فرضت الحياة المعاصرة على الاقتصاد بوحداته المتباينة الكثير من التباينات التي ترتبط ببقاء هذه الوحدات ونموها إضافة ازدهارها. ويعتبر التحليل المالي واحدًا من السبل التي وضعت لحماية الوحدات الاقتصادية وتطورها. إذ يساهم بتجديد نقاط القوة والضعف ودراسة المنافسين. إضافة للعمل على تعزيز نقاط القوة الموجودة في الوحدة الاقتصادية وعلاج نقاط الضعف عبر عمليات التخطيط المالي وهو خطوة مكملة لعملية التحليل المالي.
وباتت عملية التَحليل المَالي ذات شأن عظيم نتيجة ظهور الأسواق المالية إضافة لتعدد وتنوع أدواتها المالية التي يتم تداولها عبر هذه الأسواق. فزادت حدة المنافسة بسبب انتشار العولمة فتزايدت أهمية المؤشرات المالية التي يجب توفيرها لأطراف المصلحة الحقيقية من نشاط هذه الوحدات الاقتصادية.
التحليل المالي
يعتبر التَحليل والتخطيط المَالي عمليتان فعالتان فيكملان بعضهما البعض. حيث إن التحليل فقط من دون اتباع آليات لتنشيط العمل ليس ذو أهمية. ولكن مخرجاته المسماة بمؤشرات الأداء تعزز عملية التخطيط. وتجدر الإشارة إلى أن التحليل المالي لا يقرأ فقط الأرقام في القوائم المالية بل يبحث عن معاني ودلالات تلك الأرقام فتساعد بتنبؤ الاتجاهات المستقبلية للوحدة الاقتصادية.
كما يعتبر التحليل المالي من أهم الموضوعات في الإدارة المالية لكونه يعتبر مرحلةً تمهيدية للتخطيط المالي. وهو وسيلة في تقييم أداء الشركات المالي وتحديد المركز الائتماني لها. بدأ التَحليل المَالي نشأته كأداة من المصارف وأدبيات الإدارة المالية.
البنوك والمصارف
دعا زيادة حجم التسهيلات الائتمانية المجلس التنفيذي لجمعية المصرفيين الموجودة في نيويورك لأعداد توصية لأعضاء الجمعية. توجب على المقترض أن يقدم بيانات حول الأصول والتي هي الموجودات إضافة إلى الخصوم والتي هي المطلوبات إلى حق الملكية عندما يطلب أن يحصل على تسهيلات مصرفية. ومن ثم في سنة 1906 أوصي باستخدام هذه البيانات لتحلل تحليلًا شاملًا لمعرفة وضع الشركة المقترضة لمعرفة نقاط القوة والضعف الموجودتين في البيانات المقدمة. أما في سنة 1908 فأوصي باعتماد القياس الكمي من خلال النسب للبيانات التي يقدمها المقترضون لمعرفة الجدارة الائتمانية لديه.
أدبيات الإدارة المالية
أكدت هذه الأدبيات على أهمية التحليل المالي. ومن ثم اتخذ كأداة بفترة الكساد الأعظم عام 1929 حيث أن الفشل والإفلاس الذي لحق بعدة شركات أكد الحاجة لضرورة نشر القوائم المالية. وذلك بهدف أن تقرأ بياناتها جيدًا وتحلل لمعرفة المركز الائتماني والمالي للشركات. فأدى تطور تقنيات التمويل والاستثمار فيما بعد لاتخاذ قرارات خاصة بالشركة وبالأطراف المستفيدة من هذا التَحليل المَالي. فاعتمدت أساليب الحداثة الكمّية وتكنولوجيا المعلومات والحاسوب.
اقرأ أيضًا: طرق الاستثمار في الأسهم بالسوق السعودي
أهمية التحليل المالي
بالرغم من اختلاف اتجاهات تفعيل التَحليل المَالي كأداة، إلا أنه يتوجب ذكر أسباب زيادة أهمية التحليل المالي:
- تطور تكنولوجيا الإنتاج والتصنيع: جعل هذا التطور كافة الشركات المتطورة تكنولوجيًا من حيث الإنتاج والتصنيع توظف موارد مالية كبيرة فكان هذا يتطلب عمليات تحليل وتقييم جدوى هذا العمل.
- ضغط الائتمان: جعل وجود عدة شركات في ظل ندرة الموارد المالية المؤسسات المالية والمصرفية تمنح الائتمان تبعًا للجدارة الائتمانية. وذلك لمعرفة إمكانية هذه الشركات لتقدمة خدمة الأصل إضافة إلى فوائده خلال الدورة المالية والتشغيلية للشركة.
- تطور ونضوج الأسواق المالية: تعد الحاجة لأنظمة كفوءة للتحليل والإفصاح المالي والمعلوماتي التي تزود بالمعلومات الدقيقة للمستثمرين هامةً في تقييم الأدوات المالية في السوق.
- التحكم المؤسساتي: ظهر هذا المفهوم ضمن العقد الأخير من القرن الماضي وبين الحاجة إلى تفصيل الرقابة الداخلية والخارجية لمنع التلاعب في إجراءات المحاسبة والاستثمار.
أهداف التحليل المالي
وصفت نتائج التحليل المالي على أنها أهم أسس اتخاذ القرارات، إضافة للحكم على كفاءة الإدارة وجدواها وقدراتها على تحقيق أفضل استثمار للموارد، ومن أهداف التَحليل المَالي:
- تقييم وضع الشركة المالي والنقدي.
- تقييم قراءات الاستثمار والتمويل من حيث النتائج.
- تحديد مؤشر الانحرافات المالية على المخطط البياني وتشخيص أسبابه.
