التهاب الشغاف أسباب وعلاج

يعتبر التهاب الشغاف أسباب وعلاج هذا الالتهاب من المواضيع الشائعة التي تنال اهتمام الكثيرين من القراء، وعلى وجه الخصوص الأطباء منهم. وكما هو معروف يعتبر القلب أحد أعضاء الجسم النبيلة التي تستوجب الاهتمام بها بشكلٍ خاصٍ. حيث يحيط بعضلة القلب من الخارج غشاء مكون من نسيجٍ ضامٍ يعرف باسم غشاء القلب، أو التامور Pericardium. بينما يغطى تجاويف القلب الداخلية نسيج من الخلايا الظهارية يعرف باسم الشغاف Endocardium. ويكون هذين الغشاءين كغيرهما من أعضاء الجسم عرضةً للإصابة بالأمراض نتيجة وصول البكتيريا والجراثيم الضارة إليهما. ويعد التهاب الشغاف من الأمراض الخطيرة التي تهدد حياة الإنسان. وينتج عن انتقال البكتريا وخصوصًا البكتريا العقدية، والمكورات العنقودية من الأجزاء الأخرى في الجسم عبر الدم لتلتصق في البطانة الداخلية لحجرات القلب وصماماته مسببةً التهابًا يمكن أن يتلف القلب ويدمر صماماته إذا لم يعالج سريعًا.

وتشير الإحصائيات إلى أن أربعةً من كل مئة شخصٍ معرضين للإصابة بالتهاب الشغاف. وأن الذكور هم الأكثر عرضةً للإصابة به من الإناث بمقدار الضعف. وأن هذه الأرقام في ارتفاعٍ مستمرٍ. فلنتعرف معًا عزيزي القارئ على أسباب هذا الالتهاب، وأعراضه، وما هي الآلية المتبعة في علاجه.

أسباب التهاب الشغاف

يصاب المريض بالتهاب الشغاف نتيجة تمكن بعض أنواع البكتريا، أو الفطريات التي تعيش في الفم، أو في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي، أو في أجزاء أخرى من الجسم من الدخول لمجرى الدم، ثم مهاجمة صمامات القلب غير الطبيعية، أو أنسجته التالفة، مسببةً التهابها. ونذكر من طرق دخول هذه البكتريا، أو الفطريات إلى الدم:

  • وجود مشاكلٍ في الأسنان واللثة، فقد يسبب استخدام فرشاة الأسنان في جرح اللثة غير السليمة، مما يسمح للبكتيريا بدخول مجرى الدم. كذلك كل الإجراءات المتعلقة بالأسنان والتي تتسبب بجرح اللثة قد تكون سببًا في دخول البكتريا إلى الدم.
  • استخدام بعض الأدوات الطبية كأنابيب القسطرة والأدوية الوريدية لفترةٍ زمنيةٍ طويلةٍ. حيث يمكن للبكتريا أن تدخل عبر هذه الأدوات إلى داخل الجسم.
  • استخدام الإبر الملوثة، والحقن غير المعقمة التي تؤدي إلى دخول البكتريا مباشرةً إلى الدم.
  • قد تتسبب بعض العمليات الجراحية للجهاز الهضمي، وعمليات الجهاز التنفسي والبولي بتسهيل دخول البكتريا إلى مجرى الدم.

عوامل تزيد من خطر الإصابة بالتهاب غشاء البطانة الداخلية للقلب

هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة بالتهاب الشغاف نذكر منها:

  • وجود عيوبٍ خلقيةٍ في القلب عند الولادة، كاضطراب القلب، أو وجود صماماتٍ مشوهةٍ، وغير طبيعيةٍ.
  • تلف صمامٍ أو أكثر من صمامات القلب نتيجة الإصابة ببعض الحالات المرضية، كالحمى الروماتيزمية.
  • وجود جهاز قلبٍ مزروعٍ، أو صمام قلبٍ صناعيٍ حيث يمكن للبكتريا أن تلتصق بها بسهولة أكثر من التصاقها بالأعضاء الطبيعية.
  • التقدم في السن، حيث تزداد احتمالية الإصابة بالتهاب الشغاف لدى الأشخاص التي تتجاوز أعمارهم ستين عامًا.
  • وجود إصابةٍ سابقةٍ بالتهاب الشغاف.
  • استخدام أدويةٍ وريديةٍ غير قانونيةٍ، حيث تشكل الإبر الملوثة تهديدًا للأشخاص الذي يتعاطون مخدراتٍ وريديةٍ كالهيرويين والكوكائين، وفي أغلب الأوقات لا يجد هؤلاء محاقنً وإبرًا نظيفةً غير مستخدمةٍ.

أعراض التهاب بطانة القلب الداخلية

تختلف أعراض التهاب الشغاف من شخصٍ لآخر، وباختلاف نوع البكتريا أو الفطريات المسببة للالتهاب، وتشمل الأعراض الأكثر شيوعًا لالتهاب الشغاف:

  • ارتفاع الحرارة وتعرق ليلي كما في حالات الإنفلونزا.
  • ضيق النفس، مع الإحساس بألمٍ في الصدر أثناء التنفس.
  • التعب والإرهاق، وألم في العضلات والمفاصل.
  • عدم انتظام ضربات القلب.
  • تورم البطن، والأطراف.
  • صداع في الرأس.

