ما تأثير الرضاعة على صحة الأم؟ لعل هذا السؤال يراودك الآن سيدتي. سيما إذا اقترب موعد ولادتك أو كنتِ ترضعين طفلك، وترغبين بمعرفة تأثير الرضاعة على صحتك. مما لا شك فيه أن عرض ثدي الأم على الرضيع حق لا جدال فيه البتّة. لكل من الأم، وطفلها أيضًا على حد سواء. لذا، وانطلاقًا من أهمية الرضاعة الطبيعية، وتأكيدًا على تأثير الرضاعة المهم، والذي لا يمكننا تجاهله، يبذل الأطباء اليوم جهودًا حثيثةً في متابعة النساء المرضعات، والحوامل أيضًا. عن طريق حملات التوعية، والتي تهدف إلى تشجيعهن على الرضاعة الطبيعية لمدة تصل إلى 6 أشهر كحد أدنى. مع التأكيد على أهمية استمرار الرضاعة الطبيعية حتى يبلغ الطفل عامه الثاني.
من المعروف عند الغالبية العظمى من الناس أن الرضاعة الطبيعية هي خطوة مهمة، وأساسية في العملية الإنجابية للمرأة. نظرًا لأنها تعود على الأم، والطفل بفوائد كثيرة، لكن كثيرًا ما يتم تركيز الاهتمام على أهمية الرضاعة للطفل. من دون لفت النظر إلى تأثير الرضاعة على صحة الأم. لذا سنتناول في هذا المقال تأثير الرضاعة على صحة الأم، وحالتها النفسية أيضًا.
تأثير الرضاعة على صحة الأم
يعزز الإرضاع الطبيعي العلاقة بين الأم، ووليدها أيضًا. كما يعتبر أحد الأشكال الطبيعية لتنظيم الأسرة، وذلك من خلال مباعدة الفترة الزمنية بين الحمل، والحمل الذي يليه. تعود الرضاعة الطبيعية بالكثير من الفوائد على الأم المرضع، وذلك على المدى القصير، والبعيد أيضًا.
فوائد الرضاعة على المدى القصير
إذ تساعد الرضاعة الطبيعية في تسريع تعافي المرأة بعد الولادة، وذلك بفضل هرمون يدعى بـ “هرمون الأوكسيتوسين“. يفرز هذا الهرمون أثناء الرضاعة الطبيعية، وله دور فعال في تقلص الرحم، فهو بالتالي يساعد في إعادة الرحم إلى حجمه الطبيعي قبل الولادة. كما أنه يقلل من كمية النزيف التالي للولادة أيضًا.
فوائد الرضاعة على المدى البعيد
تقلل الرضاعة الطبيعية من خطر إصابة المرأة بعدة أنواع من السرطانات. مثل سرطان الثدي، وسرطان المبيض، بالإضافة إلى تقليل احتمال الإصابة بداء السكري من النمط الثاني. كما تسهم الرضاعة الطبيعية في الحد من ارتفاع ضغط الدم عند النساء المرضعات.
حليب الثدي
يتكون حليب الثدي بشكل أساسي من اللاكتوز، والبروتين، والشحوم، والماء. يتكون البروتين بشكل أساسي من الألبومين السكري، والغلوبولين السكري، والكازينوجين. كما يحتوي على أضداد مثل IgA، igM، وIgG.
أما بالنسبة لحجم حليب الثدي، فتكون كميته قليلةً خلال الأربع وعشرين الساعة الأولى التالية للولادة، ومع انتظام الإرضاع يزداد حجم الحليب بشكل ثابت. حتى يبلغ وسطيًا في اليوم السادس 500 مل. أما عند الاعتماد التام على الإرضاع قد يصل حجمه إلى 800 مل. كما توصي منظمة الصحة العالمية بضرورة اقتصار الرضاعة على حليب الأم خلال الأشهر الستة الأولى من العمر. مع التأكيد على فوائد الاستمرار به حتى 24 شهرًا إن أمكن.
ميزات حليب الثدي
- يحوي على عناصر غذائية كافية لتأمين النمو الصحيح، والتطور الفيزيائي، والروحي، والحركي الطبيعي.
- تركيز البروتين منخفض في حليب الأم. الأمر الذي يسهل عمليات الهضم عند الرضيع.
- يحوي على حموض دسمة طويلة السلسلة غير مشبعة، وهي ضرورية لنمو الدماغ، وقيامه بوظائفه.
- حليب الثدي ذو حرارة مناسبة للرضيع.
