ما هو الداء النشواني؟ ولماذا دعي بالمتسلل الصامت؟ فما هي الأعراض المحتملة للمرض؟ وما أخطر مضاعفاته المهددة للحياة؟ ويبقى التساؤل الأهم عن إمكانية توفر العلاج المناسب في حال الإصابة به. للإجابة عن جميع هذه التساؤلات تابعوا معنا من فضلكم هذا المقال.
يعد الداء النشواني (Amyloidosis) اسم لمجموعة من الحالات المرضية النادرة والخطيرة الناتجة عن ترسب بروتين غير طبيعي يسمى الأميلويد في الأعضاء والأنسجة بمختلف أنحاء الجسم، مما يتسبب في متلازمات سريرية متنوعة. حيث يؤدي تراكم بروتينات الأميلويد (الرواسب) إلى إعاقة في عمل الأعضاء والأنسجة وتسبب فشلها. ومن أهم هذه الأعضاء (القلب، الكلى، الأمعاء، الكبد، البشرة، الأنسجة اللينة، الأعصاب والمفاصل). ومن الممكن أيضًا أن يصيب جميع أنحاء الجسم وهذا ما يدعى بالداء النشواني الجهازي المميت في حال تُرك دون علاج.
أعراض الداء النشواني
قد تكون الإصابة بالداء النشواني ولاسيما في مراحله المبكرة لا عرضية. كما يعتمد ظهور الأعراض على العضو أو الأنسجة المصابة به. فإذا أصاب القلب سوف يسبب لك الأعراض التالية:
- ضيق في التنفس ولاسيما بعد المجهود.
- اللانظيمات القلبية(عدم انتظام ضربات القلب).
- وذمة.
- ألم وضيق في الصدر.
- انخفاض ضغط الدم.
وفي حال أصاب الكليتين، سوف تعاني من:
- تورم في الساقين والكاحلين، ناجم عن احتباس السوائل (وذمة).
- بيلة بروتينية.
- التعب والضعف الشديد.
إما اذا أصاب الجهاز الهضمي، فقد يؤدي للأعراض التالية:
- الغثيان.
- الإسهال الدموي أو الإمساك.
- فقدان الشهية.
- فقدان غير مبرر للوزن.
- صعوبة في البلع.
- تضخم اللسان مع وجود تموجات على حوافه.
وفي حال إصابة الكبد به فقد تشعر بألم مع وخز وتورم في الحافة الحلوية من البطن.
إذا تأثرت الأعصاب، سوف تشعر بهذه الأعراض:
- الخدر أو الشعور بالوخز في اليدين والقدمين (اعتلال الأعصاب المحيطية).
- الشعور بالدوار أو الإغماء، ولاسيما بعد الوقوف أو الجلوس.
- التناوب مابين الإسهال والإمساك.
- انعدم الاحساس والقدرة على الشعور بالبرودة أو الحرارة.
وتشتمل الأعراض الأخرى المتحملة على ما يلي:
- تبدلات في الجلد مثل السماكة وبقع أرجوانية داكنة تحت العينين مع سهولة بظهور الكدمات.
- آلام في المفاصل.
- خدر ووخز وألم في المعصم والأصابع (متلازمة النفق الرسغي).
التنميل والوخز في اليدين والإبهام.
مضاعفات مرض النشواني
يمكن أن يؤدي الداء النشواني إلى فشل أي عضو يتراكم فيه محدثًا بذلك المضاعفات الآتية:
- فشل القلب: يؤثر الداء النشواني على النظام الكهربائي للقلب. محدثًا اضطرابًا في النظم القلبية. كما تسبب ترسبات الأميلويد في القلب إلى فقدان مرونة العضلات القلبية حيث تصبح أكثر تيبسًا. مما يزيد من صعوبة ضخ الدم في جميع أنحاء الجسم، وبالتالي انخفاض ضغط الدم والإصابة بالقصور القلبي المهدد للحياة.
- فشل الكلى: يسبب ترسب الأميلويد في الكلية إلى فشل نظام الترشيح الكلوي، حيث يمنع إعادة امتصاص البروتين من الكلية وبالتالي تسرب البروتين من الدم إلى البول محدثًا ما يسمى بالبيلة البروتينية. مما قد يؤدي في النهاية إلى الفشل الكلوي.
