الداء السكري نمط ثاني أو كما يسمى بالسكري الكهلي لأنه يصيب الأفراد في أعمار متقدمة. حيث أنه يتعلق بنمط حياة الفرد بشكل كبير، بالإضافة للبدانة الشديدة والعامل الوراثي أيضًا. يتميز هذا النوع بأنه غير معتمد على الأنسولين كالنمط الأول، حيث يمكن أن تحتفظ بعض الخلايا في البنكرياس بقدرتها على إفراز الأنسولين (عوز أنسولين نسبي)، لكن تتطور ظاهرة المقاومة لعمل الأنسولين هي المسبب الرئيسي لهذا المرض. وتوضح هذه الآلية سبب تأخر ظهور الأعراض أو عدم وجود أعراض صريحة وحادة للمرض، وبالتالي تأخر تشخيص المرض لفترة طويلة، قد تنتهي بتطور اختلاطات عديدة ومختلفة الشدة وخطيرة أحيانًا. إن الداء السكري هو المرض الاستقلابي الأشيع والأهم لدى معظم الناس في دول العالم كافة. لذا سنعرض لك عزيزي القارئ لمحة مفيدة عن الداء السكري نمط ثاني والعوامل المحرضة له. كما نود أن نسلط الضوء على بعض الاختلاطات الخطيرة التي قد يسببها. نأمل أن يكون مقالنا مميزًا وينال إعجابكم.
عوامل الخطر في الداء السكري نمط ثاني
تشمل عوامل الخطر لمرض السكري من النوع 2 ما يلي:
- التاريخ العائلي (أحد الوالدين أو الأخوة).
- الجنس (حيث أن الإناث أكثر عرضة للإصابة بالداء السكري).
- البدانة وزيادة الوزن غير الطبيعية، فهي تنقص من حساسية الأنسجة للأنسولين. كما تزيد نسبة الحدثيات الالتهابية والخثارات، التي تسرع من حدوث الاختلاطات المتوقعة.
- ارتفاع ضغط الدم ( 140/90 ملم زئبق).
- انخفاض مستوى الكوليسترول HDL (الكوليسترول الجيد) تحت 40 ملغ/ديسيلتر وارتفاع مستوى الدهون والشحوم الثلاثية فوق 150 ملغ/ديسيلتر.
- التدخين.
- قلة الحركة أو انعدام النشاط البدني.
- أن يبلغ الفرد من العمر 45 عام أو أكثر.
- الإصابة بمتلازمة تكيس المبايض.
- وجود سوابق مرضية للإصابة بأمراض القلب أو السكتة الدماغية.
- الإصابة بالسكري الحملي أو ولادة طفل يزن أكثر من 9 أرطال.
- أن يكون الفرد أمريكيًا من أصل أفريقي أو من أصل إسباني أو من جزر المحيط الهادئ.
الأعراض العامة للداء السكري
قد يكون المرضى الذين لديهم داء السكري نمط ثاني لا عرضيين أو يراجعون بتعب ووهن مزمن. لكن الأعراض العامة والشائعة للداء السكري على اختلاف أنواعه هي كالتالي:
- العطاش.
- الجوع الشديد (فرط تناول الطعام).
- فقدان الوزن (رغم الشهية الجيدة).
- البوال (خاصة البوال الليلي).
- الشعور بالتعب والوهن العام.
- تشوش الرؤية (الرؤية الضبابية).
- تأخر اندمال الجروح.
- الصداع وضعف التركيز في بعض الحالات.
- أعراض مميزة للرجال: ضعف الانتصاب وضعف قوة العضلات.
- أما الأعراض التي تميز النساء: التهابات المسالك البولية والنسائية المتكررة.
اختلاطات الداء السكري القلبية والوعائية
تعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية هي المصدر الرئيسي للوفيات بين مرضى السكري من النوع 2. حيث يموت ما يقارب ثلثي المرضى بسبب أمراض القلب أو السكتة الدماغية. كما يواجه الرجال خطرًا مضاعفًا للإصابة بأمراض القلب التاجية. بينما تزداد مخاطر الإصابة بأمراض القلب لدى النساء بنسبة مضاعفة.
كما تشمل الاختلاطات المتعلقة بأمراض القلب والأوعية الدموية ما يلي:
- أمراض الشرايين التاجية.
- ألام الصدر و(الذبحة الصدرية).
