يشكل الغلاف الصخري Lithosphere الطبقة العلوية المصمتة من الأرض. غالبًا يمتد على مساحات واسعة ويتوضع بشكل أساسي تحت القارات والمحيطات جميعها. بعض النظريات قالت بأن الأرض تعرضت لتفاعل كبير أدى إلى انفصال المواد الأساسية التي كانت تتكون منها عن بعضها. بعد ذلك تتحول إلى عدة أغلفة مرتبة فوق بعضها البعض تدريجيًا تبعًا لفرق الكثافة بينها. نتيجة نظرية الكثافة، ستتوضع المكونات الثقيلة في الأسفل كاللب والنواة، بينما ستطفو الطبقات الخفيفة قليلة الكثافة على السطح. تختلف تسمية طبقات الأرض من مرجع إلى آخر، وحسب اللغات الحية العالمية (الإنجليزية والفرنسية والعربية). لكن المكون الرئيسي لهذه الطبقات والأغلفة يبقى نفسه على الرغم من اختلاف تسميتها. أما عن المسميات الشائعة لأغلفة الأرض هي (الصخري ثم الوشاح ثم اللب الخارجي وأخيرًا اللب الداخلي) مرتبة من الخارج إلى الداخل. بينما طرح سويس Suisse فرضية أخرى يوضح فيها أقسام الكرة الأرضية كما يلي (الصخري، ثم الناري pyrosphere، ثم الكرة الثقيلة barysphere). سنخصص هذا المقال للحديث عن الغلاف الصخري وأنواعه وأهميته. تابعوا معنا لتعرفوا أكثر عن كرتنا الأرضية.
خصائص الغلاف الصخري
- جميع الصخور التي يتشكل منها تشترك بخصائص متشابهة، تصنف حسب طريقة استجابتها للقوى المؤثرة عليها. حيث أن بعضها يتكسر وينهار عندما يتعرض سطحه لضغط هائل وردجات حرارة شديدة.
- بينما البعض الآخر لديه قدرة على تحمل جميع المؤثرات الخارجية، فبدلًا من انهدامها وانحلالها بشكل نهائي، تبدأ بتغيير شكلها مثلًا أو تنحني أو تتمدد أو تتقلص.
- في قاع الغلاف الصخري تكون درجة الحرارة مرتفعة جدًا، لذلك نجد الصخور قد تحولت من الحالة الصلبة إلى الحالة السائلة اللزجة.
- يتميز غلاف الانسياب أو ما يسمى بغلاف موري بأنه الدعامة الأساسية التي يرتكز عليها الغلاف الصخري. كما أنها الاتصال المتين بين الغلاف الصخري والغلاف الموري يؤهب إلى حدوث تنافر في محصلتي قوى الدفع والسحب (مثل الفعل ورد الفعل) بهدف تحقيق توازن بين شدة القوى المتولدة في الداخل. وينتج عن ذلك تكسر الغلاف الصخري إلى 12 قطعة أو صفيحة تكتونية.
- حدوث الكثير من العمليات الجيولوجية التي تؤدي إلى حدوث البراكين والزلازل وغيرها من الحوادث البيئية الهامة.
- يعطي شكلًا مميزًا لكل قارة، وللحياة الموجود على السطح الخارجي للكرة الأرضية.
مكونات الغلاف الصخري
يتكوّن الغلاف الصخري Lithosphere من طبقتين أساسيتين هما (القشرة الأرضية والجزء العلوي الصلب من طبقة الوشاح). كما تبلغ سماكة الغلاف الصخري حوالي 100 كم تقريبًا. بينما يتضمن داخله عدة صفائح تكتونية، ويصل عددها إلى 12 صفيحة (Lithospheric Plates). كما تتقارب وتتباعد هذه الصفائح في حركتها مشكلة حركات تكتونية (Plate Tectonics).
أقسام الغلاف الصخري
يتكون بشكل أساسي من عدة ألواح رأسية التوضع، أم بالنسبة لسماكتها، فهي لا تقل عن 64.3 كم، ولا تتجاوز 152.8 كم. لنعرض أهم أجزاء الغلاف الصخري مع ميزات كل جزء:
- طبقة الليثوسفير (Lithosphere): تتميز هذه الطبقة الصلبة بأنها هشة أيضًا، وهي تمثل الجزء العلوي من طبقة الوشاح. كما تتميز ببرودتها بالمقارنة مع باقي الطبقات وكثافتها قليلة أيضًا.
- غلاف الانسياب (Asthenosphere): نعتبر جزءًا من الوشاح العلوي أيضًا. ويتميز بكثافته المتوسطة، كما أنها قريبة جدًا من درجة الانصهار لأنها تتعرض بشكل كبير ومستمر للضغط الهائل والحرارة الشديدة.
- القشرة المحيطية (Oceanic Crust): تتوضع بشكل رئيسي تحت المحيطات (أسفل المحيطات). كما تبلغ سماكتها 8 كم تقريبًا، أما كثافتها فتتجاوز 3 غم/سم3. بالإضافة إلى أن مكونها الأساسي هو المعادن الغنية بالحديد والمغنزيوم.
