقدم من مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية التي تقدم فوائد لمعظم اضطرابات القلق بخلاف الوسواس القهري. قد تسبب هذه الأدوية آثارًا جانبية، بما في ذلك الدوخة والنعاس وجفاف الفم وزيادة الوزن. يجب توخي الحذر عند استخدامها نظرًا لسميتها العالية وقدرتها على الوفاة في الجرعات الزائدة. لذلك يجب أن يقتصر استخدامها على الحالات التي تكون فيها SSRIs غير فعالة أو لا يمكن تحملها. أشيع أنواعها هي (إيميبرامين وكلوميبرامين).
  • حاصرات بيتا: يمكن إعطاء حاصرات بيتا (بروبرانولول، أتينولول) في علاج الأعراض الفيزيائية مثل (رجفان النهايات، تسرع القلب، التعرق، ارتفاع التوتر الشرياني الارتكاسي).

العلاج النفسي الداعم والعلاج السلوكي للقلق

تبدأ جلسات العلاج النفسي بعد زوال النوبة الحادة للقلق، ويتضمن ما يلي:

  • الدعم النفسي وطمأنة المريض وتشجيعه.
  • الاهتمام بطريقة مناسبة ومتوازنة من قبل أهل المريض (عدم المبالغة في إظهار الحنان الزائد والمشاعر المفرطة).
  • مساعدة المريض على تعلم طرق مختلفة للتفكير والتصرف (أي تغيير طريقة تفاعله مع الأشياء التي تجعله يشعر بالخوف والقلق)، وذلك من أجل تجاوز وتخطي عقبات الحياة التي قد تواجهه.
  • أما العلاج السلوكي: يكون عن طريق تمارين الاسترخاء.

الوقاية من تطور اضطرابات القلق

علينا أن نتذكر أن مشاعر القلق هي عامل طبيعي في الحياة اليومية، وأن الشعور بها لا يشير دائمًا إلى وجود اضطراب في الصحة العقلية. وهناك طرق لتقليل مخاطر اضطرابات القلق، لذلك اتخذ الخطوات التالية للمساعدة:

  • التقليل من تناول الكافيين والشاي والكولا والشوكولاتة.
  • اتباع نظام غذائي صحي.
  • حافظ على نمط منتظم لأوقات نومك.
  • تجنب الكحول والقنب والعقاقير الترويحية الأخرى.
  • استشر الطبيب أو الصيدلي لمعرفة أي مواد كيميائية قد تجعل أعراض القلق أسوأ، قبل استخدام الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية (OTC) أو العلاجات العشبية.

إذا أردت تحويل مشاعر القلق والتوتر التي تسيطر عليك في بعض المواقف إلى طاقة إيجابية تستفيد منها، وعليك متابعة علاجك بانتظام عند الطبيب والمعالج النفسي الخاص بك.

Scroll to Top