ما لا تعرفه عن أفلاطون من هو سيرته الذاتية

من منا لم يسمع بأفلاطون العظيم الفيلسوف الإغريقي اليوناني والكاتب وعالم الرياضيات، من منا لم يسمع بمؤسس أكاديمية أثينا، أول معهد للتعليم العالي في العالم الغربي، وتلميذ سقراط ومعلم أرسطو؟ بالتأكيد أكاد أجزم أن لا شخص راشد على قيد الحياة لم يسمع عن أفلاطون وفلسفته وعلمه وأفكاره.

تأثر هذا الفيلسوف والشاعر بإعدام معلمه سقراط. وبعدها تلقى علومه على يد الفيلسوف ثيودورس القوريني. تبنى التيار الأفلاطوني وهو منهج يشير إلى نظرية الواقعية الأفلاطونية. حيث يعتبر التيار الأفلاطوني أن الروح أو النفس البشرية كانت تعيش بعالمٍ مثالي. وهذا العالم هو العالم الأبدي. حيث يحوي نماذج كاملةً من كل شيء بالوجود، وتبعًا لهذا فإن الروح أسبق من الجسد لدى أفلاطون.

من هو أفلاطون

من هو أفلاطون

ولد أفلاطون في اليونان، أثينا وسماه أبويه “ارستوكليس بن أرستون”. لم يحدد تاريخ محدد لولادته، ولكن يرجح أنه ولد عام 427 ق.م. عُرف بأفلاطون، اتسم بأنه عريض المنكبين، وواسع الجبهة، إضافةً إلى أنه عظيم البَسطة والجِسم.

ولد الفيلسوف لعائلة أرستقراطية عريقة ذات دور بالمجتمع اليوناني. والده أريستون ووالدته فريكتونا. رباه زوج أمه فورلامس من سولون. عاش الفيلسوف أفلاطون في أوج وازدهار عصر أثينا، إذ كانت الثقافة اليونانية بقمة ازدهارها في عهد بيركليس.

أنجب أريستون وفريكتونا والدا أفلاطون ثلاثة أبناء آخرين غير أفلاطون. كان أدمينتوس هو الأكبر وسمي الآخر قولاكن أما الأخيرة فهي بوتون وقد أصبحت فيما بعد أم الفيلسوف سيوسيبس الذي تزعم الأكاديمية بعدما وفاة الفيلسوف.

اقرأ أيضًا: من أول من وضع صورته على النقود

السيرة الذاتية لأفلاطون

ظهر أفلاطون المبدع ككاتب بمحاوراته الثلاثين السقراطية بمجالات فلسفية متعددة مثل نظرية المعرفة، والمنطق، واللغة، إضافةً إلى الرياضيات، إذ أبدع بها كما اعتمدها في فلسفته. كما أنه انتهج تيارًا سمي بالأفلاطونية. ميز فيه الفرق ما بين الواقع الذي نعيشه “الواقع الملحوظ غير المفهوم”، وبين العالم المثالي الذي نزلت منه النفس “العالم المفهوم غير الملحوظ” على اعتبار أنه ثمة أفكار مادية غير مَحسوسة لا يدركها إلا الحَدس والإحساسِ واليَقين. فقد رأى أفلاطون أن كل إنسان يمكن أن يتذكر حياته بالعالم الأبدي المثالي عبر التقمص. إذ إنه اعتبر إدراك الأشياء بالعالم المادي باستخدام التأمل والإحساس والتفكير والتفاعل الفكري الذي يقوم به العقل ينتهي بنوع من استذكار العالم الأبدي وهذا ليس إلا رؤيًا من العالم الآخر.