كما أن هناك أعراضًا أقل شيوعًا تترافق مع التهاب الشغاف نذكر منها:

      • ظهور بقعٍ حمراء رقيقةٍ تحت الجلد في أصابع اليد أو القدم تعرف بعقد أوسلر.
      • تشكل بقعٍ حمراء على باطن القدم أو راحة اليد تعرف بآفات جوي.
      • وجود بقعٍ حمراء أو قرمزية على الجلد أو في بياض العين تعرف بالحبر.
      • ظهور دمٍ في البول، يراه الطبيب تحت المجهر.
      • انخفاض غير مبررٍ في الوزن.

تشخيص التهاب الشغاف

قد تتداخل أعراض التهاب الشغاف آنفة الذكر مع أعراض بعض الأمراض الأخرى، لذا لا بد لتأكيد المرض من إجراء مجموعةٍ من الاختبارات نذكر منها:

  • اختبارات زرع الدم، للبحث عن البكتريا أو الفطريات المسببة للالتهاب.
  • تخطيط صدى القلب الذي يوضح هيكل وعمل القلب بشكلٍ مفصلٍ، كما يمكن رؤية الأنسجة المتضررة، وكتل البكتريا والخلايا الملتصقة بصمامات القلب.
  • معدل سرعة ترسب الدم، حيث تدل سرعة ترسب الدم العالية على وجود التهاباتٍ.
  • التصوير الطبقي المحوري، أو التصوير بالرنين المغناطيسي الذي يحدد بدقةٍ عاليةٍ وجود أية خراجاتٍ في القلب.
  • التصوير بالأشعة السينية، التي تظهر حالة الرئتين والقلب، وتساعد في تحديد ظهور تورمٍ في القلب نتيجة الالتهاب.

وغالبًا ما تنجح المضادات الحيوية أو مضادات الفطريات التي يصفها الطبيب في علاج الكثير من حالات التهاب الشغاف الناتجة عن العدوى البكتيرية أو الفطرية. إلا أن هناك حالاتٍ حرجةٍ تتطلب اللجوء إلى عملٍ جراحيٍ لعلاجها، وإزالة كل المؤشرات التي تدل على وجود عدوى متبقية. وفي كلتا الحالتين قد يحتاج المريض لدخول المستشفى حتى يتحقق الطبيب من الشفاء التام من الالتهاب.

علاج التهاب الشغاف بالأدوية

يعتمد نوع الأدوية المستخدمة في علاج التهاب الشغاف على سبب الالتهاب، ففي حالة العدوى البكتيرية تستخدم أدوية المضادات الحيوية على شكل جرعاتٍ عالية التركيز، تحقن عبر الوريد، وقد تتطلب هذه الطريقة بقاء المريض في المستشفى لمدة أسبوعٍ أو أكثر حتى يتسنى للطاقم الطبي التأكد من فعالية العلاج. ويمكن للمريض عند زوال أعراض الالتهاب مغادرة المستشفى مع الاستمرار في تناول المضادات الحيوية التي يصفها الطبيب في المنزل لأسابيع عديدةٍ حتى يزول الالتهاب بالكامل. ويعتبر البنسلين، والجينتامايسين (الفانكومايسين لمن يعاني من حساسيةٍ تجاه البنسلين) أشهر المضادات الحيوية المستخدمة في معالجة التهاب الشغاف.
أما في حال كان التهاب الشغاف ناتجًا عن عدوىً فطريةٍ، فقد يحتاج بعض المرضى إلى تناول مضادات الفطريات التي يصفها الطبيب مدى الحياة تجنبًا لتكرار الإصابة بالتهاب الشغاف.

علاج التهاب الشغاف عن طريق الجراحة

قد يوصي الطبيب في بعض الحالات بالعمل الجراحي بغرض ترميم الصمام التالف في القلب، أو استبداله بصمامٍ نسيجيٍ بيولوجيٍ من نسيج قلبٍ بشريٍ، أو صمامٍ اصطناعيٍ من نسيج قلب بعض الحيوانات كالأبقار، أو صمامٍ ميكانيكيٍ تعويضيٍ من موادٍ صناعيةٍ، ويكون العمل الجراحي ضروريًا في الحالات التالية:

  • عدم استجابة المريض لعلاج التهاب الشغاف بالمضادات الحيوية، أو مضادات الفطريات.
  • عودة الدم إلى القلب بعد ضخه نتيجة انغلاق الصمام بشكلٍ جزئيٍ.
  • تشكل كتلٍ كبيرةٍ من البكتريا أو الخلايا مرتبطةٍ بالصمام، حيث يفرغ الخراج الذي تطور داخل عضلة القلب من خلال العمل الجراحي.
Scroll to Top