يعد الشعر من المزايا الجمالية للإنسان، ويسهم في خلق انطباع عنه لدى الناس الآخرين وحتى في وضع تصور عام عنهُ وعن هويته. فهذا إنسان محافظ ذو قصة تقليدية، وذاك قد لون شعره وصففه بطريقة عصرية، وآخرُ فوضويٌّ ترك شعره أشعث مغبرًّا. تصرف كل عام مبالغ طائلةٌ حول العالم على مستحضرات العناية بالشعر، وتتسابق الشركات لطرح منتجات تقدم منافع جديدةً تجعل المستهلكين يتهافتون لشرائها. ولكن ماذا إذا فقد الإنسان شعره أو جزءًا منه نتيجةً لحادثٍ أو حالة وراثية معينة؟! اطمئنوا، فلحسن الحظ أنّ التطور التقني والطبي قد أهدانا تقنيات زراعة الشعر، والتي تمكننا من استعادة الشعر المفقود.
في هذا المقال سوف نتناول أفضل تقنيات زراعة الشعر وأحدثها، ونتوسع بالحديث عن كيفية إجرائها ونسب نجاحها.
مدخل لفهم زراعة الشعر
تُجرى عمليات زراعة الشعر من قبل جراحين تجميليين مختصين، وهي عبارة عن نقل الشعر إلى المنطقة الفارغة من الرأس. وغالبًا ما ينقل الجراح الشعر من مؤخرة الرأس أو الجوانب إلى مقدمة الرأس، وتُجرى هذه العملية تحت التخدير الموضعي.
أظهرت بعض الدراسات أن شعر الذقن أو الشعر المنقول من مناطق ذات كثافة عالية للشعر في جسم المريض (وليس الرأس بالضرورة) يمكن أن يشكل مصدرًا ممتازًا للشعر المستخدم في عملية الزراعة. ولكن يجب العلم بأنّ هذا الإجراء يتطلب مهارةً عالية أكثر من تلك المطلوبة لنقل الشعر من مؤخرة أو جوانب الرأس.
أفضل تقنيات زراعة الشعر
تطورت تقنيات زراعة الشعر وتحسنت نتائج هذه العملية بشكل كبير منذ بدء العمل بها في عام 1939. وكما أسلفنا، يقوم الجراح خلال العملية بنزع بصيلات الشعر من منطقة ذات شعر كثيف (تسمى بالمنطقة المتبرعة)، ومن ثمّ إعادة زرعها في المناطق التي تعاني من تساقط الشعر.
وعند الحديث عن أفضل التقنيات لزراعة الشعر، فإنّ أول ما يجب أن يتحدث عنه هو النوعان الرئيسيان لهذه العملية وهما:
جراحة شريحة وحدة المسام FUSS
يزيل الجراح شريحة من الجلد من المنطقة المتبرعة بالشعر، ومن ثمّ يغلق الشق بقطب جراحية. بعد ذلك يستخدم مجهرًا لتقسيم شريحة الجلد إلى وحدات صغيرة تحتوي على بصيلة أو عدة بصيلات، ويدخل هذه الوحدات في المناطق المطلوبة.
استخراج وحدة البصيلات FUE
يستخدم الجراح في هذه التقنية مقبضًا صغيرًا لإزالة البصيلات من المنطقة المتبرعة. ومع أن هذه الطريقة تسبب القليل من التندب، إلا أنّه يكون أقل مما يحصل في الطريقة الأولى. كما وأن الخاضع لهذه العملية غالبًا لا يحتاج إلى قطب جراحية.
كلا التقنيتين أثبتتا فعاليتهما، ولكن في بعض الحالات تختلف النتائج فيما بينهما. كما وأشار الباحثون إلى أن تقنية استخراج وحدة البصيلات FUE تتطلب الكثير من المهارة وتأخذ وقتًا أطور من التقنية الأولى. ولكنهم لاحظوا بأنّ تقنية استخراج وحدة البصيلات FUE تعطي نتائجًا ممتازة إذا كان للجراح خبرة كبيرة بالتعامل معها.
تتطلب عملية زراعة الشعر عدة ساعات، وذلك حسب كمية البصيلات التي يقوم الجراح بنقلها وزراعتها، كما تتطلب كلتا التقنيتين تخديرًا موضعيًّا. وغالبًا ما يتمكن المريض من العودة إلى منزله في نفس اليوم بعد إجراء العملية.
من يمكنه الخضوع لعملية زراعة الشعر
تحسن زراعة الشعر من الثقة بالنفس، كما يمكن أن تحسن المظهر الجمالي العام، ويعد المرشحون للخضوع لهذه العملية:
- الرجال الذين يعانون من الصلع الذكوري.
- النساء اللواتي تعانين من ضعف وتساقط الشعر.
- كل من فقد شعره أو قسمًا منه نتيجة لحرق أو إصابة على مستوى قشرة الرأس.
معدل نجاح تقنيات زراعة الشعر
يعتمد معدل نجاح عملية زراعة الشعر على عدة عوامل، منها مهارة وخبرة الجراح القائم بالعملية وسماكة الشعر المتحصل عليه من المنطقة المتبرعة. ووفقًا للجمعية الأمريكية للجراحين التجميليين، تقدم عملية زراعة الشعر تحسنًا لا بأس به. ولكن لم تُجرى دراسات على نطاق واسع لتحديد معدلات النجاح لعملية زراعة الشعر، إلا أن بعض الدراسات متوسطة الحجم قدمت معلومات مهمة بهذا الشأن.
وأشارت إحدى الدراسات إلى أن معظم من خضعوا لعملية FUE باستخدام شعر الجسم أو الرأس أو كليهما، كانوا راضين عن النتائج عند المتابعة حتى 3 سنوات بعد تاريخ إجراء العملية. وكان متوسط معدل الرضى 8.3 من 10. واقترحت دراسة أخرى أنّ استخدام العلاج بالبلازما الغنية بالصفيحات (PRP) بالترافق مع إجراء عملية زراعة الشعر يزيد من معدل نجاح العملية.
حيثُ لوحظ أن المعالجين بالـ PRP بالترافق مع زراعة الشعر كان معدل عودة نمو الشعر لديهم يفوق 75% بعد 6 أشهر من العملية، كما أن شفاء الجلد وتحسن كثافة الشعر لديهم كان أسرع من غير المعالجين بالـ PRP.