لم يلتفت أفلاطون للحياة السياسية بشكل مباشر بل حاول أن تطبيق أفكاره بأي طريقة، ولقد دعا لتغيير كافة الأنظمة السياسية وتمكين الفلاسفة من أن يكونوا ملوكًا. كما اقتنع أن السياسة على يد الفيلسوف سوف تحول العالم تجاه فكرة الخير تمامًا، ولكن هذا لم يحدث. فيما عدا هذا النشاط المحدود في السياسة فإن أفلاطون كرث 40 سنة من عمره بالانقطاع للعلم والتدريس. فلم يتزوج بل بقي مقيمًا في مدرسته وبين تلاميذه، ولكنه عاش حياة مترفةً ومرفهة حتى أن شخصًا اسمه ديوجنيس الكلبي هاجمه للحصول على التحف التي توجد في منزله. كان دائم التحديث والتطوير في الأفكار، حتى أنه قبيل وفاته بفترة أجرى بعض التعديلات على مؤلفه “الجمهورية”.

تعليم أفلاطون

تعليم أفلاطون

ولد أفلاطون ضمن عائلة مثقفة، حيث اهتمت عائلته بتربيته بدنيًا وفكريًا. أشاد الفيلسوف سيوسيبس بذكاء وبديهية وسرعة تفكيره. تلقى التعليم منذ صغره على يد مدرس خاص. وهذا المدرس هو من أطلق عليه اسم “أفلاطون”، حيث كما ذكرنا أن اسمه الحقيقي كان أريستوكليس.

أحرز أفلاطون العديد من الانتصارات ضمن الدورات الأولمبية، حيث ذُكر أنه تصارع وربح ضمن دورة ألعاب اسثميان. كما تعلم كلًا من الشعر والرسم والموسيقى والجمباز والنحو.

ولقد أظهر ميلًا شديدًا نحو العلم الرياضي ومن ثم اتجه لدراسة الفلسفة على يد أحد أتباع هيرقليطس. امتاز أفلاطون بأنه فنان مبدع بأي مجال أداه ولكن إبداعاته ظهرت في مجال آخر من مجالات المعرفة.

اقرأ أيضًا: بحث حول المذهب التجريبي في الفلسفة 

بداية أفلاطون في النهج الفلسفي

تعرف أفلاطون عند بلوغه سن العشرين على معلمه سقراط وأعجب به، ولقد لازمه لفترة تبلغ ثماني سنوات. تركت هذه السنوات بصمتها الحاسمة على حياته، إذ صقلت معارفه، وخصوصًا في كل من علم المنطق والأخلاق. تعرف على كل الاتجاهات الفكرية والفلسفية السائدة في عصره مثل أفكار أرستيب وأنتيستينس وإقليدس. وبعدها جاء إعدام سقراط وتجرعه السم ليكون واحدًا من أهم الأسباب التي جعلته يزور ميغاري حيث إقليدس ومكث قربه ثلاث سنوات.

ومن ثم اتجه لمصر وشاهد آثارها العظيمة كما اجتمع بكهنة عين شمس. وهناك أعجب بعلومهم وخاصةً في علم الفلك ومن ثم اتجه إلى قورينا. هناك التقى بعالمها الرياضي المشهور تيودورس. ودامت بعدها رحلات أفَلاطون لحوالي اثني عشر عامًا ليرجع إلى أثينا إنسانًا ناضجًا ومثقفًا وذلك حين نشبت الحرب بين أثينا وإسبرطة.

وذكر أن أفَلاطون سافر إلى إيطاليا ومصر وصُقلّية والقَيروان. حيث ذكر أن زيارته لإيطاليا ولصقلية كانت بعمر الأربعين سنة. ولقد شعر بالاشمئزاز من شَهوانية الحياة فيها. بعدها عاد لأثينا كما ذكرنا حيث استقر فيها وأسس إحدى أقدم المدارس المُنظمة التي عرفت في الحضارة الغربية باسم أكاديماس. بنيت على قطعة أرض لأحد أبطال مدينة أثينا في الأساطير الإغريقية. وفي العصور اليونانية التاريخية، زينت المدرسة بالدلب المشرقي إضافةً إلى مزارع الزيتون ومن ثم انقطع للكتابة والتعليم.