- القشرة القارية تُعرف (Continental Crust): تتوضع تحت القارات تمامًا، وتبلغ سماكتها 32 كم. كما أن السماكة تكون في أعلى قيمة لها عادة عندما تتوضع تحت السلاسل الجبلية بشكل خاص، بينما تكون كثافتها قليلة، وتصل إلى 2.7 غم/سم3. إن مكونها الأساسي هو المعادن قليلة الكثافة، مع العناصر التالية (بوتاسيوم، وألمنيوم ، وكالسيوم).
أنواع الغلاف الصخري
يقسم الغلاف الصخري إلى نوعين، وذلك بالاعتماد على الأماكن التي يتواجد فيها. وسنذكر أوجه الاختلاف بين النوعين وميزات كل واحد منها، فيما يلي:
- الغلاف المحيطي أو القشرة المحيطية (Oceanic Lithosphere): يتألف بشكل أساسي من القشرة (Mafic Crust)، وهي طبقة غنية جدًا بعنصري الحديد والمغنزيوم. بالإضافة إلى طبقة الوشاح الذي يقع فوق الطبقة السابقة (Ultramafic Mantle)، والذي يحتوي على نسبة عالية من الحديد والمغنزيوم أيضًا، وتصل إلى 90% تقريبًا. كما تتراوح سماكة الغلاف المحيطي بين 7 و10 كم، لذلك تكون كثافة هذا الغلاف أكبر من المحيطي بعدة أضعاف. أما عن آلية تشكله فهي عبارة عن عملية متتالية، تبدأ من منطقة محايدة في وسط المحيط وتدعى بMid-Ocean Ridge، ثم تزداد سماكة الغلاف بشكل تدريجي مبتعدًا عن هذه المنقطة. ويتحول بعد ذلك إلى وشاح، نتيجة تعرضه للبرودة أولًا وترسب الأغلفة الصخرية بسبب اضطراب الجاذبية ثانيًا، حيث تتجميع الصفاح في منطقة تسمى Subduction Zones أو منطقة الاندساس. وهذه العملية هي العامل الأساسي المفسر لكون عمر الغلاف المحيطي الصخري قليلًا، وأقل من عمر الغلاف القاري بشكل خاص. حيث يصل عمر أقدم غلاف محيطي إلى 170 مليون سنة (عمر تقريبي)، وهي أقل بكثير من عمر باقي الأغلفة الأخرى والتي تصل إلى مليارات السنين.
- الغلاف القاري أو القشرة القارية (Continental Lithosphere): سماكته أكبر من الغلاف المحيطي، حيث تتراوح نسبة سماكته بين 25 و75 كم. ولكن الكثافة أقل بكثير من المحيطي. يتكون من الصخور النارية والرسوبية بشكل أساسي، وتشكل صخور الغرانيت النسبة الأعلى بين الصخور المشكلة لهذا الغلاف. أضف إلى ذلك، أن الغلاف القاري يغطي مساحة قدرها 40% من كامل سطح الكرة الأرضية. بينما يشكل الجزء الأكبر من حجم القشرة الأرضية، حيث يغطي 70% من حجمها الكلي.
أهمية الغلاف الصخري
تكمن الأهمية الكبرى للغلاف الصخري في كونه يوفر ظروف الحياة الخارجية لجميع الكائنات الحية، بالإضافة للموارد الأساسية التي قد يحتاجونها. وسنذكر أهم ميزات الغلاف الصخري فيما يلي:
- توفير كل العناصر الغذائية الضرورية، والتي تناسب كل الكائنات الحية بمختلف أنواعها وأشكالها.
- يندمج ويتفاعل ما باقي الأغلفة الأخرى بهدف تأمين هذه البيئة الحياتية التي نعيش فيها.
- مصدر غني بالوقود بكافة أنواعه، مثل (الفحم والغاز والنفط وغيرها الكثير).
- يساهم في تشكل الجبال من خلال هذه الحركات التكتونية للصفائح المتواجدة ضمنه.
- مصدر غني بالمعادة على اختلافها وتنوعها، مثل (الحديد والنحاس والفضة والألمنيوم والمغنزيوم).
- له دور في بناء وتشكيل هذه الحياة التي نعيش فيها، وتوفير كافة دعائم الحياة الأساسية من أجل مساعدة الكائنات الحية على الاستمرار في العيش والنمو والتكيف والتطور.
يتفاعل الغلاف الصخري مع جميع أغلفة الأرض، وينتج عن هذا التفاعل تأثير عناصر الحياة على سطح الأرض بمختلف أنواعها، مثل المناظر الطبيعية، وتنوع الكائنات الحية، ملوحة مياه البحر مثلًا، بالإضافة إلى تأثير الكوارث الطبيعية على مختلف مكونات الحياة على سطح الأرض.