- اعتلال الأعصاب: حيث يؤدي تراكم الأميلويد في الأعصاب إلى الشعور بالألم والتنميل أو الوخز في أصابع اليدين والقدمين. كما قد تؤثر هذه الحالة على الأعصاب الأخرى، مثل: الأعصاب المسؤولة عن وظيفة الأمعاء مسببةً عند ذلك تناوب بين الإسهال والإمساك أو الأعصاب المسؤولة عن ضغط الدم مسببة انخفاض الضغط والإغماء.
أنواع الداء النشواني وأسبابه
هناك عدة أنواع من الداء النشواني. قد يكون بعضها وراثي، وبعضها الآخر مكتسب. ومنها من يؤثر على أعضاء متعددة، بينما تؤثر أنواع أخرى على جزء واحد فقط من الجسم. وهي كالتالي:
- الداء النشواني ذو السلسلة الخفيفة للغلوبولين المناعي AL: وهو النوع الأكثر شيوعًا من الداء النشواني. والذي ينتج عن خلل في خلايا محددة موجودة في نخاع العظام، تسمى خلايا البلازما فتنتج بروتينات شاذة تدخل إلى مجرى الدم مشكّلةً رواسب الأميلويد. ومع مرور الوقت وبتضاعف الحالة، تتراكم ألياف الأميلويد على شكل ترسبات في الأنسجة والأعضاء. فتتوقف تدريجيًا عن العمل. يتميز هذا النوع من الداء النشواني بأنه ليس وراثيًا، لذلك لا ينقل الشخص المصاب بهذا النوع المرض إلى أطفاله.
- الداء النشواني الثانوي AA: وعادةً ما يحدث بسبب مرض التهابي، مثل التهاب المفاصل الرثياني (الروماتيزم). وهو يصيب بشكل خاص الكبد والطحال والكلية، القلب، الغدة الكظرية،الغدة الدرقية والعقد اللمفاوية. ولكن حسّنت الوسائل العلاجية للحالات الالتهابية الشديدة معدل البقيا للمصابين بهذا النوع في الدول المتطورة.
- الداء النشواني الوراثي (العائلي): يحدث نتيجة طفرة في بروتين الترانستيريتين (TTR) الذي يصنعه الكبد فيترسب في القلب والأعصاب والكلية مؤديًا للعديد من التشوهات اللاحقة للإصابة. كما يوجد شكل عائلي آخر من هذا المرض يسمى حمى البحر المتوسط العائلية (FMF) الذي يتظاهر بارتفاع درجة حرارة الجسم والتهاب المصليات.
- الداء النشواني من النوع البري: عُرِف سابقًا باسم الداء النشواني الشيخوخي. يحدث نتيجة ترسب الأميلوئيد لأسباب مجهولة. مع العلم أنّ بروتين TTR الذي يصنعه الكبد يكون طبيعيًا. ويميل الداء النشواني من النوع البري إلى التأثير على كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم 70 عامًا. يستهدف القلب، والكلى، الجهاز الهضمي، اللسان، الجلد والأعصاب . كما قد يسّبب متلازمة النفق الرسغي.
- الداء النشواني الموضعي: سير المرض لهذا النوع أفضل من الأنواع الأخرى فهو أقلّ خطورة. حيث يصيب الجلد، المثانة، الحلق والرئتين.
تشخيص داء Amyloidosis
يسمح التشخيص المبكر للمرض بالحماية من تلف الأعضاء. كما أنه مهم كون العلاج يختلف اعتمادًا على الحالة العامة للمصاب. فيتم التشخيص بالطرق الآتية:
- تحليل الدم والبول للبحث عن البروتين الشاذ الذي قد يشير إلى الداء النشواني.
- التشخيص بالاعتماد على الأعراض والعلامات الموجودة كتورم الساقين وغيرها من أعراض الفشل الكلوي أو تلف الكبد.
- اختبارات وظائف الكبد والغدة الدرقية.
- خزعة من النسج وفحصها بحثًا عن ترسب للبروتين غير الطبيعي. ويمكن أخذ الخزعة من الدهون المتواجدة تحت جلد البطن، العضو المصاب كالكلية والكبد أو من نخاع العظام.
- الإيكو باستخدام الموجات فوق الصوتية لتحديد مدى جودة عمل القلب.