كتب أفلاطون

كتب أفلاطون

  • ترجمت غالبية محاورات أفلاطون إلى اللغة العربية. حيث ترجم فؤاد زكريا محاورة الجمهورية (أو السياسة) عن اللغة الإنجليزية.
  • ترجم عزت قرني عن اليونانية القديمة، عدد من المحاورات مع مقدماتٍ وهوامش إضافةً إلى ملاحظات تحليلية منها: فيدون، ومينون، أوطيفرون، الدفاع، أقريطون، السفسطائي، وثيثيوس، بروتاغوراس.
  • رغم الاعتقاد السائد أن محاورات أفلاطون هي حلقات متسلسلة إلا أنها ليست كذلك. بل كل واحدة منها تشكل كلًا متكاملًا بحد ذاته مع وجود استثناءات عدة. إذ ناقش قضايا في عدة محاورات وبكل مرة كان يقدم حلًا جديدًا للقضية المناقشة. لذا كان مهمًا ذكر تسلسلها، ولقد استطاع مؤرخو القرن التاسع عشر أن يضعوا تسلسلًا لها ضمن 3 مجموعات:
      • مجموعة من مُحاوراتِ المَرحلة المُبّكرة (السقراطية).
      • ثم مجموعة مُحاورات المَرحلة الوسْطى (الإنشائية).
      • مجموعة مُحاورات المَرحلة المُتأخرة (الديالكتيكية).

 أهم أعمال أفلاطون

  • الجُمهورية.
  • المَأدبة.
  • الدِفاع عن سقراط.
  • لاخيس (وهو حوار عن الشجاعة).
  • بارمنيدس (وهو حوار عن المثابرة).
  • أيتيفرون (وهو حوار عن التدين).
  • بروتاجوراس (وهو حوار عن الفضيلة).
  • جورجياس (حوار في نقد الأنانية).
  • كراتيل (يتحدث عن اللغة، والهيراقليطية والاسمية).
  • مينون (يتحدث عن إمكانية تعلم الفضيلة).
  • فايدروس (مؤلف يعمل على توضيح العلاقة ما بين الروح والفكرة).
  • تياتيت (مؤلف عن المعرفة).
  • بارمنيدس (يتحدث حول المنهج الجدلي).
  • السفسطائي (حوار عن الوجود).
  • فيليب (إذ يتحدث عن الخير، وعن العَلاقة بين اللذة والحكمة).
  • تيمايوس (يناقش فلسفة الطبيعة).
  • القانون (يبين فيه إضافاتٍ لنظريته حول الدولة المثالية).
  • فيدون.

اقرأ أيضًا: ما هي الفلسفة

موت أفلاطون

تعددت الروايات التي تتحدث عن موت الفيلسوف اليوناني أفلاطون، حيث يقال إنه قد مات بعمر 81 سنة بذات اليوم الذي ولد فيه في عام 347 ق.م. كما قيل إنه عاش 82 سنة، أما نينثينز يدعي أنه توفي في الـ 84 سنة. كما قدمت مصادر متنوعة روايات عن موته. فثمة قصة تستند لمخطوطة مشوهة ادعت أن أفلاطون قد مات في سريره، بينما كانت فتاة شابة تعزف له الناي. كما ذكر في رواية أخرى أنه قد مات أثناء حضوره وليمةً في حفل زفاف. أما آخر رواية فاستندت لإشارة قدمها ديوجانس اللايرتي في رواية لهيرميبوس. حيث ذكرت أنه مات أثناء نومه.

في الختام فإن موت أفلاطون جاء هادئًا في عام 347 ق. م في ذات يوم ميلاده. وقيل بناءً على معتقدات الإغريق أنه ذات يوم ظهور أبولو في الأرض. فربط الأسطوريون بين أفلاطون وإله الشمس، إذ انتشرت أفكار بأن أفلاطون هو ابن أبولو. وقد شيد له ضريح بعد وفاته، وبات تلاميذه يعملون على الاحتفال بعيد مولده ووفاته سنويًا. حيث اعتبروا هذا اليوم مقدسًا لأن الآلهة قد أنجبت أفلاطون فيه كهدية منها للبشرية. وإلى هنا نكون قد أجبنا عن كل بعض من السيرة الكبيرة والغنية للفيلسوف الإغريقي الذي ترك أثره في بحار العلوم المنتشرة حولنا.

Scroll to Top