قد تكون هذه هي المرة الأولى التي تسمع بها عزيزي القارئ بزيادة السائل السلوي. ولكن وقبل الحديث عن زيادته أو نقصانه دعنا نحيطك علمًا بطبيعية هذا السائل ووظائفه الأساسية. يعرف السائل الذي يحيط بالجنين أثناء نموه داخل الرحم بالسائل السلوي، وهو ضروري لصحة الجنين ونموه بشكل طبيعي وحمايته من الصدمات والتشوهات.
يفرز السائل السلوي في بداية الحمل من جسم الأم. ويتكون معظمه من الماء بالإضافة إلى العديد من العناصر الغذائية والهرمونية والأضداد المناعية. وبذلك يساهم هذه السائل بحماية الجنين من الإصابة بالأمراض ويمده بالمغذيات التي يحتاجها. وما إن تبدأ أجهزة الجنين بالتطور والعمل يبدأ الجنين بابتلاع هذا السائل وتمريره عبر جهازه الهضمي، ثم إطراحه على شكل بول. ومع نهاية الحمل يشكل بول الجنين معظم تركيب هذا السائل. مع العلم تقدر كمية السائل السلوي في نهاية الحمل (الأسبوع 36) بحوالي الليتر تقريبًا. وتعتبر أي زيادة أو نقصان في كميتة ذات دلالة معينة. نسمى زيادة السائل السلوي علميًا ب (موه السلى). ولا تعتبر بحد ذاتها حالة خطيرة، لكنها تستلزم المراقبة وإجراء المزيد من الفحوصات للتأكد من سلامة الجنين.
أهمية السائل السلوي للجنين
يعتبر السائل السلوي الوسط الذي يعيش فيه الجنين خلال فترة الحمل. ولذلك فإن سلامة هذاا الوسط تعكس سلامة الجنين. ويمكننا التعرف على أهمية هذا السائل من خلال ذكر الوظائف التي يتولى القيام بها وهي:
- حماية الجنين من الصدمات والأذيات الفيزيائية والضغوط الخارجية.
- تأمين وقاية ضد الأمراض المختلفة.
- حماية أعضائه من الانضفاط ومنع التشوهات والالتصاقات.
- يوفر الوسط الأمثل لعمل أعضاء وأجهزة الجنين المختلفة، وبذلك فهو يساهم بنمو وتطور الجنين.
- يعمل على حماية الحبل السري الذي يمد الجنين بالمغذيات والأوكسجين ويمنعه من الانضغاط أو الالتفاف حول عنق الجنين.
- يؤمن الوسط المائي حرية الحركة للجنين، الأمر الذي يدعم تطور جهازه الحركي ويزيد من قوة عضلاته وعظامه.
- يبتلع الجنين السائل السلوي ويطرحه على شكل بول، مما يفيد في تدريب جهاز الهضم والإطراح.
- يؤمن هذا الوسط أيضًا الحماية من تبدلات درجات الحرارة الكبيرة، ويبقى الجنين ضمن بيئة دافئة ومعتدلة الحرارة وملائمة لعمل أعضائه.
كما تشكل اضطرابات السائل السلوي مشاكلًا شائعة تعاني منها العديد من السيدات. لحسن الحظ أن معظم هذه الحالات هي حالات سليمة ولا تشكل خطرًا على صحة الجنين إذا ما تم التدخل الصحيح وبالوقت المناسب.
أسباب زيادة السائل السلوي
لا يعرف سبب واضح لزيادة السائل السلوي في معظم الحالات، ولكن من الممكن أن يكون ذلك نتيجة للعديد من الأسباب الوالدية أو المتعلقة بالجنين ونذكر منها:
- الحمل التوأمي أو الحمل المتعدد (أكثر من جنين واحد).
- إصابة الأم بالسكري (بما في ذلك السكري الحملي الذي يحدث خلال الحمل فقط).
- تحدث زيادة السائل السلوي في حال عدم قدرة الجنين على ابتلاعه كما في انسداد الأمعاء أو غيرها من التشوهات التي تصيب جهاز الهضم.
- إصابة الجنين بالأخماج أثناء الحمل.
- يحدث موه السلي عند تنافر الزمر الدموية بين دم الأم والجنين.
- تترافق بعض الأمراض الوراثية أيضًا بموه السائل السلوي.
مخاطر زيادة السائل السلوي
تلد معظم النساء اللواتي يعانين من موه السلى أطفالًا بصحة جيدة. ولكن تختلط بعض الحمول بمشاكل أو صعوبات توليدية ويستلزم ذلك المراقبة والمتابعة الدورية من قبل الطبيب. ويمكننا اختصار مخاطر زيادة السائل السلوي أثناء الحمل بما يلي:
- تؤدي زيادة السائل السلوي إلى زيادة خطر الولادة المبكرة وولادة طفل خديج (الولادة قبل الأسبوع37).
- تؤدي زيادة السائل السلوي إلى سوء توضع الحبل السري وبالتالي زيادة خطر تدلي الحبل السري أثناء المخاض.
- زيادة خطر نزوف الخلاص بسبب زيادة تمدد الرحم أثناء الحمل، وضعف انقباضه بعد الولادة.
- زيادة خطر المشاكل متعلقة بصحة الجنين.
أعراض زيادة السائل السلوي
إن كنت تتساءلين عن أعراض زيادة موه السائل السلوي وكيف يمكنك اكتشافها. فالجواب هو أنها حالة غير عرضية في معظم الأحيان. إذ يبدأ فيها السائل السلوي بالتراكم تدريجيًا من دون أن يحدث ذلك أعراضًا نوعية، ولكن تشكو بعض النساء من الأعراض التالية:
- صعوبة وضيق التنفس.
- حرقة المعدة والاحساس بعدم الارتياح.
- زيادة حجم الرحم نسبة للعمر الحمي.
- الإمساك وتورم القدمين والكاحلين.
معالجة زيادة السائل السلوي
يقتصر علاج زيادة السائل السلوي على علاج الأسباب التي أدت إلى حدوثه. كعلاج مرض السكري أو تعديل نظام الغذاء. وعند تعذر علاجها يقتصر العلاج على القيام بفحوصات دورية بالأمواج فوق الصوتية للتأكد من صحة الأم والجنين. وقد تحتاج بعض الحالات الشديدة إلى إجراء تقليل كمية هذه السائل عن طريق رشفه بإبرة أو عن طريق تقليل إنتاجه بمساعدة الأدوية. تتضمن باقي الإجراءات وضع خطة توليدية تبعًا لوضع الأم والجنين وبشكل عام تلد معظم النساء اللواتي يعانين من زيادة السائل السلوي بشكل طبيعي ومن دون أية مضاعفات.
زيادة السائل السلوي والولادة
ينصح جميع الأطباء الأمهات اللواتي يعانين من زيادة السائل السلوي بالولادة في المشفى، وذلك لتدبير أي اختلاط أو تقديم المساعدات اللازمة في حال احتياجها. ويمكن بهذه الحالة اللجوء إلى الولادة الطبيعية وانتظار المخاض دون تحريضه عندما تسمح حالة الجنين في ذلك. بينما تحتاج بعض الحالات غير المطمئنة إلى التداخل الفوري إما عن طريق تحريض المخاض دوئيًا وتسريع حدوث الولادة أو اللجوء إلى العملية القيصرية. مع العلم يتولى الطبيب مهمة اختيار طريقة الولادة تبعًا لحالة الأم والجنين.