تدور في هذه الأيام حرب بين روسيا وأوكرانيا ولكن هل كانت هذه الحرب مفاجأة وما أسباب الصراع بين روسيا وأوكرانيا؟ وهل بدأت الحرب العالمية أم هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟ كل ذلك سنتناوله في مقالنا عبر موقع كيف بالإضافة للحديث عن تاريخ الصراع ما بين هاتين الدولتين.
تاريخ النزاع بين روسيا وأوكرانيا
على الرغم من أن كلا الشعبين يعودان إلى نفس الجذور إلا أن مسارهما مختلفًا على مر التاريخ. مما تسبب في نشوء لغتين وثقافتين مختلفتين على الرغم من القرابة بين الاثنين، حيث استطاعت روسيا من تكوين إمبراطورية بينما أوكرانيا لم تنجح في ذلك، وفي القرن السابع عشر. استطاعت الإمبراطورية الروسية السيطرة على مساحة كبيرة من أوكرانيا، ولكن عند سقوط الإمبراطورية الروسية في عام 1917، استطاعت أوكرانيا الحصول على الاستقلال لفترة وجيزة إلى أن اتحدت مع روسيا السوفيتية مرة أخرى وشكلوا النواة الأولى للاتحاد السوفييتي.
ولكن مع سقوط الاتحاد السوفييتي في عام 1991. تمكنت كل من أوكرانيا وبيلاروسيا من الحصول على استقلالهما وإعلان إنهاء الاتحاد السوفييتي بشكل رسمي. وبالرغم من ذلك سعت روسيا لإبقاء نفوذها على أوكرانيا من خلال شحنات الغاز الرخيصة. وهذه الأشياء لم تكن ذا فائدة، حيث بقت أعين أوكرانيا تتجه نحو الغرب وكان هذا الأمر يسبب الإزعاج لموسكو. ولم يتطور الصراع بينهما كون روسيا كانت هادئة وفي حالة فوضى وضعف اقتصادي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ولم يكن الغرب يطمح لضم أوكرانيا له أساسًا في ذلك الوقت.
كانت أوكرانيا تمتلك ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وكانت هذه الأسلحة عبارة عن بقايا متروكة من الاتحاد السوفييتي، وفي عام 1997 اعترفت روسيا بشكل رسمي بحدود أوكرانيا ومن ضمنها شبه جزيرة القرم ذات الغالبية الروسية ضمن ما يعرف بالعقد الكبير، وذلك بعد نزع السلاح النووي الأوكراني إذ أن أوكرانيا لم تكن تمتلك التقنيات والمعدات الكافية لضمان سلامة كل ذلك السلاح النووي، وقدمت حينها روسيا لأوكرانيا ضمانات بعدم الغزو الروسي لها والاعتراف باستقلالها.
أسباب الصراع بين روسيا وأوكرانيا
هناك العديد من نقاط الخلاف بين كل من روسيا وأوكرانيا ولعل أبرزها
- رغبة أوكرانيا بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
- خوف الروس من وجود حلف شمال الأطلسي على حدودهم.
- ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014.
الخلافات بين روسيا وأوكرانيا في عهد فلاديمير بوتين
بدأت الخلافات بين موسكو وأوكرانيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين في عام 2003 عندما بدأت روسيا ببناء سد في مضيق كريتش نحو جزيرة كوسا توسلا الأوكرانية، وازدادت الأمور حدة بين البلدين إلى أن التقى الرئيسين وأوقف بناء السد، وفي خلال انتخابات أوكرانيا الرئاسية لعام 2004. دعمت موسكو المرشح المقرب منها فيكتور يانوكوفيتش إلا أن الثورة البرتقالية في أوكرانيا أدت لعدم فوزه. وفاز في وقتها الرئيس فيكتور يوشتشينكو المقرب من الغرب. والذي قطعت إمدادات الغاز الروسي خلال فترته لمرتين في عامي 2006 و2009.
انضمام أوكرانيا لحلف الناتو
حاول الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش طرح فكرة ضم كل من أوكرانيا وجورجيا لحلف شمال الأطلسي في عام 2008. ولكن الأمر قوبل بالرفض الشديد من قبل موسكو. وحالت كل من فرنسا وألمانيا دون تنفيذ خطة جورج بوش. وطرحت مسألة ضم جورجيا وأوكرانيا إلى حلف الناتو في قمة بوخارست ولكن لم يحدد الموعد حينها. وبسبب عدم نجاح الانضمام لحلف الناتو، ارتبطت أوكرانيا مع الغرب من خلال اتفاقية التعاون مع الاتحاد الأوروبي، ثم بعد أشهر من توقيع الاتفاق. ضيقت موسكو الخناق على كييف من خلال عقوبات اقتصادية وتخفيض الواردات مما أدى لموجة من الاحتجاجات أدت إلى تجميد الحكومة وفرار رئيسها يانوكوفيتش إلى روسيا في عام 2014.
