ما هي أسباب نهاية الدولة العباسية؟ الدولة الإسلامية الأقوى علميًا وعسكريًا. إنجازات في مجالات العلم والطب والصناعة والتخطيط العمراني. كلها إنجازات الدولة العباسية، إلا أنها سقطت، فما السر وراء سقوطها؟ ولماذا لم يكن لها عاصمة واحدة على مدار حكمها؟ وما هي أحداث النهاية؟
سنتعرف في هذا المقال على أهم أسباب نهاية الدولة العباسية.
الدولة العباسية
الخلافة الإسلامية الثالثة في التاريخ. وجاءت بعد العصر الأموي والراشدي. إنها الخلافة العباسية نسبةً إلى دولة بني العباس. استطاعت الخلافة العباسية بعد قضائها على الخلافة الأموية وملاحقة آخر أفرادها أن تصل إلى الحكم. تأسست هذه الدولة على يد محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب. حيث كان العباس بن عبد المطلب أصغر أعمام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
واستطاع علماء التاريخ تقسيم فترة الخلافة العباسية إلى فترتين رئيسيتين. فما العامل الذي اعتمد عليه هؤلاء العلماء في لتقسيم هذه الخلافة؟
العصر العباسي الأول شباب الدولة وصعودها
إنه العصر الذهبي للدولة العباسية. حيث اتسعت به أركان الدولة الإسلامية. كما تميز هذا العصر بالقوة والاستقلالية. وظهرت فيه وزارات الدولة لأول مرة وظهر الديوان الخاص بكل وزارة. وشهد هذا العصر نهضة علمية كبيرة. بدأ هذا العصر بحكم عبد الله بن محمد الملقب أبو العباس السفاح في عام 750م. وتلاه حكم أخيه أبي جعفر المنصور الذي يعد المؤسس الحقيقي للدولة العباسية. حيث استطاع بفكره الوقاد توطين أركان الدولة. أنشأ بيت الحكمة لنشر مختلف كتب العلوم والجغرافيا، كما بنى مدينة الرصافة (القسم الشرقي لمدينة بغداد). كما أكمل بناء مدينة بغداد التي لم يكن لها نظير في تلك الحقبة لكثرة علمائها وعظيم إنجازاتها وازدهارها العلمي الذي انتشر في أرجاء الأرض. ومن أشهر الخلفاء في هذا العصر المأمون الذي تميز بتشجيعه للعلم وعلماء الطب والفلسفة والرياضيات والفلك. بالإضافة إلى هارون الرشيد الذي بنى المساجد الكبيرة والقصور الفخمة.
العصر العباسي الثاني عصر الضعف العسكري
بدأ هذا العصر عندما وصل الخليفة المتوكل إلى الحكم في عام 847 م. وتميز بالضعف وسيطرة الأتراك على أمور وقرارات الدولة. كما نتج عن الضعف ظهور الدويلات الصغيرة في كل من مصر والهند والمغرب العربي. حتى أصبحت الدولة العباسية مطمعًا للأجانب. حيث لم تكن كلمة الخليفة مسموعة بسبب سيطرة الترك عليه. وشهدت الدولة الحملات الصليبية في هذا العصر. كما قتل فيه المغول الكثير من المسلمين من الدولة العباسية. كما كثرت الحركات الانفصالية لتظهر نتيجة لذلك الدولة الفاطمية والسلجوقية والأخشيدية.
ما هي أسباب سقوط الدولة العباسية
متى بدأ عصر الخلفاء الضعفاء في الدولة العباسية
بدأ الضعف يتسلل إلى الدولة العباسية مع بداية حكم المنتصر بن المتوكل على الله، حيث تميزت هذه الفترة بالترف والبذخ واللهو بالسلطة والنفوذ على حساب تقوية الخلفاء اللاحقين وتوطين أواصر الدولة. كما سيطرت خلالها الصراعات الداخلية. وكانت هذه هي الأسباب الحقيقية لضعف الدولة وانهيارها. وقد توفي الخليفة المنتصر بعد مرضه. حيث استمرت فترة حكمه ستة أشهر. وأجبر أخويه في نهايتها للتنازل عن الحكم لصالح الأتراك. واستمرت سيطرة الأتراك على الحكم في عهد الخلفاء اللاحقين. الأمر الذي جعل الدولة العباسية أكثر ضعفًا.
