ما حكم الإفطار في صيام القضاء

ما حكم الإفطار في صيام القضاء كثيرًا مايتردد هذا السؤال ويتصدّر قائمة الاستفسارات لدى المسلمين. وقد كان لكل مذهب رأيه في هذا الحكم ولكن أجمع العلماء أن الصيام يضيف على حياتنا لونًا باهرًا يجمع المسلمين فيها على عاداتٍ واحدة يتقربون بها إلى الله. الطعام والشراب والشهوات والكلام والمشاعر والنفس كلها تُضبط التزامًا به. وهو فرض ولايجوز للمسلم الإفطار إلا بعذر شرعي. ولكن ماهو صيام القضاء؟؟ وماهو حكم إفطار المسلم أثناء صيام القضاء؟

سنعرض في مقالتنا هذه صيام القضاء وحكم الإفطار فيه ووقت تنفيذه. وتفصيل العلماء له وتبيان رأي كل مذهب. مع الإطلاع على الأعذار المبيحة للإفطار وماذا يترتب على المسلم في حال الإفطار في صيام القضاء بالجماع.

صيام القضاء في السنة النبوية الشريفة

كما  هو معروف لنا في الإسلام أن الصيام فرض على المسلمين وركن من أركان الإسلام الخمسة وقد ثبت ذلك في السنة النبوية وذكر بالقرآن الكريم وأجمع عليه العلماء. حيث لا يجوز الإفطار فيه إلا بعذر شرعي. لكن الإسلام هو دين يسر ولين، فكل من كان لديه عذر شرعي حقيقي يجوز له الإفطار بشرط قضاء الأيام التي أفطرها. ويفضل أن يتم الصيام على سعة في الفترة الممتدة من نهاية رمضان إلى ما قبل رمضان في العام الذي يليه. ويمكن للمسلم قضاء الأيام هذه متتابعة أو متفرقة.

فمن كان يصوم صيام قضاء وأفطر لعذر محدد كسفر أو مرض أو غيرها وجب عليه قضاء الأيام التي أفطرها ولايكون عليه إثم ولا ذنب ولكن إن أفطر بغير عذر كان بخلاف الحكم السابق. وعند صيام أيام القضاء التي أفطرها  لا يجب عليه أن يصوم عنها إنما فقط يصوم عن الأيام الأصلية التي أفطرها.

وقد ورد مثل ذلك في السنة النبوية حيث في رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب شرابا , فناولها لتشرب فقالت : إني صائمة ولكني كرهت أن أرد سؤرك، فقال : يعني :” إن كان قضاء من رمضان فاقض يومًا مكانه، وإن كان تطوعًا، فإن شئت فاقض، وإن شئت فلا تقض”.

حكم الإفطار في صيام القضاء

  • فصّل العلماء في حكم الإفطار في صيام القضاء وكان لكل مذهب رأيه، وفق التالي:
    • الشافعيّة: أقر أهل هذا المذهب إلى أنه يجب إتمام الصيام إن كان الفطر بغير عذر حتى نهاية اليوم وذلك لوجوب قضاء صيام ذلك اليوم.
    • الحنفيّة: أقر أهل هذا المذهب بأنه يجب قضاء الصيام على من أفطر بعذر ومن أفطر بغير عذر، ولكن الجدير بالذكر أنه لقضاء الصيام يجب أن يكون له شروط من الضروري توافرها، وهي القدرة على القضاء. فمن أفطر بعذر المرض ولم يستطع لأنه بقي سقيمًا، ومن ثم توفي فذمته بريئة ولكن الإثم يقع على من أفطر دون عذر لأنه أفسد صيامه وتصرفه غير مقبول.
    • المالكية: أجمعوا على وجوب القضاء لكل من أفطر متعمّدًا سواء بعذر أو بدون عذر وكان الاختلاف على فكرة أنه من دخل في صيام قضاء وأفطر هل يتوجب عليه الصيام عن اليوم الأصل فقط أم عن يوم الأصل ويوم القضاء هذا.
    • الحنابلة: أجمعوا أنه يتوجب الصيام في حال نوى المسلم الصيام ويحسب صيامه هذا كصيام أيام شهر رمضان إذ لايجوز له الإفطار إلا بعذر شرعي أما في حال نوى الصيام، ولكن لم يدخل بالصيام يمكن له الإفطار ونقل الصيام ليوم آخر. أي إن دخل المسلم في صيام الواجب يجب عليه أن يكمله ولا يجوز له الإفطار إلا بعذر و إن أفطر في مثل هذه الحالة يأثم ويبقى صيام ذلك اليوم في ذمته.