وفي ذات الوقت بدأت قوات موالية لروسيا بالتجمع في منطقة الدونباس. والتي تعتبر المصدر لأكثر من ثلثي الفحم الحجري لأوكرانيا. وكان الهدف هو الانتفاضة والحصول على الاستقلال، وأعلن عن جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك، ولكن لم تبدي كييف أي ردة فعلة وانتظرت لنهاية الانتخابات الرئاسية التي حصلت في شهر مايو لعام 2014 والتي أسفرت عن فوز المرشح الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو المقرب من الغرب. وعندها أطلقت الحكومة لعملية عسكرية تحت اسم “حرب على الإرهاب” بهدف إعادة السيطرة على المناطق المنتفضة. ولكن تلقى المنتفضون دعمًا كبيرًا من روسيا حال دون سيطرة كييف عليهما، مما أجبر أوكرانيا على توقيع اتفاق مينسك.
وحتى بعد الاتفاق بدأ صراع بالوكالة بين القوات الموالية لروسيا والتي تطالب بالانفصال وبين كييف، وفي عام 2015 شن الانفصاليون هجومًا كبيرًا منيت على أثره القوات الأوكرانية بهزيمة، مما أجبر الجيش الأوكراني على الانسحاب. وعقد اتفاق مينسك 2 بهدف إحلال السلام ومنح الجمهوريتين حكمًا ذاتيًا مع بقاء تبعيتهما لكييف.
ويعود انزعاج موسكو من كييف بسبب رغبتها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والذي يشكل خطًا أحمر بالنسبة لبوتين. خوفًا من وجود حلف الناتو على حدوده، وذلك بسبب الفصل الخامس من اتفاقية الناتو والتي تعتبر أي هجوم على أي دولة ضمن أعضاء الحلف كأنه هجوم على الحلف بأكمله، وفي حال حدث ذلك يعني ستضطر كل من أمريكا والدول الأوروبية في دخول حرب مع روسيا، مما سيسبب لاندلاع حرب عالمية ثالثة.
ضم شبه جزيرة القرم لروسيا
عقب الاحتجاجات القائمة في كييف في عام 2014. ومحاولة الغرب لوضع حكومة مواليه له بشكل كبير والسيطرة على السلطة فيها. شعرت موسكو بالخطر من أنها ستفقد أهم منفذ لها على البحر الأسود. ولذلك عملت على دعم مسلحين انفصاليين في القرم، ودخلت إلى القرم بزريعة حماية المدنيين وحفظ السلام. وأجرت استفتاءً شعبيًا بهدف انضمام شبه جزيرة القرم لروسيا والذي جاءت نتيجته بالموافقة الكاملة للانضمام لروسيا وانفصالها عن أوكرانيا.
الغزو الروسي لأوكرانيا في 2025
في بداية شهر نوفمبر لعام 2025، عملت روسيا على نقل أعداد كبيرة من القوات إلى الحدود الأوكرانية. واعترف الرئيس فلاديمير بوتين باستقلال المنطقتين الأوكرانيتين المسيطر عليها من قبل انفصاليين مدعومين من روسيا، وذلك الأمر الذي عده رئيس أوكرانيا بمثابة إعلان حرب، كما أصدر بوتين أوامر لقواته بدخول هاتين المنطقتين بهدف إحلال السلام، بالإضافة إلى دخول القوات الروسية لحرب مع القوات الأوكرانية بهدف تخلصيها من “النازيين الجدد” تبعًا لما تقوله روسيا.
هل بدأت الحرب العالمية الثالثة
إلى هذه اللحظة فالجواب هو، لا لم تبدأ، إذ صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن بلاده لن تدخل في حرب عسكرية مع روسيا في موسكو. وأصدر العديد من العقوبات الشديدة على البنوك والمصارف الروسية. وصرح بأن أي هجوم على أي دولة ضمن حلف الناتو من قبل روسيا ستعمل للدفاع عنها بكامل عتادها وجاهزيتها العسكرية. وفي حال فكرت روسيا غزو أي دولة من دول حلف شمال الأطلسي، ذلك سيعني حربًا عالمية لا مفر منها، خصوصًا أن دول، مثل: بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وأمريكا هي جزء من حلف الناتو.
وفي الختام، تحدثنا عن أبرز مراحل الخلاف بين روسيا وأكرانيا، وعن احتمالية نشوب حرب عالمية ثالثة، آملين ألا تحدث مثل هذه الحروب. وأن يعم السلام في العالم. إذ أن أي حرب عالمية قادمة من الممكن أن تسبب في دمار البشرية. خصوصًا مع التطور الكبير في مجال الأسلحة النووية.