- خالٍ من الجراثيم.
- تحسين نسبة البقيا على قيد الحياة لدى الرضع، وبشكل ملحوظ عند البلدان ذات الدخل المنخفض، وذلك لأنه يحتوي على أضداد ضرورية.
- يحمي الرضيع من الإصابة بالإنتانات المعوية. مثل (الإسهالات، والتهاب الأمعاء، والقولون النخري)، بالإضافة إلى الإنتانات التنفسية السفلية، وأيضًا التهابات الأذن الوسطي. كما أن له دورًا فعالًا في تقليل خطر الإصابة بالمشاكل التحسسية، كالربو، والتهاب الجيوب التحسسي.
التبدلات الهرمونية التالية للولادة
فيزيولوجيًا، وعند الحديث عن التغيرات التي تصيب المرأة أثناء الحمل، وبعد الولادة، وأيضًا خلال فترة الإرضاع. لا بد إذًا من تسليط الضوء على التغيرات الهرمونية التي تصيب جسد المرأة خلال هذه المراحل من حياتها.
بدايةً، يجدر بنا أن نشير إلى أن جسم الأنثى يفرز هرموني “الأستروجين“، و”البروجسترون” منذ سن البلوغ. إلا أن تركيز هذين الهرمونين يزداد، وبشكل ملاحَظ أثناء فترة الحمل. الأمر الذي يفسر توقف حدوث الدورة الطمثية خلال مدة الحمل كاملةً، وذلك بسبب تأثير زيادة تركيز الهرمونين السابقين على المركز المسؤول عن تنظيم الدورة الشهرية مما يسبب توقفها.
إن التركيز المرتفع لهرموني البروجسترون، والأستروجين خلال فترة الحمل ضروري لزيادة سماكة بطانة الرحم، وإرخاء عضلات الرحم، بالإضافة إلى زيادة في التروية الدموية في منطقة الرحم. مما يوفر المساحة، والتغذية الكافية لنمو الجنين، وتطوره، لكن عند اقتراب موعد الحمل يزداد إفراز هرمون آخر، وهو هرمون “الأوكسيتوسين“. يعد هذا الهرمون مسؤولًا عن التقلصات الرحمية السابقة للولادة، والتي تعرف بـ”المخاض“. يستمر إفراز هذا الهرمون بعد الولادة. بينما يتناقص إفراز هرموني البروجسترون، والأستروجين بسرعة حتى تصل إلى مستوياتها الطبيعية عند النساء غير الحوامل ، وذلك خلال الأربع وعشرين الساعة الأولى التالية للولادة.
الرضاعة واكتئاب ما بعد الولادة
“اكتئاب ما بعد الولادة“. لعلك ستتفاجئين سيدتي بادئ الأمر. على وجه الخصوص إن لم تخوضي تجربة الحمل حتى اللحظة، لكن في الواقع إن اكتئاب ما بعد الولادة حقيقة علمية، وملاحظة أيضًا عند الكثير من الأمهات. بتعريف أدق، يمكن القول أن اكتئاب ما بعد الولادة هو حالة من الحزن، والخوف، والقلق تصيب العديد من النساء بعد تجربة الحمل، والولادة. كما تكون هذه الحالة مترافقةً أيضًا بصعوبة في اتخاذ القرارات.
هناك العديد من العوامل المسببة لاكتئاب ما بعد الحمل. يأتي في مقدمتها التغيرات الهرمونية أثناء الحمل، وبعده. هذا بالإضافة إلى عوامل إضافية عند نساء أخريات. مثل انخفاض تركيز هرمونات الغدة الدرقية، والتي تساعد في تنظيم آلية استخدام الجسم للطاقة. الأمر الذي يؤدي إلى اكتئاب، ومشاكل في النوم، وأيضًا التركيز، وربما زيادة في الوزن.
الأمر الجدير بالذكر في هذا السياق أن الكثير من الدراسات أكدت تأثير الرضاعة الطبيعية على التقليل من حدوث اكتئاب ما بعد الولادة، وذلك من خلال منح شعور إيجابي للأم المرضعة، وإحساس بالرضا يتفوق على الاكتئاب.
إلى هنا نكون قد وصلنا وإياكم إلى ختام مقالنا، وحري بنا أن نذكر بأن علاقة الأم بطفلها هي المثال الأعظم لعلاقة الحب غير المشروط. الأم هي قلب الحياة النابض، من منصة كيف، تحية إجلال لكل الأمهات في العالم!