حكم من أفطر في صيام القضاء بالجماع

أجمع العلماء أنه يبطل الجماع صيام القضاء و أنه لا يترتب على ذلك قضاء كفّارة و فصّل كل مذهب ذلك كما يلي:

  • الشافعية: أجمعوا أن الجماع يبطل صيام القضاء سواء قضاء لنذر أو قضاء لرمضان و أنه لا يترتب على من أفطر كفّارة.
  • الحنفيّة: أجمعوا على أن من أفطر صيام القضاء بالجماع لا يتوجب عليه دفع كفّارة لأن الكفّارة خاصة بأيام شهر رمضان إذ يحرّم الإفطار في شهر رمضان بخلاف باقي أيام السنة.
  • المالكية: أجمعوا على فساد يوم القضاء بالجماع وترتب عليه إثم في هذ اليوم ولايترتب عليه كفّارة.
  • الحنابلة: أيضًا أجمعوا على فساد يوم القضاء بالجماع ولايترتب عليه كفّارة، وأنه لديهم أوقات قضاء الصيام واسعة لذا يجوز الإفطار للضرورة.

 

الأعذار المبيحة للإفطار في الصيام

  • المرض: المرض يعتبر من الأعذار المباحة للأفطار لقوله تعالى: ((فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)). ويقصد بالمرض هنا الذي يعود على صاحبه بزيادة السقم في حالة الصيام. ويسبب له آلامًا لا يمكن تحملها أو قد يفقده حاسة من حواسه أو قد يسبب الصيام تأخره في الشفاء ويرجع ذلك لشهادة طبيب ثقة. أما الأمراض التي لا يؤثر الصيام بها ولا يسبب زيادتها ولايؤخر شفاء المريض فلا يجوز له الإفطار بأي حال من الأحوال.
  • السفر: يباح للمسافر الفطر إن شق عليه السفر. ومن ثم يجب قضاء الأيام التي أفطرها ما إن انقضى سفره ويشترط أن يكون سفره مباحًا. فلا يجوز الإفطار إن كان سفرًا مراد به التحايل وارتكاب المعاصي.
  • الحمل والإرضاع: الحامل والمرضعة إن كان لصيامها ضررًا على نفسها وعلى رضيعها أفطرت وقضت أيام إفطارها لاحقًا.
  • الحيض والنفاس: المرأة في مرحلة الحيض والنفاس تفطر، وإن صامت فلا يصح صيامها ويجب عليها القضاء بعد الانتهاء من هذه الفترة.
  • الكبير في السن: إن الكبار في السن الذين لا تقوى أجسادهم على الصيام يفطرون، ووجب عليهم الفدية عن كل يوم فطر فيه.

وقت تنفيذ صيام القضاء

في الصيام تقرّبٌ من الفقراء والضعفاء يدعو الغني لمساعدتهم والعطف عليهم. وكما هو معروف أن الصيام له فضائل متعددة في الإسلام وتوجد العديد من الآيات والأحاديث التي تستشهد بفوائده وأهميته. فالصيام يعوّد النفوس على الكرم و العطاء ويحثّ الصيام على دفع الصدقات وإطعام الفقراء والمساكين.

ولكن اختلف العلماء على وقت تنفيذ صيام القضاء، حيث أن الشافعيون قالو لا يصح قضاؤه في رمضان الحالي. أما الحنفية إن صيام رمضان الحالي صحيح.

ولكن أجمع العلماء أنه يفضل قضاء الأيام التي أفطرها المسلم من رمضان بعد رمضان مباشرة وبشكل متتابع وذلك ليكسب رضا الله تعالى.

وفي ختامنا مقالنا هذا نكون قد اطلعنا  على أهم الأسباب التي يجوز بها الإفطار وعلى حكم الإفطار في صيام القضاء، وذلك باختلاف آراء جميع المذاهب. ولكن في النهاية لا بد من التذكير بأن الصيام ركن من أركان الإسلام، وفرض پأمر من الله تعالى، لذا لا يجب التهاون في تنفيذه.

Scroll to Top