- النوبات القلبية.
- السكتة الدماغية.
- ارتفاع ضغط الدم.
- ارتفاع نسبة الكوليسترول وتصلب الشرايين (تضيق الشرايين). حيث يحدث التصلب العصيدي لدى مرضى السكري بشكل أبكر وأكثر امتدادًا وشدة.
تصنيف اختلاطات الداء السكري بالاعتماد على نوع الأوعية الكبيرة
- الإكليلية: احتشاءات العضلة القلبية وأمراض نقص التروية.
- الدماغية: السكتات الدماغية ونوبات إقفارية عابرة.
- المحيطية: أعراض نقص التروية في الأطراف والعرج المتقطع.
تصنيف اختلاطات الداء السكري بالاعتماد على نوع الأوعية الصغيرة
- إصابات عينية: اعتلال الشبكية والساد واضطرابات الرؤية.
- أذية كلوية: كتطور القصور الكلوي.
- اعتلالات الأعصاب: ضعف حسي وحركي، اضطراب الأعصاب القحفية، والذاتية، واعتلال العضلات المؤلم.
- أمراض القدم والتهابات الجلد والتقرحات التي تلتئم بصعوبة.
اعتلال الشبكية السكري
- يعد اعتلال الشبكية السكري أحد مضاعفات مرض السكري، والاختلاط الأكثر شيوعًا له. ينتج عن ارتفاع مستويات السكر في الدم التي تلحق الضرر بالجزء الخلفي من العين (شبكية العين). ويمكن أن يسبب العمى إذا ترك دون تشخيص ودون علاج فترة طويلة.
- لن تلاحظ أعراض أو علامات اعتلال الشبكية في المراحل المبكرة، حيث لا تظهر عليه أي أعراض واضحة حتى يصبح المرض أكثر تقدمًا. لذلك يجب فحص قعر العـين عنـد المرضى مرة واحدة على الأقل سنويًا.
- في البداية تظهر انتفاخات صغيرة في الأوعية الدموية (أمهات دم)، والتي قد تتمزق وتنزف نظرًا لطبيعتها الهشة فتشكل نزوفًا تدعى (النزوف النقطية أو البقعية). وبعد ذلك تترقى الحالة وتبدأ عملية تشكل الأوعية الدموية الجديدة، والتي عادة ما تكون غير طبيعية (هشة وضعيفة وسهلة التمزق). ينتج عن تمزقها نزوفًا في شبكية العين والزجاجي، ثم يحدث التليف والتندب على أرضية هذه النزوف مسببة انفصال الشبكية الشدي.
الأعراض التي يسببها اعتلال الشبكية السكري
- تدهور الرؤية تدريجيًا.
- قد يتطور فقدان الرؤية بشكل مفاجئ.
- رؤية غير واضحة أو غير مكتملة.
- رؤية الأجسام الطافية أو العوامات (الذباب الطائر floaters).
- ألم أو احمرار في العين.
- في بعض الحالات قد يحدث العشى الليلي (ضعف الرؤية في الليل).
- صعوبة في رؤية الألوان والتمييز بينها.
عوامل خطر حدوث اعتلال الشبكية السكري
- الداء السكري طويل الأمد وغير المضبوط بشكل جيد.
- ارتفاع ضغط الدم المستمر.
- ارتفاع الشحوم والكوليسترول إلى مستويات عالية.
- اعتلالات الكلية.
- البدانة والتدخين.
- الحمل.
الاختلاطات الكلوية للداء السكري
يعتبر الداء السكري السبب الأكثر شيوعًا لقصور الكلية المزمن في العالم. حيث يعتبر مرض السكري مسؤولًا عن 30-40 ٪ من جميع حالات مرض الكلى في نهاية المرحلة (الداء الكلوي بمراحله الأخيرة). كما أنه أحد أهم المضاعفات طويلة الأمد والتي تتعلق بالمراضة والوفيات عند الأفراد المصابين. في المرحلة النهائية يصبح المريض بحاجة إلى الغسيل المتكرر للكلى أو زرع كلية جديدة.
علامات وأعراض اعتلال الكلية السكري
يجب أخذ اعتلال الكلية السكري في عين الاعتبار عند المرضى المصابين بالداء السكري ولديهم إحدى هذه السوابق التالية:
- بيلة بروتينية غير مفسرة.
- زيادة الحاجة للتبول وخروج بول غير طبيعي.