- التصوير بالرنين المغناطيسي MRI باستخدام موجات الراديو لإعطاء صور تفصيلية لأعضاء الجسم. ويمكن استخدامها لتقييم بنية ووظيفة القلب أيضًا.
- التصوير النووي، حيث يتم حقن كميات صغيرة من العناصر المشعة في الوريد. فتكشف عن خلل مبكر في القلب ناجم عن أنواع محددة من هذا الداء. ويساعد في التمييز بين الأنواع المختلفة من الداء النشواني، والتي من المهم معرفتها لنتوجه بشكل سليم إلى طرق العلاج الخاصة بكل نوع.
- يمكن أن يساعد الاختبار المخصّص للأنسجة في معرفة نوع ترسب الأميلويد.
عوامل الخطر للإصابة بمرض النشواني
يوجد العديد من من العوامل التي قد تسبّب زيادة خطر الإصابة بالداء النشواني، وهي تتعلّق بـ:
- العمر: حيث يمتاز المرض بإصابته للأعمار الكبيرة التي تتراوح بين 60 و 70 عامًا.
- الجنس: يحدث الداء بشكل شائع عند الرجال أكثر من النساء.
- سوابق لأمراض أخرى: يزداد خطر الإصابة بهذا المرض وخاصّةً من النوع AA عند وجود مرض معدي أو أمراض التهابية أخرى مزمنة.
- الوراثة: وُجِد دور كبير لعامل الوراثة في الداء النشواني. حيث أنّ بعض أنواعه تورّث ضمن العائلة الواحدة.
- النوع : يبدو أنّ الأشخاص من الأصل الإفريقي معرضين بشكل أكبر للإصابة بطفرة في الجينات المرتبطة بنوع من أنواع الداء النشواني الذي يسبب أذية وخلل في القلب.
- غسيل الكلية: من الممكن في حال الخضوع لغسيل الكلية أن تتراكم البروتينات الشاذة في الدم، ثمّ في الأنسجة مؤدّية إلى المرض.
علاج الداء النشواني
لا يوجد علاج في وقتنا الحالي للداء النشواني. لكن يمكن لبعض الإجراءات العلاجية أن تساعد في السيطرة على العلامات والأعراض والحد من إنتاج المزيد من بروتينات الأميلويد. ومن أهم هذه الإجراءات:
- العلاج الكيميائي: يمنع العلاج الكيميائي نمو خلايا نخاع العظام غير الطبيعية ويحد من إنتاج البروتينات الشاذة التي تشكل رواسب الأميلويد.
- الستيروئيدات: تعطى بالتزامن مع العلاج الكيميائي لتقوية مفعوله. حيث تقلل من احتمالية الإصابة برد فعل خطر للعلاج الكيميائي.
- الأدوية القلبية: يتم إعطاء المميعات الدموية للتقليل من مخاطر السكتات القلبية، كما تعطى بعض الأدوية للتحكم في معدل ضربات القلب، وأنواع من المدرات البولية لتخفيف الضغط على القلب والكلى. وينصح بالتقليل قدر الإمكان من تناول الملح. ونادرًا ما يتم اللجوء إلى عملية زرع القلب.
- الأدوية العصبية: حيث يوجد بعض أنواع الأدوية التي تعالج تلف الأعصاب الناجم عن الداء النشواني الوراثي ATTR وهي:
- باتيسيران (أونباترو)
- إينوترسن (تيجسيدي)
- تافاميديس (فينداماكس وفينداكيل)
علاجات أخرى:
- زرع خلايا الدم الجذعية، ويناسب هذا الإجراء الأشخاص الذين لم يتطور المرض لديهم ولم يتضرر قلبهم بشكل كبير.
- غسيل الكلى وخاصة إذا كان المريض مصابًا بالفشل الكلوي في مراحله النهائية.
- زراعة الأعضاء حيث يتم اللجوء إلى هذا الإجراء في حال إصابة الأعضاء بأضرار بالغة ناجمة عن تراكم كمية كبيرة من رواسب الأميلويد فيها. مثل عمليات زرع القلب أو الكلى أو الكبد.
وفي الختام نأمل بأن نكون قدمنا جميع المعلومات المتعلقة بالداء النشواني. كما ننصح بعدم التردد بزيارة الطبيب في حال ظهور أي من الأعراض المذكورة أعلاه، حرصًا على سلامتكم من أي مضاعفات خطيرة للمرض.