اكتسبت اللغة العربية أهميةً مرموقةً منذ القدم، ولذلك يتم الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية كل عام. في أي يوم يحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية؟ وما هو تاريخ إطلاق الاحتفال بهذا اليوم؟
إن اللغة العربية هي إحدى اللغات الساميَّة العريقة عبر التاريخ، وقد اكتسبت أهميتها التاريخية والدينية بعد نزول القرآن الكريم باللغة العربية. الأمر الذي زاد من أهميتها وانتشارها، حيث يتحدث اللغة العربية أكثر من نصف مليار نسمة من حول العالم.
اللغة العربية هي لغة شديدة الوضوح، وتتجلى بشكل خاص في الحرف الأبجدي الخامس عشر من وهو حرف الضاد. فصوت هذا الحرف غير موجود في أي لغة أخرى حول العالم ولهذا سميت اللغة العربية لغة الضاد، كما أطلق عليها اسم “لغة القرآن”. واللغة العربية ليست ذات قيمة رمزية بين المسلمين فقط، ولكن يتم التحدث بها في العديد من الكنائس في العالم العربي. كما تمت كتابة جزء كبير من التاريخ اليهودي باللغة العربية.
الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية
اللغة العربية ركن من أركان التنوع الثقافي للبشرية، إنها واحدة من أكثر اللغات انتشارًا في العالم. ويستخدمها يوميًا أكثر من 500 مليون شخص. تحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) باليوم العالمي للغة العربية كل عام في الثامن عشر من شهر ديسمبر / كانون الأول. وقد أطلقت منظمة اليونسكو هذا الحدث في عام 2010 بهدف “الاحتفال بالتعددية اللغوية والتنوع الثقافي، وكذلك لتعزيز الاستخدام المتكافئ لجميع لغات العمل الرسمية الست في جميع أنحاء المنظمة”. وبدأت اليونسكو الاحتفال بهذا اليوم منذ عام 2012. وقد تم اختيار يوم 18 ديسمبر / كانون الأول باعتباره التاريخ الذي يتزامن مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 باعتماد اللغة العربية كلغة رسمية سادسة لها.
رسالة المدير العام لليونسكو في اليوم العالمي للغة العربية
تضمنت رسالة السيدة أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية على ما يلي:
“اللغة العربية هي جسر بين الثقافات وعبر الحدود – لغة حقيقية للتنوع. في هذا اليوم العالمي، تحتفل اليونسكو وتستكشف دور أكاديميات اللغة العربية. لا تقوم هذه المؤسسات فقط بالحفاظ على اللغة العربية وإثرائها، إلا أنها تساعد أيضا في مراقبة استخدامها في نقل المعلومات الدقيقة في سياق الأحداث العالمية الجارية”.
شعار اليوم العالمي للغة العربية 2025
إن شعار اليوم العالمي للغة العربية لهذا العام 2025 هو: “اللغة العربية جسر بين الحضارات”. وهذا الشعار هو دعوة لإعادة التأكيد على الدور المهم للغة العربية في تواصل الناس من خلال الثقافة والعلوم والأدب والعديد من المجالات الأخرى. يسلط الشعار الضوء على الدور التاريخي للغة العربية في خلق ونقل المعرفة، وكذلك في تعزيز الحوار وبناء السلام.
تاريخ اللغة العربية
مثل غيرها من اللغات، تطورت اللغة العربية وتغيرت على مرّ القرون. وتعود أصولها إلى شبه الجزيرة العربية، حيث انتشر فيها الكثير من اللهجات العربية منذ القدم. ولكن مع ولادة الدين الإسلامي، أصبحت اللغة العربية ثابتةً في اللهجة، وهي اللهجة التي نزل بها القرآن الكريم.
إن اللهجة العربية التي كانت سائدة في أجزاء من شبه الجزيرة العربية من القرن الأول الميلادي إلى القرن السابع هي “العربية الحجازية القديمة”. وإذا عدنا إلى الوراء، فإن أسلاف الشعب الحجازي والأنباط كتبوا نصوصهم باستخدام شكل من أشكال اللغة العربية، كما يُعتقد أن النبطيين كانوا يتكلمون شكلاً من أشكال اللغة العربية النبطية.
إن أقدم الأمثلة على ما يمكن أن نصنفه كشكل من أشكال اللغة العربية المعروفة اليوم هي “العربية القديمة”، والتي نشأت من لغات سامية مركزية أخرى، والتي تطورت بدورها إلى لغات أخرى مثل الآرامية والعبرية والفينيقية، والتي تم التحدث بها في المناطق السورية منذ ما يقرب من 3000 عام.