- اعتلال الشبكية السكري.
- التعب ووذمة القدم الناتجة عن نقص ألبومين الدم (في حالة وجود المتلازمة الكلوية).
- الاضطرابات الأخرى المرتبطة بها مثل الاختلاطات الناتجة عن انسداد الأوعية الدموية المحيطية أو ارتفاع ضغط الدم أو مرض الشريان التاجي.
تشخيص اعتلال الكلية السكري
يتميز اعتلال الكلية السكري في مراحله الأخيرة بما يلي:
- بيلة ألبومبن مستمرة (مقدارها > 300 ملغ/اليوم أو > 200 ميكروغرام/دقيقة)، وذلك عن طريق إجراء تحليلين متتالين بفاصل 3-6 أشهر.
- انخفاض في معدل الترشيح الكبيبي (GFR).
- ارتفاع ضغط الدم الشرياني.
- تغيرات بارزة في الفحص المجهري للكليتين.
يعد تحليل البول على مدار 24 ساعة لليوريا والكرياتينين والبروتين مفيدًا للغاية. كما تساهم اختبارات الدم، بما في ذلك حساب معدل الترشيح الكبيبي في مراقبة تطور أمراض الكلية. بالإضافة لذلك يمكن إجراء تصوير للكلية بالموجات فوق الصوتية لمراقبة حجمها مثلًا.
اعتلال الأعصاب السكري
- يعد من الاختلاطات الشائعة عند أغلب الأشخاص المصابين. تزداد نسبة حدوثه بطول مدة المرض وشدته والضبط السيء له.
- تشمل الإصابة أي جزء من الجملة العصبية مثل (الأعصاب الحسية، الحركية، القحفية، والذاتية). حيث أن الشكاية الناتة عن المرض تختلف باختلاف العصب المصاب.
كما تختلف الأعراض حسب المنطقة المصابة أو العصب المصاب. وتشمل العلامات والأعراض الشائعة للأنواع المختلفة لاعتلال الأعصاب السكري ما يلي:
- اضطراب أو فقدان حس اللمس (يأخذ شكل القفازات والجوارب).
- صعوبة في التنسيق والتوازن عند المشي.
- الشعور بخدر ونمل في اليدين والقدمين أو الإحساس بألم متفاوت الشدة أيضًا.
- الإحساس بالوخز والحرقان في القدمين، تسوء الحالة ليلًا.
- ضعف العضلات أو الهزال.
- غياب المنعكسات الوترية في بعض الحالات.
- عدم القدرة على الشعور بالحرارة أو البرودة أو الإصابة الجسدية.
- الغثيان والإقياء أو عسر الهضم.
- الإسهال أو الإمساك.
- دوار أو دوخة عند الوقوف.
- هبوط الضغط الانتصابي.
- التعرق المفرط أو فقدانه أحيانًا.
- الضعف الجنسي عند الرجال واضطراب الانتصاب.
- مشاكل في المثانة أو حدوث سلس بولي عند البعض.
- الإصابة بمفصل شاركو وغالبًا في القدمين، حيث ينهار المفصل ويتخرب ويتشوه أيضًا.
القدم السكرية
هو اختلاط خطير وكثير الحدوث عن المسنين عادة. كما يعد تنخر أنسجة القدم سببًا شائعًا للاستشفاء عند مرضى الداء السكري. إذ في البداية يتعرض المريض لرض بسيط على القدم، ينجم عنه تقرح جلدي درجته خفيفة، لكن المريض لا يلاحظ هذه الأذية في كثير من الحالات. لذلك تتطور تدريجيًا نحو الأسوأ، وينتج عن ذلك تموتًا في المنطقة المصابة أو ما يسمى (القدم السكرية). سنذكر أهم العوامل المشاركة في هذه الآلية، وهي كالتالي:
- الاعتلال الوعائي ونقص التروية.
- الإصابة العظمية والمفصلية.
- الاعتلال العصبي الحسي والذاتي.
- الإنتان وإهمال قواعد النظافة.
- لبس الأحذية غير المناسبة.
يجب أن يكون هناك فحص دوري شامل لكل مريض سكري كبير بالعمر، وذلك من قبل الطبيب المشرف عليه أو ممرضة متدربة أو أخصائي عناية متخصص بمرض السكري واختلاطاته وطرق علاجها والوقاية منها.