- الاستفادة من نتائج التحليل من أجل إعداد الموازنات وخطط المستقبل.
- التركيز على الفرص الاستثمارية المتوفرة أمام الشركة.
- التنبؤ بفشل الشركة الذي تواجهه.
- تزويد متخذي القرار بالمعلومات الكمية والنوعية.
- تقييم ملائمة الشركة على المدى البعيد والقريب.
اقرأ أيضًا: الاستثمار السياحي في المملكة العربية السعودية
منهجية التحليل المالي
يرتكز التحليل المالي على تحقيق الهدف الاستراتيجي بتعظيم قيمة أسهم الشركة السوقية. تحدد مهمة المحلل المالي بتكوين المعايير والأدوات المستخدمة بالحكم على سلامة وفعالية القرارات المتخذة في الإدارة المالية.
تعكس بيئة التَحليل المَالي تبعًا للاتجاهات التقليدية والحديثة، فثمة أطراف تتأثر بنتائج هذا التَحليل المالي كالإدارة وحملة الأسهم وذوي المَصالح المشتركة إضافة لمؤشرات البيئة الاقتصادية العامة. إذًا تتأثر منهجية التحليل المالي بالاتجاه الاقتصادي عبر تقييم المكانة الاقتصادية للقطاع الاقتصادي فيتحقق هذا عبر قياس كفاءة الإدارة المالية وقدراتها بتحقيق الميزة التنافسية إضافة لخصم التدفقات النقدية باعتبارها أفضل مقياس لمساهمة الشركة في البيئة الاقتصادية العامة.
كما يتطلب التَحليل المَالي بغض النظر عن حجم الشركة ونشاطها وشكلها القانوني منهجيةً علميةً لاتخاذ القرار السليم فتحدد منهجية التحليل المالي عبر التالي:
- تحديد هدف التَحليل المَالي من أجل توفير التكلفة والجهد والوقت.
- تحديد زمن التحليل المناسب أي ما الوقت الذي يحتاجه.
- اختيار الأداة الملائمة للتحليل المالي إضافةً للمعيار المناسب للمقارنة.
- ومن ثم تحديد أسباب الانحرافات والحلول المعالجة أو المخففة لها.
- تقييم ملخص الموقف ومن ثم اقتراح الحركة الاستراتيجية المناسبة.
القوائم المالية ذات الصلة بالتحليل المالي
تمنح القوائم المالية مخرجات نظام المحاسبة المالي٬ فتظهر أعمال الشركة بعد أن تفحص وتدقق ومن هذه القوائم:
- الميزانية العمومية وغالبًا ما تكون سنةً ماليةً فقط.
- كشف الدخل وهي عناصر المصاريف والإيرادات.
- كشف التدفقات من النقود وهو صلة الوصل بين كشف الدخل والميزانية العمومية.
اقرأ أيضًا: شروط الشركة السعودية للتمويل
معايير التحليل المالي
لا تكفي نتائج التَحليل المَالي لوحدها كما هو معروف في الأوساط المالية لكي تزود بالمعلومات المطلوبة لتحقيق أهداف التحليل. لذا يجب على المحلل المالي أن يعتمد معاييرًا معينة ليحكم على هذه النتائج كالآتي:
- المعيار المطلق الذي يقيس كفاءة الشركة من حيث السيولة على المدى القصير. فيأخذ المعيار قيمةً مطلقةً وثابتةً للمقارنة بالقيمة المماثلة للشركة. ويندرج تحت هذا المعيار معيار نسبة التداول ومعيار نسبة السيولة.
- معيار الصناعة حيث يقيس وضع الشركة ضمن قطاعها٬ هل هو على المستوى النوعي لهذه الصناعة، وتوضع هذه المعايير من قبل جهات خارجية كبورصة الأوراق المالية وبعض مؤسسات خدمة الاستثمار وسواها.
- ثم المعيار المستهدف حيث تضع الإدارة مسبقًا مؤشرات مستهدفة كخطة سنوية لتحقيقها فتقارن الواقع مع معيارها الذي وضعته لتحكم على التحليل المالي.
- المعيار التاريخي حيث يقيس أداء الشركة في السابق فينعكس تطور فعاليات وأنشطة الشركة.
الأطراف المستفيدون من نتائج التحليل المالي
ثمة أطراف عديدة تستفيد من نتائج التَحليل المَالي منها:
- الإدارة المسؤولة عن الشركة.
- ثم مالكي الشركة والمساهمين.
- مستثمري الشركة والدائنين.
- ثم هيئة الأوراق المالية.
- غرف الصناعة والتجارة.
- ثم مصلحة الضرائب.
- البنوك والمصارف.
اقرأ أيضًا: شركة المرابحة المرنة للتمويل
أدوات التحليل المالي
يعتمد المحلل المالي على أدوات تمكن من كشف مدى سلامة المركز المالي والنقدي ضمن الشركة ومن هذه الأدوات:
- تحليل التغير والاتجاه إذ يحدد أهمية مساهمة كل مكونات القوائم المالية.
- ومن ثم كشف مصادر الأموال حيث تقاس نوعية التغيير برأس المال وبهذا تكشف نوعية المصادر التي تسهم بتغطية فعاليات ونشاطات الشركة.
- تحليل التدفقات المالية حيث يبين كفاءتها وكفايتها لتغطية حاجة الشركة.
في الختام تحدثنا بشكل دقيق عن التحليل المالي، أهدافه، معاييره، أدواته، إضافة إلى منهجيته وكل ما يتعلق باهتمام المستثمرين بالتحليل المالي لفعاليات شركاتهم وذلك ليقيم أداء الأسهم الاستثمارية والوقوف على حجم مخاطر الأسهم المالية التي قد يتعرض لها المستثمرون.