لماذا سميت اللغة العربية لغة الضاد
سميت اللغة العربية لغة الضاد لأنها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف “الضاد”، بالإضافة إلى أنّ العرب هم أفصح من نطقوا هذا الحرف. فمن المعروف أنّ لفظ حرف الضاد يعتبر صعبًا عند غير العرب، حيث يعجز معظم الناطقين بغير العربية عن إيجاد الصوت البديل له في لغاتهم.
وينطق حرف الضاد بأشكال مختلفة في الدول العربية والإسلامية، حيث ينطق حرف الضاد:
- ظاءً في العراق.
- طاءً فصيحةً في أغلب مناطق مصر.
- دالاً مفخمةً، في أغلب مناطق لبنان.
- لامًا مفخمةً، في نيجيريا.
- كما يلفظ حرف الضاد ممزوجًا بالذال، في مناطق الخليج العربي.
أجمل الأشعار في وصف اللغة العربية
لعلّ أجمل ما قيل في وصف اللغة العربية هي قصيدة اللغة العربية المشهورة للشاعر حافظ إبراهيم:
رَجَعتُ لِنَفسي فَاِتَّهَمتُ حَصاتي وَنادَيتُ قَومي فَاِحتَسَبتُ حَياتي
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدتُ بَناتي
وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي
فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحينَ وَفاتي
أَرى لِرِجالِ الغَربِ عِزّاً وَمَنعَةً وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ
أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ
أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي
وَلَو تَزجُرونَ الطَيرَ يَوماً عَلِمتُمُ بِما تَحتَهُ مِن عَثرَةٍ وَشَتاتِ
سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ أَعظُما يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ قَناتي
حَفِظنَ وِدادي في البِلى وَحَفِظتُهُ لَهُنَّ بِقَلبٍ دائِمِ الحَسَراتِ
وَفاخَرتُ أَهلَ الغَربِ وَالشَرقُ مُطرِق حَياءً بِتِلكَ الأَعظُمِ النَخِراتِ
أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ مَزلَقاً مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أَناةِ
وَأَسمَعُ لِلكُتّابِ في مِصرَ ضَجَّةً فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ نُعاتي
أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ
سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كَما سَرى لُعابُ الأَفاعي في مَسيلِ فُراتِ
فَجاءَت كَثَوبٍ ضَمَّ سَبعينَ رُقعَةً مُشَكَّلَةَ الأَلوانِ مُختَلِفاتِ
إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي
فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيتَ في البِلى وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي
وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ
وهذه قصيدةٌ أخرى للشاعر سليمان العيسى في مدح لغة الضاد:
أنـا مـا بَرِحْتُ.. تألُّقـاً وسَـنَا لُغَـةُ العُروبــةِ والبَقَـاءِ أنَـا
في بُـرْدِيَ التـاريخُ.. أنْسُــجُهُ شِـعْراً ونَثْـراً.. أبْهَـرُ الزَّمَنَـا
أطْوِي العُصُورَ.. وما شـكَوْتُ بِها في بُنْيَتِـي ضَـعْفاً ولا وَهَنَــا
عُمْرِي هُوَ التـاريخُ.. لاتَسَـلُوا عـن مَوْلِدي.. في فَجْرِهِ اقْتَرَنا
ضِــعْتُمْ عَنِ الدُّنيـا.. وضَيَّعَني عَنـكُمْ سَـوَادُ الليـلِ مَـرَّ بِنـا
هُـوَ عابِـرٌ.. لُمُّـوا شَــتَاتَكُمُ وتَشَــبَّثُوا بِروائِعـي وَطَنــا
عُــودوا إِلى صَدرِي أُوَحِّـدُكُمْ أنـا أُمُّكُـمْ.. أُمُ اللُّغَـاتِ أَنــا
وسَـلُوا الحضَارةَ.. أَيُّ سـاطعةٍ في الفكـرِ لم أصْلُحْ لها سَــكَنا ؟
وفي الختام فإنّ الحديث عن أهمية اللغة العربية وتاريخها يطول كثيراً، لأن جذورها العميقة ضاربةٌ في التاريخ، وبالأخص لأنّها اللغة التي ارتبط اسمها ارتباطًا وثيقًا بالقرآن الكريم ودين الإسلام وانتشاره.