دخول العنصر الأجنبي للحكم وكيف تحكم الأجانب بالحكم العباسي
لم يكن النفوذ التركي يسيطر فقط على قرارات الخليفة، بل كان يتوغل في السلطة لأهداف أخرى. فكان يقتل الخلفاء ويولي غيرهم سعيًا وراء أهدافه المطمعية. فبعد أن أولوا الحكم للخليفة المتوكل لم يمتثل لحكمهم بالكامل. فقتلوه، ثم أولوا الحكم لابنه المنتصر. وبقي الأتراك يتحكمون بالدولة إلى أن قام الحكم البويهي في بغداد. ومن ثم ظهور السلاجقة (ذوات الأصل التركي) الذين قضوا على البويهيين. وبقي السلاجقة حكامًا حقيقيين للدولة العباسية حتى نهايتها.
تعدد ولايات العهد وانفصال بعض الولايات في الدولة العباسية
بدأ تعدد الولايات في عهد الخليفة هارون الرشيد، عندما أولى أبناءه على عدة ولايات، الأمر الذي أنشأ الخلافات بينهم. وهنا بدأ الضعف يتسرب إلى أركان الدولة العباسية. فظهرت العديد من النزعات الانفصالية نتيجة الطمع في الولايات المتفرقة. وأهم هذه الولايات:
- الدولة الأموية في الأندلس.
- الدولة الطولونية الإخشيدية في الشام ومصر.
- الحمدانيين.
- دولة السلاجقة في العراق وفارس.
- الأغالبة والأدارسة والفاطميين والموحدين في شمال افريقيا.
- الدولة الصفارية والسامانية والبويهية في فارس.
الغزو المغولي ينهي الدولة العباسية
تزامنت فترة الانفصالات وضعف الخلفاء وتدخل الأجانب في حكم الدولة العباسية مع توسع الزحف المغولي (القبائل الهمجية) على كامل المناطق المجاورة للدولة العباسية، وباتجاهها فيما بعد. وبعد وفاة قائد المغول جنكيز خان تسلم الزعامة منكوخان الذي بعث أخاه هولاكو ليغزو بلاد فارس سعيًا في المستقبل لبسط سيطرة المغول من بغداد إلى مصر.
وبسبب الضعف الكبير للدولة العباسية آنذاك لم يجد المغول صعوبة في السيطرة. حيث استطاع هولاكو بدايةً التخلص من الإسماعيلية. وفي تلك الفترة لم يتوانى بعض الخلفاء العباسيين في طلب المساعدة من المغول لحل الكثير من مشاكلهم. الأمر الذي جعل الدولة العباسية الضعيفة مصيدة سهلة للمغول. وانتهت الدولة العباسية بمقتل الخليفة المستعصم آخر الخلفاء العباسيين على يد المغول.
وكان القضاء على الدولة العباسية في علم 1258 م جريمة شنعاء أحدثها المغول في تاريخ الإنسانية عندما أمر هولاكو باستباحة بغداد. فهدم المغول القصور وسلبوا التحف النادرة، واستهدفوا العمران والآثار والمساجد وقببها الذهبية المميزة في عمرانها.
هل تتوقعون ماذا حل بمكتبة بغداد الشهيرة؟
ألقى المغول ملايين الكتب في نهر دجلة إلى أن تلونت مياهه باللون الأسود من مداد الكتب. وقد كتب المؤرخون أن المغول كانوا يعبرون فوق أكبر المجلدات التي تحوي شتى العلوم في الطب والجغرافيا والكيمياء والفلك وغيرها من ضفة النهر إلى الضفة الأخرى. كما أحرقوا كامل المكتبة. لتتزامن نهاية الدولة العباسية مع أكبر خسارة وجودية وعمرانية وعلمية في تاريخ العرب.
ولعل أصعب ما بقي في ذاكرة الأجداد هو حرق مكتبة بغداد، ليجعلها المؤرخون معلمًا على نهاية الدولة العباسية عند تأريخها للأجيال العربية القادمة.